23 سبتمبر 2024
انتظروا هاكان فيدان في تركيا
تتجه الأنظار في تركيا إلى رئيس الاستخبارات، هاكان فيدان، بعد تقديم استقالته من منصبه، ليمكنه الترشح للانتخابات البرلمانية في يونيو/ حزيران المقبل، استعداداً منه لخوض تجربة مختلفة، تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ الدولة التركية، بعد أن لعب أدواراً عديدة في ملفات كثيرة، والمعارك التي خاضتها الحكومة التركية، في القضاء على ما أطلقت عليها الدولة العميقة، وفي عملية تصفية الكيان الموازي حالياً، بالإضافة إلى عملية السلام الداخلي مع الأكراد.
وصادف يوم تقديم فيدان استقالته من منصبه، في السابع من فبراير/ شباط الماضي، التاريخ الذي استدعي فيه للتحقيق معه، بشأن لقائه مع أعضاء في حزب العمال الكردستاني في العاصمة النرويجية قبل سنوات، وتناقلت وسائل إعلام عديدة حينها، احتمال محاكمته، بتهمة التعامل مع تنظيم إرهابي، وهي تهمة تصل إلى الخيانة العظمى، واعتبرت الحادثة السبب المباشر لضرب العلاقة، المتوترة أصلاً، بين الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان وقتها، وجماعة التنظيم الموازي الذي يرأسه فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية.
والسؤال الذي يطرحه المراقبون، اليوم، لماذا يتخلى فيدان عن أهم إدارة في مؤسسات الدولة التركية؟ فأهمية المنصب تكمن، أيضاً، في أهمية ومحورية الملفات التي تقع مسؤولياتها على عاتقه، وهي الأخطر والأهم على أجندة الرئيس التركي أردوغان والحكومة، وتحديداً عملية السلام مع الأكراد ومكافحة الكيان الموازي.
تم تعيين هاكان فيدان على رأس الاستخبارات التركية في 27 مايو/أيار 2010، وكان قد ترأس الوكالة التركية للتعاون والتنمية، وشغل منصب وكيل الشؤون الخارجية لدى رئيس الوزراء، وممثل تركيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو من المقربين لرئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو. ويعد القوة الدافعة الحقيقية وراء دور تركيا في ملفات إقليمية عديدة. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن المفاوضات بين فيدان وقادة حزب العمال الكردستاني، في
أوسلو قبل سنوات، تمخضت عن اتفاق مصالحة تاريخي بين الجانبين، إلا أنهم أوصوا بالحذر عند التعامل معه.
وقد يكون اسم هاكان فيدان جديداً على الساحة العربية والشرق أوسطية، لكنّه لاعب رئيسي في أحداث كثيرة تؤثر فيها تركيا اليوم، منذ حادثة أسطول الحرية والخلاف بين إسرائيل وتركيا، وصولاً إلى الربيع العربي. وقالت إسرائيل إن رئيس الاستخبارات التركية هو صاحب فكرة أسطول الحرية، والمخطط الرئيس لها، وظلت تنظر إليه بغير ارتياح، لمشاركته في المفاوضات السرية للملف النووي الإيراني ومفاوضات السلام غير المباشرة والسرية بين سورية وإسرائيل، واتهمه مسؤولون إسرائيليون بمحاباة طهران.
وقال سفير الولايات المتحدة الأميركية في تركيا والعراق، جيمس جيفري، إن "فيدان هو وجه الشرق الأوسط الجديد، وعلينا أن نعمل معه، لأنه يستطيع إنهاء المهام. لكن لا ينبغي افتراض أنه الصديق الساذج للولايات المتحدة، لأنه ليس كذلك"، بينما وصفه الخبير في شؤون الاستخبارات، إيمري أوسلو، بأنه "أقوى كثيراً من أي وزير، بل أقوى من الرئيس عبدالله غول نفسه"، آنذاك.
