يقول المرشح لرئاسة المجلس المحلي في الانتخابات في حورة، الشيخ حابس العطاونة، إنه "في قرية حورة (بالنقب)، هناك حضور جيد للحركة الإسلامية. في الدورات الثلاث الأخيرة (كل دورة 5 سنوات)، تمكنّا من الوصول إلى رئاسة المجلس، وهذا له دلالته على تخطّينا للعائلية إلى حد كبير". ويؤكد العطاونة، لـ"العربي الجديد"، أن "الطريق لم تكن سهلة حتى وصلنا إلى هذه المرحلة، في ظل النزعات العائلية، والأمر كان يتطلب الكثير من العمل والكثير من الحكمة. قرية حورة تشكّل نموذجاً جيداً للعمل الحزبي على المستوى المحلي. طبعاً لم نقض على العائلية تماماً، ولكن نقول بثقة إننا تمكنّا من تهذيبها إلى حد كبير، من خلال احتواء مختلف العائلات. جميع العائلات، الصغيرة أو الكبيرة، لها تمثيل في الحركة الإسلامية. أحدثنا نوعاً من التربية والتغيير عند المواطن والمنتخِب في حورة بأن هناك جسماً أو حزباً يمكن أن يقود البلد وخدمة أهلها جميعاً دون تفرقة، وهذا بالتأكيد أفضل من العائلية. وعليه من المهم أن يتعامل أي حزب في أي مكان بمجتمعنا العربي مع الأمور بحكمة على المستوى المحلي وإشراك الجميع، وبطبيعة الحال بنزاهة. العائلية مقيتة، والدين جاء ليهذبها. الأمر يحتاج إلى وقت وصبر. قبل نجاحنا في الوصول إلى السلطة المحلية، كانت لدينا نجاحات كبيرة في العمل الدعوي والعمل الاجتماعي في القرية، من خلال نشاطات متنوعة، عبر خدمة الأهل، والتطوع في البلدة، ومساعدة الناس، والوقوف مع الأهل في جميع المناسبات". ويرى العطاونة أن "شريحة كبيرة من الجمهور العربي باتت تشهد وعياً أكبر من ذي قبل في مقت العائلية".
من جانبه، يرى مراد حداد، عضو بلدية شفاعمرو، عن التحالف الوطني الديمقراطي (حزب التجمع الوطني الديمقراطي وأبناء البلد)، أن "وجود العائلية ليس جديداً في انتخابات السلطات المحلية العربية، وإنما منذ بداية تأسيسها في أعقاب نكبة شعبنا في 1948، بحيث أصبح للعائلة وزناً أكبر من الحركة الوطنية والأحزاب والتنظيمات، وذلك بسبب دخول الأحزاب الصهيونية، في حينه، بعلاقات مع رؤساء عائلات ومخاتير. إن تعزيز العائلية من قبل المؤسسة الإسرائيلية، جاء من أجل إضاعة المشروع الوطني في صراعات على سلطة وهمية، هي السلطة المحلية". ويضيف حداد، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنه "مع لجوء عدد كبير من أبناء القرى المهجرة إلى بلدات مجاورة، أصبحوا يعرّفون بأنهم لاجئون، وللأسف نسمع حتى اليوم، في فترة الانتخابات في بعض البلدات، بأن هذا لاجئ وذاك ابن بلد، ونعاني من هذا الأمر، وهذا ضمن مخطط المؤسسة الإسرائيلية لدق الأسافين في المجتمع الواحد. ومن أساليبها تعزيز دور العائلة، وفي حالات أخرى تعزيز الطائفية، وفي البلدات التي فيها عائلة واحدة تقسيم العائلة إلى أفخاذ وبطون. بمعنى آخر تعزيز الانتماءات الصغيرة. وما يعزز ذلك أيضاً، فقدان المشروع الوطني وكذلك الهوية الوطنية لدى جزء من شعبنا، مقابل تعزيز الهوية العائلية".
