انتهاكات الاحتلال بالأقصى ومحيطه تتصاعد: هدم وتجريف يطاول المقابر

12 سبتمبر 2017
أعمال هدم بحرم المسجد الأقصى عام 2013(أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
تتزايد التحديات التي تواجه الهيئات الدينية المقدسية والفلسطينيين منذ أيام، بسبب مواصلة الاحتلال الإسرائيلي سياسة استهداف حرم المسجد الأقصى في القدس المحتلة. وفيما كانت الهيئات منشغلة بطلب مفتش عام شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة، روني الشيخ، من محكمة صلح الاحتلال الموافقة على إغلاق مقر قديم مغلق لـ"لجنة التراث" في المسجد الأقصى، صُدمت هذه الهيئات ومعها المقدسيون بحجم أعمال الهدم والتجريف التي استهدفت، أمس الإثنين، للمرة الثالثة على التوالي، مقبرة "الشهداء" الملاصقة للمسجد الأقصى. وهذا المكان يعتبر امتداداً طبيعياً للمقبرة اليوسفية ولمقبرة "باب الرحمة" المجاورة. ولديها رمزية خاصة في الوجدان الفلسطيني، إذ يوجد في هذه المقبرة رفات المئات من الجنود العرب، لا سيما الأردنيين الذين قاتلوا دفاعاً عن القدس.

وفي حين غلب هدير جرافات الاحتلال على صراخ رئيس "لجنة المقابر الإسلامية في القدس"، مصطفى أبو زهرة، الذي اعترض على ما يجري، كانت طواقم الهدم والتجريف تعمل على إزالة الجدار الغربي لمقبرة اليوسفية، ما تسبب بتدمير بعض الأضرحة القريبة وتصدع البعض الآخر. واندفع عشرات المقدسيين لاحقاً ومن بينهم القيادي في حركة فتح، حاتم عبد القادر، ليتصدوا للجرافات ويوقفوها مؤقتاً عن عملية الهدم والتجريف. لكن موظفي ما يسمى بـ"سلطة الطبيعة" واصلوا اعتداءاتهم على المقبرة من خلال وضع علامات جديدة، تمهد على ما يبدو لعمليات هدم وتجريف جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأكد أبو زهرة، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن جرافات الاحتلال هدمت الجزء الغربي لسور المقبرة، وأن هذه الأعمال تستهدف تغيير طابع المنطقة حول أسوار المسجد الأقصى والبلدة القديمة من القدس، لصالح إقامة حدائق توراتية ومسارات خاصة للمستوطنين والسياح، وفق تعبيره. وأشار إلى أن المقبرة التي استهدفت بالتجريف هي ما تبقى للمقدسيين لدفن موتاهم فيها. وبيّن أن جرافات الاحتلال هدمت قبل حوالى شهرين خمسين قبراً في هذا المكان، كما تم وضع قوالب إسمنتية جاهزة في منطقة التجريف حتى لا يعاد بناء القبور المهدومة، بحسب قوله.


واعتبر أبو زهرة هذا الاعتداء مكملاً لحملة التصعيد غير المسبوقة التي باتت تستهدف كل ما يتعلق بمقدسات المسلمين، سواء المساجد أو المقابر. ولفت إلى أن المقابر الإسلامية كانت على مدى عقود من الاحتلال هدفاً لطمسها وإزالتها، كما حدث ولا يزال يحدث في مقبرة "مأمن الله"، حيث تعتزم سلطات الاحتلال إقامة ما يسمى بـ"مركز التسامح" على أنقاضها بعدما هدمت المئات من قبور المقاومين، وفق قوله. وذكر أن هذه الممارسات مشابهة لما حصل بمقبرة "باب الرحمة"، حيث اقتطعت سلطات الاحتلال أجزاء كبيرة منها لصالح شق طريق استيطاني هناك يؤدي إلى باب المغاربة، ووضعت يدها على جزء منها لتمنع دفن أموات المسلمين من أبناء بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، على حد تعبير أبو زهرة.

وأكد القيادي في حركة فتح، مسؤول ملف القدس في الحركة، حاتم عبد القادر، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن ما جرى قبل نحو شهر وتكرر أمس، من هدم وتجريف وتخريب، هو اعتداء على أراضٍ وقفية، ومس بحرمة الأموات، وانتهاك لكل المواثيق والأعراف. وحذر من أن "سلطات الاحتلال لم تعد تكتفي بتدنيس الأقصى والقيام بحفريات أسفله، بل باتت تعمل أيضاً في محيطه لإقامة مناطق ومسارات تلمودية عازلة، ستمكن الاحتلال ومستوطنيه من المس بالمسجد الأقصى وفرض سيطرتهم عليه". وقال "نحن في حركة فتح سنتصدى لهذه المخططات، ولن نسمح لهم بتمريرها، وأن هبّة الأقصى والقدس لا تزال ماثلة أمام الجميع، ولن يكون أمام شعبنا إلا الدفاع عن مقدساته"، وفق تأكيده.

وندد رئيس "الهيئة الإسلامية العليا" في القدس، الشيخ عكرمة صبري، بالاعتداء الإسرائيلي الجديد على مقبرة "الشهداء". وقال لـ"العربي الجديد" إن "هذا الاعتداء يثبت أن الاحتلال لا يراعي حرمةً حتى للأموات". وأضاف "من يتجرأ على قتلنا واستباحة دمائنا ودماء أطفالنا لن يتورع عن انتهاك حرمة المقابر والاعتداء عليها". ووجه الشيخ عكرمة نداءً إلى قادة الدول العربية والإسلامية ناشدهم فيه "تحمل المسؤوليات والتدخل لإنقاذ القدس والأقصى"، مؤكداً أن "أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في خطر شديد".