وتزامن ظهور هاكان فيدان مع بداية الاندفاع في السياسة الخارجية التركية في عهد رئيس الوزراء أردوغان آنذاك، فبعد نجاحات أنقرة الكبيرة في مجال الاقتصاد ولتلبية حاجات دور تركيا المتنامي، الأمر الذي يتطلب جهداً مخابراتياً، يتركز عمله، أساساً، على العمل الخارجي. ومن هنا، تمت إعادة بناء الاستخبارات التركية بقيادة رئيس جديد مقرب من الحكومة، لتعزيز حضور تركيا في المناطق الساخنة، بدءاً من الشرق الأوسط وروسيا والقوقاز وآسيا الوسطى وأفريقيا، وحتى الأميركيتين وأوروبا وإسرائيل.
وفيدان هو المستشار الثاني الذي يعتلي ذلك المنصب من خارج المؤسسة الاستخباراتية، حيث كان تبتان جوسال المستشار الأول الذي عيّن من خارج المؤسسة عام 1992.
وصدوراً عن خلفيته الأكاديمية والعسكرية، استطاع فيدان إدخال تعديلات كبيرة في هيكلية جهاز المخابرات، وأقنع أردوغان بتجميع أجهزة المخابرات في الخارجية والأمن والجيش تحت إدارة جهاز المخابرات العامة، الأمر الذي أزعج الأوساط في الأمن والجيش. وترجح تقارير إخبارية عديدة أن الجهود الاستخباراتية التي بذلها فيدان كانت وراء الإفراج عن الرهائن اللبنانيين التسعة، بعد احتجازهم 17 شهراً لدى معارضين سوريين.
وسبق أن تم تداول اسم هاكان فيدان لتولي حقيبة الخارجية في حكومة أحمد داود أوغلو، فمن المعروف أن القانون التركي لا يلزم أن يكون الوزراء نواباً، إلا في منصب رئاسة الحكومة، وعضوية البرلمان مجرد عنوان لتولي الحقائب الوزارية، وجرت العادة أن يكون الوزراء نواباً في البرلمان، بحسب عرف سياسي في البلاد. وبالتالي، من المسلمات أن فيدان يستعد لتولي منصب وزاري في الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات، ومرجح أن يكون رئيس الوزراء المقبل، وبذلك يمكن فهم استقالته الحالية بأنها مبررة، لا سيما إذا تمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على الأغلبية التي تمكنه من إجراء التعديلات الدستورية التي تحول تركيا إلى دولة بنظام رئاسي، وحينها، يكون دور رئيس الحكومة المقبل إدارياً أكثر منه سياسياً.
ويحتاج حزب العدالة والتنمية لتمرير التعديلات الدستورية، أو صياغة دستور جديد، إلى أن تصل أصواته الى أكثر من 60% في الانتخابات المقبلة. وبحسب مراقبين عديدين، هذا أمر صعب تحقيقه، وسيكون "العدالة والتنمية" بحاجة إلى تحالف سياسي ما أو صفقة سياسية، وربما يكون طرفها الآخر حزب الشعب الديمقراطي (ذا الجذور الكردية)، تتضمن خطوات حكومية في عملية السلام، في مقابل دعم الأخير مشروع الدستور الجديد.
وكشفت مصادر كثيرة، قبل أيام، عن اتفاق، وصفته بالتاريخي، بين الاستخبارات التركية والزعيم الكردي السجين، عبدالله أوجلان، بحيث يكون وقف إطلاق النار من الجانب الكردي أبدياً، في مقابل تصويت الحكومة التركية على الميثاق الاجتماعي الأوروبي الذي يمنح بعض الاستقلال الإداري والمالي للإدارات المحلية، وتحويل وضع أوجلان إلى الاقامة الجبرية، وعلى الاغلب سيكون ذلك قبل الانتخابات، من أجل ضمان أكبر عدد من أصوات ناخبي حزبي العدالة والتنمية والشعب الديمقراطي، وقد يحصل ذلك في احتفالات عيد نيروز الشهر المقبل. وما لا يمكن تجاهله، وسط هذه التكهنات التي أثارتها استقالة فيدان، أن قيادات في حزب الشعب الجمهوري المعارض يتوقعون إن يتولى هاكان فيدان رئاسة الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية، وهذا اعتراف مسبق منهم بالهزيمة في تلك الانتخابات.
