تعرض فيلم "مولان" الجديد الذي طرحته شركة "ديزني" لانتقادات شديدة بسبب تصوير بعض مشاهده في مقاطعة شينجيانغ، التي تُعتبر مسرحاً لانتهاكات حقوق الإنسان ضد الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى.
الفيلم من إخراج نيكي كارو، وهو مقتبس من رسوم متحركة تعود إلى العام 1998 لشركة "ديزني" عن هوا مولان، وهي امرأة شابة تتنكر في زي رجل للقتال في الجيش الإمبراطوري بدلاً من والدها.
ووفقاً لتقارير إعلامية قبل إطلاقه، تم تصوير مشاهد "مولان" في حوالي 20 موقعاً في الصين، بما في ذلك صحراء مينغشا شان، التي يقع جزء منها في شينجيانغ، ووادي تويوك، وهي قرية في واحة شرق توربان.
تعاون مع سلطات "قمعية"
وفي شريط نهاية الفيلم، تقدم "ديزني" "شكراً خاصاً" لثمانية كيانات حكومية في شينجيانغ، بما في ذلك مكتب الأمن العام في توربان، وهي مدينة في شرق شينجيانغ تضمّ عدداً من معسكرات إعادة التعليم التي يؤخذ إليها المسلمون.
كما يعرب الفيلم عن شكره لـ"دائرة الدعاية التابعة للجنة الحزب الشيوعي الصيني لمنطقة شينجيانغ إيغور للحكم الذاتي"، وهي قسم الدعاية للحزب الشيوعي الصيني في شينجيانغ.
وواجهت الصين تدقيقاً دولياً بشأن معاملتها للأقليات المسلمة في شينجيانغ، حيث يُقدر أن مليون شخص على الأقل محتجزون في معسكرات اعتقال خارج نطاق القضاء.
تحدثت نساء الإيغور عن عمليات تعقيم قسري وتحديد للنسل كجزء من حملة حكومية لقمع معدلات المواليد، فيما وصفه الخبراء بأنه "إبادة جماعية ديموغرافية".
ويسلط الناشطون، الذين يطالبون بمقاطعة الفيلم، الضوء الآن على صلته بشينجيانغ، في حين أشار الباحثون إلى أن مكتب الأمن العام في توربان يشرف على ما لا يقل عن 14 معسكر اعتقال في المنطقة، تشرح صحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
ويتتبع الفيلم قصة مولان وهي تنضم إلى الجيش الإمبراطوري للدفاع عن منطقة يشار إليها باسم "شمال غرب الصين" من غزاة روران، البدو الذين أتوا ممّا يعرف الآن بمنغوليا. يأتي إطلاق الفيلم أيضاً في وقت يحتج فيه سكان منغوليا الداخلية، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في الصين، على الإدخال الإلزامي لتعليم لغة الماندرين والمحو التدريجي للغتهم وثقافتهم.
انحياز للأسطورة الصينية
"كل هذا يغذي الأسطورة الوطنية الحالية للصين"، تقول الكاتبة البريطانية جانيت نغ، "إن الأمر لا يقتصر على أن هذا الفيلم صُوّر جزئياً في شينجيانغ، المكان الذي يشهد الإبادة الجماعية حالياً... بل لأنه يصور هؤلاء الأشخاص الذين تُدمّر ثقافتهم حالياً على أنهم الأشرار بينما يبرزون هيمنة الهان والقومية الصينية."
وتدور أجزاء من القصة على طول طريق الحرير التي شكلت منطقة شينجيانغ ذات يوم جزءاً مهماً منها. صرح مصمم الإنتاج للفيلم غرانت ميجور، لـArchitectural Digest، أنه وفريق الإنتاج أمضوا "أشهراً في مقاطعة شينجيانغ الشمالية الغربية وحولها لإجراء بحث حول العمل قبل بدء تشغيل الكاميرات".
وقال غرانت إن الفريق استشار الأكاديميين الصينيين حتى يتمكنوا من "استقراء ما توصلنا إليه واستخدام إبداعنا لجعله يبدو على ما يرام".
ليس أول جدل حقوقي
كانت النسخة الجديدة قد لقيت انتقادات عندما قالت بطلة العمل ليو ييفي، التي تلعب دور مولان، إنها تدعم شرطة هونغ كونغ في حملات القمع، العنيفة في كثير من الأحيان، ضد المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية.
ونشرت الممثلة رابط مقال بعنوان "أنا أدعم الشرطة في هونغ كونغ، بإمكانكم مهاجمتي الآن". وهي الكلمات التي قالها مراسل إحدى الصحف الصينية، بعدما أوقفه متظاهرون في مطار هونغ كونغ واعتدوا عليه، بسبب مناصرته للنظام الصيني ضدّ المحتجين.
ومع مشاركة هذه الجملة، كتبت ليو يفِي "أنا أيضاً أدعم شرطة هونغ كونغ". وبينما رحّب بتصريحها هذا الكثيرون، تحديداً في الصين، واجهت حملة غاضبة جداً من المحتجين المطالبين بمزيد من الديمقراطية في هونغ كونغ.
نفاق هوليوود
كان من المفترض أن يبدأ عرض الفيلم في آذار/مارس، لكنه وقع منذ البداية ضحية فيروس كورونا المستجد وأُجّلت هذه الخطوة مرات عدّة. وفاجأت "ديزني" أوساط القطاع السينمائي، بمن فيهم المشاركون في العمل أنفسهم، بإعلانها أنها ستستعيض عن عرض"مولان" في دور السينما بطرحه للعرض المنزلي في بلدان عدة، بينها الولايات المتحدة. وهو ما بدأت به فعلا الجمعة.
وتواجه هوليوود، بحسب وكالة "فرانس برس"، اتهامات متزايدة باعتماد مقاربة قائمة على النفاق في علاقتها مع النظام الصيني. ونشرت مجموعة "بن أميركا" المناوئة للرقابة الفنية تقريراً، الشهر الماضي، قالت فيه إن كتاباً سينمائيين ومنتجين ومخرجين غالبا ما يدخلون تعديلات على النصوص أو يقتطعون مشاهد تفاديا لإزعاج هيئات الرقابة الصينية.
ومن الأمثلة على هذه الخطوات، اقتطاع العلم التايواني من أحد مشاهد فيلم توم كروز المقبل "توب غن: مافريك" وتعديل نص كان يذكر الصين على أنها مصدر فيروس فتاك في فيلم "وورلد وور زي" سنة 2013.كما أن هذا المنحى يشمل تفادي التطرق إلى مواضيع حساسة، بينها التيبت وتايوان والسياسة في هونغ كونغ والأوضاع في شينجيانغ، فضلا عن شخصيات تمثل مثليين جنسيا، وفق التقرير المذكور.