انتفاء المعنى

11 يونيو 2016
"الخراب"، حامد عبد الله (1917 - 1985)
+ الخط -

بات أيّ نقاش عقلاني أو حتى تعبير وجداني عرضة لسوء الطوية من جميع الجهات، بحيث يكاد يكون الحديث عن قضية ما مستحيلاً في مناخ كهذا. أطراف ومحاور متداعية تتصيّد بعضها باسم "المواقف" و"الأخلاق" في مشهد قروسطي بائس. مباريات في ممارسة الإسقاط النفسي كانت ستدفع بالمدرسة الفرويدية آلاف الهكتارات إلى الأمام لو أنها لم تنته قبل "ربيع" العرب الإلكتروني هذا.

كنّا نظنّ الموقف من الواقعة الاستعمارية موضع إجماع وإن في المستوى الأفقي أي مستوى الشعار؛ ليكذّبنا الواقع. نزعة انتحار جماعي ونفي لكل معنى، تفتك بالخطاب الثقافي العربي بما يجعله ميداناً للعدميين، ليس العدمية كأفكار في مواجهة شمولية السلطة وإنما عدمية فيالق الحمقى على وسائل الـ(لا)تواصل الاجتماعي.

لم تكن مقاومة التطبيع الثقافي مع "إسرائيل" سوى حالة وعي وردّ على التطبيع السياسي الذي أجرته مع الكيان الصهيوني أنظمة لم تستشر شعوبها. قبلها، كانت هناك مقاطعة عربية وإسلامية شاملة، جرى اختراقها للأسف بين "كامب ديفيد" و"أوسلو" و"المبادرة العربية". مقاومة التطبيع الثقافي بهذا المعنى هي أضعف الإيمان بالقضية.

وإن كانت آليات مقاومة التطبيع موضع نقاش وإعادة نظر وتفعيل، فما لا يمكن فهمه هو سعي أطراف إلى ضرب فكرتها بقصد أو بمجرّد حرف مسار النقاش. ألا نستطيع حتى أن نتفق على مواجهة "إسرائيل" وإبعاد نصلها الاستعماري عن أعناق شعوبنا؟

المساهمون