وصادف يوم تقديم فيدان استقالته من منصبه، في السابع من فبراير/ شباط الماضي، التاريخ الذي استدعي فيه للتحقيق معه، بشأن لقائه مع أعضاء في حزب العمال الكردستاني في العاصمة النرويجية قبل سنوات، وتناقلت وسائل إعلام عديدة حينها، احتمال محاكمته، بتهمة التعامل مع تنظيم إرهابي، وهي تهمة تصل إلى الخيانة العظمى، واعتبرت الحادثة السبب المباشر لضرب العلاقة، المتوترة أصلاً، بين الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان وقتها، وجماعة التنظيم الموازي الذي يرأسه فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية.
والسؤال الذي يطرحه المراقبون، اليوم، لماذا يتخلى فيدان عن أهم إدارة في مؤسسات الدولة التركية؟ فأهمية المنصب تكمن، أيضاً، في أهمية ومحورية الملفات التي تقع مسؤولياتها على عاتقه، وهي الأخطر والأهم على أجندة الرئيس التركي أردوغان والحكومة، وتحديداً عملية السلام مع الأكراد ومكافحة الكيان الموازي.
تم تعيين هاكان فيدان على رأس الاستخبارات التركية في 27 مايو/أيار 2010، وكان قد ترأس الوكالة التركية للتعاون والتنمية، وشغل منصب وكيل الشؤون الخارجية لدى رئيس الوزراء، وممثل تركيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو من المقربين لرئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو. ويعد القوة الدافعة الحقيقية وراء دور تركيا في ملفات إقليمية عديدة. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن المفاوضات بين فيدان وقادة حزب العمال الكردستاني، في
وقد يكون اسم هاكان فيدان جديداً على الساحة العربية والشرق أوسطية، لكنّه لاعب رئيسي في أحداث كثيرة تؤثر فيها تركيا اليوم، منذ حادثة أسطول الحرية والخلاف بين إسرائيل وتركيا، وصولاً إلى الربيع العربي. وقالت إسرائيل إن رئيس الاستخبارات التركية هو صاحب فكرة أسطول الحرية، والمخطط الرئيس لها، وظلت تنظر إليه بغير ارتياح، لمشاركته في المفاوضات السرية للملف النووي الإيراني ومفاوضات السلام غير المباشرة والسرية بين سورية وإسرائيل، واتهمه مسؤولون إسرائيليون بمحاباة طهران.
وقال سفير الولايات المتحدة الأميركية في تركيا والعراق، جيمس جيفري، إن "فيدان هو وجه الشرق الأوسط الجديد، وعلينا أن نعمل معه، لأنه يستطيع إنهاء المهام. لكن لا ينبغي افتراض أنه الصديق الساذج للولايات المتحدة، لأنه ليس كذلك"، بينما وصفه الخبير في شؤون الاستخبارات، إيمري أوسلو، بأنه "أقوى كثيراً من أي وزير، بل أقوى من الرئيس عبدالله غول نفسه"، آنذاك.
وتزامن ظهور هاكان فيدان مع بداية الاندفاع في السياسة الخارجية التركية في عهد رئيس الوزراء أردوغان آنذاك، فبعد نجاحات أنقرة الكبيرة في مجال الاقتصاد ولتلبية حاجات دور تركيا المتنامي، الأمر الذي يتطلب جهداً مخابراتياً، يتركز عمله، أساساً، على العمل الخارجي. ومن هنا، تمت إعادة بناء الاستخبارات التركية بقيادة رئيس جديد مقرب من الحكومة، لتعزيز حضور تركيا في المناطق الساخنة، بدءاً من الشرق الأوسط وروسيا والقوقاز وآسيا الوسطى وأفريقيا، وحتى الأميركيتين وأوروبا وإسرائيل.
