انتخابات النمسا.. توقعات بتراجع اليمين المتشدد وتقدم للخضر

29 سبتمبر 2019
قضية الهوية تحضر بقوة في السباق الانتخابي (العربي الجديد)
+ الخط -

يتوجه نحو 6.6 ملايين من الناخبين النمساويين، صباح اليوم الأحد، نحو صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم الـ183 في برلمانهم الوطني، وذلك في انتخابات مبكرة، أعقبت سلسلة من الفضائح التي ضربت الائتلاف الحاكم سابقا بين حزبي "الشعب" المحافظ و"الحرية" اليميني المتشدد.

وتجري الانتخابات بعد نحو 4 أشهر من استقالة الزعيم السابق لحزب "الحرية"، هاينز كريستيان شتراخه، بعد وقوعه في أبريل/نيسان الماضي، في فخ "حسناء روسية" في جزيرة ابيزا الإسبانية وهي تتفاوض معه على تسهيلات لعطاءات ومشاريع تجارية وإعمارية لمصلحة رجال أعمال روس أثرياء مقربين من الكرملين، مقابل تدعيم موقفه السياسي والإعلامي عبر أموال تحت الطاولة قبيل الانتخابات البرلمانية السابقة في 2017.

واضطر شتراخه في مايو/أيار الماضي، وبعد نشر شريط الفضيحة، في وسائل إعلام ألمانية، ومنها "دير شبيغل"، إلى الاستقالة من منصبه كنائب للمستشار النمساوي، سبستيان كورتز، حيث قرر الأخير أيضا إنهاء تحالف حزبه "الشعب" مع "الحرية" في الحكومة والتوجه بالاتفاق مع الرئيس النمساوي، ألكسندر فان دير بيلين، إلى انتخابات مبكرة.

وانتخب "الحرية" قبل أسبوعين زعيما آخر للحزب، نوربرت هوفر (48 عاما) في محاولة للملمة أوضاع الحزب اليميني المتشدد.

وبالرغم من مشاركة ما يصل إلى 16 حزبا سياسيا في الانتخابات العامة اليوم إلا أن الأعين مسلطة على معسكري يمين الوسط واليمين المتشدد من جهة، ومعسكر اليسار ويسار الوسط، لتخطي نسبة الحسم بـ5 في المائة.

ووفقا للاستطلاعات التي سبقت الانتخابات، ومنها المحلية التي نشرتها هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني "أو آر إف"، فإن تقدما واضحا سيحصل عليه حزب "الخضر" ليحصد ما بين 11 -15 في المائة من الأصوات، مقابل 3 في المائة في 2017. وعلى ما يبدو فإن فضائح اليمين المتشدد في حزب "الحرية" ستمثل بتراجعه بنحو 6 في المائة، في ظل توقع حصوله فقط على 20 في المائة.

غير أن "فضيحة ابيزا" تصب في مصلحة حزب كورتز، حزب "الشعب"، إذ تشير التقديرات إلى أنه سينتقل من 31.5 في المائة في الانتخابات الأخيرة إلى نحو 35 في المائة، وهي نسبة تضعه في مقدمة الأحزاب البرلمانية.

ولا يبدو أن يسار الوسط ممثلا بالحزي "الاجتماعي الديمقراطي" سيحقق نتيجة كبيرة، بل تعطيه الاستطلاعات تراجعا من 26.9 في المائة قبل عامين إلى 22 في المائة فقط في انتخابات اليوم، ويبدو أن الليبراليين (نيوس) سيحققون تقدما إلى نحو 9 في المائة.

ويشار إلى أن تلك النسب المئوية الممنوحة للأحزاب المختلفة في الاستطلاعات المحلية يؤكدها استطلاع عرضه موقع أوروبي تابع للاتحاد الأوروبي "يورو إلكتس"، وفيه يبدو واضحا التأثير السلبي لفضائح حزب "الحرية" الشعبوي على نتائج الانتخابات، رغم أن الكتلة الصلبة لمؤيديه ما تزال تدعمه وبشكل خاص في الأرياف النمساوية.

وهذه هي المرة الثالثة منذ 2016 التي يضطر فيها النمساويون للتوجه إلى انتخابات برلمانية، ففي 2017 انهار تحالف حزب "الشعب" المحافظ و"الاجتماعي الديمقراطي" والذي تأسس عام 1888. ومن الواضح، بحسب الأرقام والنسب التي تعرضها وسائل الإعلام النمساوية والأوروبية أن "الاجتماعي الديمقراطي"، شأنه شأن بقية أغلب يسار الوسط التقليدي في أوروبا يعاني من تراجعات بينة مع كل انتخابات.

ورغم أن المحللين يرون تحقيق "الخضر" تقدما على حساب "الاجتماعي الديمقراطي"، إلا أن أحد المختصين بالشأن الانتخابي، كأستاذ العلوم السياسية في جامعة سالزبورغ، رينهارد هاينش، يتحدثون عن وجود "مشكلة في الهوية النمساوية يستغلها اليمين واليمين المتشدد". ويعطي هاينش، الذي تحدث لصحيفة "إنفارماسيون" الدنماركية، مثالا على ذلك في اندفاع وزير الداخلية السابق، هربرت كيكل، بالتصريح القاسي عن منطقة فيينا وتشبيهها بأنها كـ"البلقان والشرق الأوسط"، ودفعه نحو تشدد النمسا، من خلال منصبه وموقعه في حزب "الحرية" الشعبوي، في سياسات الهجرة.


ويثير الانتباه حديث هاينش عن "خسارة الديمقراطي الاجتماعي للطبقة العاملة، فنحو 67 في المائة من العمال في النمسا اليوم يصوتون لمصلحة حزب الحرية اليميني المتشدد".

وتبرز قضية الأجانب كإحدى أهم القضايا السياسية والانتخابية التي جعلها اليمين واليمين المتشدد (بوجود نحو 15 في المائة من سكان النمسا من أصول أجنبية، بمن فيهم مقيمون أوروبيون) نقطة مركزية لجذب الناخبين الخائفين على "هوية النمسا".