وبحسب القانون التركي، يحتاج المرشح للوصول إلى منصب رئاسة البرلمان في الجولتين الأوليين أن يحصل على 367 صوتاً من أصل 550، التي تشكّل مقاعد البرلمان كافة. وفي حال لم يتمكن أي من المرشحين الحصول على ذلك، تُعقد الجولة الثالثة التي يحتاج خلالها المرشح، الحصول على 276 صوتاً. وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على ذلك، تعقد الجولة الرابعة بين المرشحين اللذين حصلاً على العدد الأكبر من الأصوات.
وكان حزب "العدالة والتنمية" قد رشّح وزير الدفاع الحالي، محمد يلماز إلى منصب رئاسة البرلمان، بينما كان أحد صقور الجناح القومي، دينيز بايكال مرشحاً عن "الشعب الجمهوري"، والمرشح الرئاسي السابق، أكمل الدين إحسان أوغلو (يميني متطرف)، عن حزب "الحركة القومية"، وأحد مؤسسي "العدالة والتنمية"، المنشق عنه، دنغير مير محمد فرات، مرشحاً عن حزب "الشعوب الديمقراطي".
لم ينتظر المرشحون كثيراً، حتى بدأ كل منهم في جولات الترويج لنفسه والحديث مع قيادات الأحزاب الأخرى، لتندلع نقاشات حادة بين كل من "الحركة القومية" و"الشعوب الديمقراطي"، بعد أن قرّر مرشح الأخير عدم زيارة زعيم "الحركة القومية" دولت بهجلي، بسبب تصريحاته التي أكد فيها بأنه "سيعتبر الشعوب الديمقراطي غير موجود في المجلس"، ليؤكد أكمل الدين إحسان أوغلو بأنه لن يزور قيادات "الشعوب الديمقراطي"، الأمر الذي سخر منه زعيم الكتلة النيابية لـ"الشعوب الديمقراطي"، إدريس بالوكان، عبر حسابه على تويتر: "أكمل الدين إحسان أوغلو لن يزورنا، إننا نعيش في حزن بالغ، ونختنق لدرجة أننا قررنا أن نأخذ استراحة من عملنا".
وبدت العلاقة بين "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" متوترة للغاية، خلال زيارة مرشح الأخير، محمد يلماز، لدولت بهجلي، بحضور المتحدث باسم "العدالة والتنمية" بشير أتالاي وزعيم الكتلة النيابية للحزب أحمد أيدن. استغرقت هذه الزيارة أقل من عشر دقائق، بما في ذلك دخول يلماز وخروجه من مكتب بهجلي، ليبدو بهجلي وقحاً مع يلماز عندما قال له: "لقد تقدمنا بمرشح عن الحزب، وتقاليدنا تحتّم أن ندعم مرشحنا فقط".
اقرأ أيضاً انتخابات رئاسة البرلمان التركي: منافسة حادة وتحالفات تمهّد للحكومة
يبدو أن يلماز وبايكال، هما الأوفرا حظاً للوصول إلى المنصب، إذ أكّدت بعض الصحف المقربة من "العدالة والتنمية"، أنّ الأخير يتحضّر للالتفاف على بايكال، وذلك عبر إعطاء أوامر لستين نائباً عنه للتصويت لمرشح "الشعوب الديمقراطي"، دنغير مير محمد فرات، في الجولة الثالثة، فيبقى بايكال خارج المنافسة بأن يحل في المرتبة الثالثة. وتصبح المنافسة في الجولة الرابعة بين كل من يلماز ومحمد فرات، مما سيضطر "الحركة القومية" التصويت لمرشح "العدالة والتنمية" بسبب عدائه لـ"الشعوب الديمقراطي"، وبالتالي يضمن "العدالة والتنمية" المنصب.
من جانب آخر، وعلى الرغم من نفي رئيس الوزراء وزعيم "العدالة والتنمية"، أحمد داوود أوغلو، أن يكون انتخاب رئيس البرلمان جزءاً من أي صفقة لتشكيل الحكومة الائتلافية، أكد مراقبون أنّ "العدالة والتنمية" اختار محمد يلماز الذي يعتبر مرشحاً ضعيفاً مقارنة ببايكال كجزء من صفقة مع "الشعب الجمهوري"، لتكوين الحكومة الائتلافية، إذ كانت تقاليد الحكومات الائتلافية التركية، تقضي بأن يُمنح الحزب صاحب المركز الثاني في عدد المقاعد، منصب رئاسة البرلمان.
إلى ذلك، يبدو أنّ هناك الكثير من العثرات التي تقف في وجه تشكيل حكومة ائتلافية بين "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري"، يأتي على رأسها ملف السياسة الخارجية، وذلك في ظلّ تواتر التقارير الإعلامية عن احتمال تغيير كبير في السياسة التركية تجاه سورية والدخول إلى عمق الأراضي السورية لإنشاء منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران تكون كفيلة بإيقاف تمدّد حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، وأيضاً قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة للاجئين السوريين، إذ كان "الشعب الجمهوري" يطالب في برنامجه الانتخابي إجراء تغييرات نوعية في تعاطي أنقرة مع كل من النظام السوري وإسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي. كما طالب "الشعب الجمهوري" بالانفتاح على النظام السوري وإعادة قنوات الحوار مع الرئيس السوري، بشار الأسد، لإيجاد حل سياسي للحرب السورية، في حين أنّ الأخير يبدو وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت ضربات المعارضة و(تنظيم الدولة الإسلامية) "داعش".
اقرأ أيضاً: الصحافة التركية تتحدث عن تدخل عسكري محتمل في سورية