أنتهى عهد الدولار الرخيص. هذه هي الاشارة التي أعطتها رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي" البنك المركزي الاميركي" جانيت يلين للأسواق العالمية مساء أمس.
وظلت البنوك الاميركية طوال السنوات التي تلت الازمة المالية تستفيد من القروض الدولارية الرخيصة التي تحصل عليها من "المركزي الاميركي" بفائدة 0.25% وتتاجر بها في الأسواق الناشئة التي تصل نسبة الفائدة فيها الى 4 و5%. وبالتالي شهدت الاسواق الناشئة ومنذ بدء برنامج التحفيز الكمي تدفقات دولارية ضخمة ساهمت من جهة في انعاش هذه الاسواق خاصة الاسواق الاسيوية وأسواق أميركا اللاتينية، ومن جهة أخرى مكنت البنوك الاميركية من تحقيق أرباح كبيرة والعودة الى النمو والصحة بقوة بعد أن كادت أن تفلس وتقع تحت براثن الافلاس.
هذه البنوك استفادت لاكثر من ست سنوات من الفرق بين نسبة فائدة الاقتراض من "بنك الاحتياط الفدرالي" التي تقارب الصفر وبين نسب الفائدة المرتفعة في العالم الناشئ.
وأثار أعلان يلين عن رفع اسعار الفائدة وفي وقت قريب ربما منتصف العام المقبل 2015 شبه زلزال في الاسواق الناشئة. هذا الزلزال بدء منذ منتصف العام الماضي ولايزال يضرب الاسواق الناشئة. والسبب الرئيسي يعود الى خروج البنوك الاميركية وكبار المستثمرين من هذه الاسواق بسبب أحتمالات رفع سعر الفائدة من جهة وبسبب خفض التحفيز الكمي من جهة أخرى والذي يعني أن البنوك الاميركية وكبار المستثمرين لن يحصلوا على دولارات رخيصة في المستقبل.
وأكبر دليل على استفادة البنوك الاميركية من "فارق سعر الفائدة" هو اعلان المركزي الاميركي اليوم الذي قال فيه أن اختبارات قوة القاعدة الرأس مالية للمصارف الـ 30 الكبرى في الولايات المتحدة أظهرت أن 29 منها لديها قاعدة رأس مالية قوية وبنوعية ممتازة تمكنها ليس فقط من مواجهة اي ركود أقتصادي، بل تستطيع توزيع ارباح على المساهمين.
وتوقع المسؤولون في بنك الاحتياط الفدرالي أن ترتفع نسبة الفائدة على الدولار، واحدا في المئة بنهاية عام 2015 و2.25% في العام 2016.
وكدليل على فعالية تصريحات جانيت يلين، فان الدولار أرتفع في نهاية التعامل اليوم الى 1.3776 يورو في اغلاق لندن.
ويرشح محللون أن يرتفع الى أعلى من ذلك بنهاية العام. وذلك حسب توقعات مصرف "غولدمان ساكس". وفي مقابل الين الياباني فان الدولار يتجه الى كسر حاجز 110 يناً ربما بنهاية العام، حسب مسح وكالة بلومبيرغ. واذا حدث ذلك فسيكون لاول مرة منذ العام 2008 الذي شهد أزمة المال.
ومن المتوقع في حال تواصل قوة الدولار، أن تنخفض الحاجة الى ملاذات آمنة، خاصة الذهب، لأن معظم الموجودات سواء كانت أوراق مالية أو سندات مقيمة في الاسواق العالمية بالدولار. ومادام الدولار قوي فلاداعي للهروب. وبالتالي فالاحتمال الارجح أن تنخفض اسعار الذهب خلال الشهور المقبلة وربما الى قرابة 1050 دولار للأوقية" الاونصة" حسب توقعات مصرف "غولدمان ساكس".
يذكر أن الدولارات الرخيصة كانت وراء فورة أسعار الذهب حتى منتصف العام الماضي، حينما شارفت اسعار الذهب على كسر حاجز 1990 دولاراً للاقية (الاونصة).