وفيدان هو المستشار الثاني الذي يعتلي ذلك المنصب من خارج المؤسسة الاستخباراتية، حيث كان تبتان جوسال المستشار الأول الذي عيّن من خارج المؤسسة عام 1992.
وصدوراً عن خلفيته الأكاديمية والعسكرية، استطاع فيدان إدخال تعديلات كبيرة في هيكلية جهاز المخابرات، وأقنع أردوغان بتجميع أجهزة المخابرات في الخارجية والأمن والجيش تحت إدارة جهاز المخابرات العامة، الأمر الذي أزعج الأوساط في الأمن والجيش. وترجح تقارير إخبارية عديدة أن الجهود الاستخباراتية التي بذلها فيدان كانت وراء الإفراج عن الرهائن اللبنانيين التسعة، بعد احتجازهم 17 شهراً لدى معارضين سوريين.
وسبق أن تم تداول اسم هاكان فيدان لتولي حقيبة الخارجية في حكومة أحمد داود أوغلو، فمن المعروف أن القانون التركي لا يلزم أن يكون الوزراء نواباً، إلا في منصب رئاسة الحكومة، وعضوية البرلمان مجرد عنوان لتولي الحقائب الوزارية، وجرت العادة أن يكون الوزراء نواباً في البرلمان، بحسب عرف سياسي في البلاد. وبالتالي، من المسلمات أن فيدان يستعد لتولي منصب وزاري في الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات، ومرجح أن يكون رئيس الوزراء المقبل، وبذلك يمكن فهم استقالته الحالية بأنها مبررة، لا سيما إذا تمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على الأغلبية التي تمكنه من إجراء التعديلات الدستورية التي تحول تركيا إلى دولة بنظام رئاسي، وحينها، يكون دور رئيس الحكومة المقبل إدارياً أكثر منه سياسياً.
ويحتاج حزب العدالة والتنمية لتمرير التعديلات الدستورية، أو صياغة دستور جديد، إلى أن تصل أصواته الى أكثر من 60% في الانتخابات المقبلة. وبحسب مراقبين عديدين، هذا أمر صعب تحقيقه، وسيكون "العدالة والتنمية" بحاجة إلى تحالف سياسي ما أو صفقة سياسية، وربما يكون طرفها الآخر حزب الشعب الديمقراطي (ذا الجذور الكردية)، تتضمن خطوات حكومية في عملية السلام، في مقابل دعم الأخير مشروع الدستور الجديد.
وكشفت مصادر كثيرة، قبل أيام، عن اتفاق، وصفته بالتاريخي، بين الاستخبارات التركية والزعيم الكردي السجين، عبدالله أوجلان، بحيث يكون وقف إطلاق النار من الجانب الكردي أبدياً، في مقابل تصويت الحكومة التركية على الميثاق الاجتماعي الأوروبي الذي يمنح بعض الاستقلال الإداري والمالي للإدارات المحلية، وتحويل وضع أوجلان إلى الاقامة الجبرية، وعلى الاغلب سيكون ذلك قبل الانتخابات، من أجل ضمان أكبر عدد من أصوات ناخبي حزبي العدالة والتنمية والشعب الديمقراطي، وقد يحصل ذلك في احتفالات عيد نيروز الشهر المقبل. وما لا يمكن تجاهله، وسط هذه التكهنات التي أثارتها استقالة فيدان، أن قيادات في حزب الشعب الجمهوري المعارض يتوقعون إن يتولى هاكان فيدان رئاسة الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية، وهذا اعتراف مسبق منهم بالهزيمة في تلك الانتخابات.