وعن دور الأحزاب في مواجهة كل ذلك، يقول حداد "حتى أواسط سبعينيات القرن الماضي، سُمح للحزب الشيوعي الإسرائيلي بأن يكون الإطار الوحيد للعمل السياسي في المجتمع العربي، بينما مُنعت حركات وأحزاب أخرى، مثل حركة الأرض أو أبناء البلد، ولوحقت سياسياً من قبل المؤسسة الإسرائيلية ومُنعت من العمل بحرية. الحزب الشيوعي في عدة بلدات عربية كان جزءاً من تعزيز الهوية العائلية بالاعتماد على العائلات الكبيرة في تحالفاته". ويوضح أنه "في السنوات الأخيرة، حصل انهيار لهذه المنظومة، خصوصاً في الانتخابات الماضية، وفقد الحزب الشيوعي نحو 22 موقعاً، في انتخابات السلطات المحلية. إن التنظيمات السياسية والحزبية الوحيدة التي خاضت الانتخابات وواجهت العائلية والطائفية تمثلت في التحالفات التي أقيمت بين التجمع الوطني الديمقراطي وأبناء البلد، ومنها التحالف في مدينة شفاعمرو على سبيل المثال. هذا التحالف أقيم منذ 15 سنة، وترأسه منذ ذلك الحين أربعة أعضاء بلدية، بينما في القوائم العائلية قد نجد الشخص نفسه منذ 30 عاماً". ويوضح "هناك بعض الوعي وبعض التغيير في مجتمعنا، أيضاً على مستوى ترشيح النساء للسلطات المحلية. برأيي تجربة الأحزاب في الانتخابات المحلية تحتاج إلى تقييم. ولكي تكون الأحزاب مؤثرة، عليها أن تنهض أكثر بنفسها من خلال العمل طيلة الوقت وليس قبل الانتخابات بفترة وجيزة فقط، وقد نجحنا بذلك في شفاعمرو من خلال تحالف التجمع وأبناء البلد. لكن في معظم البلدات ما زال تأثير الأحزاب محدوداً وأحياناً لا يُذكر".
ويقول سكرتير "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، منصور دهامشة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تقدماً في مكانة الأحزاب ودورها في الانتخابات المحلية. صحيح أنه في السابق كانت القوائم العائلية هي التي تسيطر في الانتخابات، ولكن هناك تقدماً ملحوظاً. اليوم في كثير من البلدات، تخوض الجبهة وباقي الأحزاب الانتخابات، خصوصاً في البلدات التي تعتبر الأحزاب فيها قويّة، ولدينا تحالف بين الجبهة والتجمع في كفركنا. الجبهة أيضاً ستخوض الانتخابات البلدية في 41 بلدة، إما للمنافسة على الرئاسة أو العضوية أو كليهما. هذا إذا دل على شيء، فإنما يدل على أن هناك تطوراً واضحاً في جعل الانتخابات البلدية انتخابات حزبية وسياسية". ويرى دهامشة أن "مجتمعنا يدرك أن تعامل الحكومة الإسرائيلية مع فلسطينيي الداخل هو تعامل عنصري وعدائي بامتياز، وأنه من الضروري الالتفاف حول القيادات والأحزاب الوطنية، ليس فقط على المستوى القطري، وإنما أيضاً على مستوى السلطات المحلية. لا ننسى أيضاً أن العائلات نفسها في حالة تفتت، بعدما باتت أكبر، والمنظومة العائلية تتغير، وفي حالات كثيرة لم يعد الانتماء للعائلة، وبالتالي هذا يمكن أن يمنح فرصة أكبر للمرشح حتى من خارج العائلة، إذا ما رأى الناس أنه مناسب. التغيير يحصل بشكل تدريجي ولا يمكن أن يحدث بسرعة، ويحتاج أيضاً إلى الكثير من العمل". وعن وجود تحالفات بين حزبين أو أكثر في الكثير من البلدات، ومنها كفركنا وأم الفحم وغيرها، يعتبر دهامشة أن "أهمية التحالفات تكمن في أنها تعطي طابعاً للعمل الوحدوي وعدم الانفراد بالسلطة، وهذا المعنى الناس بحاجة إليه اليوم في مواجهة مخططات وسياسات المؤسسة الإسرائيلية، وأيضاً الهمّ مشترك. هذا فيه رسالة لمجتمعنا الفلسطيني في الداخل عامة، بأننا نسعى معاً لتحسين ظروف مجتمعنا، كما أن التحالفات تؤكد أننا نعمل للصالح العام وليس من أجل مصالح ضيقة".