في مثل هذه الأيام، من المفترض أن يحتفل الفلسطينيون بأعياد الميلاد المجيدة، ففي مدينة بيت لحم، كان الميلاد. وفي قطاع غزّة، على بعد أقلّ من 90 كيلومتراً، شباب فلسطينيون ينتفضون في وجه ذلك الاحتلال الإسرائيلي، تماماً مثلما يفعل مواطنون لهم في بيت لحم ومدن وبلدات أخرى في الضفة الغربية والقدس المحتلتَين.
وانتفاضة أبناء فلسطين الأخيرة تأتي بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني.
عند نقاط التماس الفاصلة بين القطاع والأراضي المحتلة، راح شباب غزة يواجهون بحجارتهم قوات الاحتلال. فسقط من بينهم شهداء وجرحى. ويتجمّع هؤلاء الشباب عند الحدود الشرقية لمدينة غزة. شباب من كلّ الفئات، في حين لا تخلو الصورة من أشخاص ذوي إعاقة سبق وبُترت أطراف لهم. يُذكر أنّه قبل أيام، استشهد إبراهيم أبو ثريا، الذي كان قد أصيب قبل عشر سنوات وبُترت رجلاه. وهو لم يغب عن تلك الوقفات الاحتجاجية، إلا عند استشهاده في 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
محمد، طالب فلسطيني تحفّظ عن ذكر اسم عائلته، يقول لـ"العربي الجديد": "أنا أسكن قريباً من المنطقة الفاصلة مع فلسطين المحتلة 1948. خلال المواجهات، أترك دراستي وأشارك علّني أنقل إلى إخوتنا في القدس والضفة الغربية رسالة مفادها: نحن معكم وما حصل يخصّنا جميعاً".
رسالة أخرى يحاول ناصر، الذي فقد اثنَين من أطرافه في العدوان الأخير على غزة، أن يوصلها إلى العالم. "نحن ذوو الإعاقة لسنا أقلّ قدراً وشأناً من الأشخاص الآخرين، وفي إمكاننا المشاركة بكلّ الأحداث في الوطن". ويؤكد: "إعاقاتنا لا تمنعنا من التحرّك وفي الصفوف الأمامية".
من جهته، يقول رمضان سكر: "أنا أعمل في البناء، قريباً من السلك الشائك. وخلال عملي أرى شباباً كثيرين يتوجّهون صوب المنطقة الفاصلة بين أراضينا المحتلة وغزة، فألتحق بهم. فالشباب باختلافهم هم الأساس في إثارة القضايا المفصلية لشعبنا". أمّا محمد المغنّي، وهو موظّف في إحدى الشركات، فيؤكّد أنّ "وظيفتي لا تمنعني من المشاركة في الانتفاضة. فهذه قضيّتي وهذا وطني، وأنا من هؤلاء الشباب المستعدين للتضحية بأنفسهم. وهذه الانتفاضة هي بمثابة رسالة شبابية للجميع، الصديق والعدو، مفادها أنّ الشباب هم قادة هذا الوطن وعماده".