أحيت الانتخابات التشريعية، والتي ينتظر إجراؤها بالمغرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وعود الأحزاب بالعمل على زيادة الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص، في سباق على استمالة العاملين في القطاع الخاص، والذين شملتهم وعود زيادة الأجور.
ووعد إدريس لشكر، رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، بالسعي لزيادة الحد الأدنى للأجر تدريجياً بنسبة 30%، إذا ما تولى الأمر بعد الانتخابات التشريعية المقبلة.
كما تعهد حزب الحركة الشعبية، العضو في الائتلاف الحكومي الحالي، برفع الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص إلى 300 دولار شهرياً، والعمل على ترسيخ الحد الأدنى في الوظائف الحكومية، كي يشمل الموظفين المستحقين له.
ويصل الحد الأدنى للأجر في الصناعة والتجارة والخدمات والإنشاءات إلى حوالي 250 دولاراً، على أساس 44 ساعة عمل في الأسبوع، علما أن الحد الأدنى في القطاع الزراعي يقل عن ذلك.
ولم يشر حزب الأصالة والمعاصرة، إلى زيادة الحد الأدنى للأجر، غير أن رئيس الحزب، إلياس العماري، اعتبر أنه يجب أن يواكب تطور الاقتصاد، لافتا إلى أن المستوى الحالي للأجر لا يمكن أن يوفر سكناً أو يؤمن تعليم الأبناء.
وبحسب فيدرالية اليسار الديقمراطية، فإن 40% من العاملين في القطاع الخاص، يتقاضون أجراً يقل عن الحد الأدنى، متعهدة بزيادة هذا الحد تدريجياً إلى ثلاثة آلاف درهم (306 دولارات).
وفيدرالية اليسار الديقمراطية هي تحالف سياسي يجمع ثلاثة أحزاب سياسية هي: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد، وهي جميعها يسارية المذهب.
ويقول محمد الهاكش، عضو الاتحاد الوطني للموظفين، إن الحد الأدنى للأجر الذي يجري الحديث عنه في نقاش الأحزاب يتعلق بالأجر المعمول به في القطاعات غير الزراعية، لكن هذا الحد منخفض جدا عن هذا المستوى في النشاطات الفلاحية، رغم وعود التوحيد بينهما.
وكان رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أشار في تصريحات قبل أسابيع إلى أن الحد الأدنى للأجور، لا يمكن أن يساعد الشاب على أن يعيش ويتزوج ويستأجر منزلا، معتبر أن ذلك الأجر لا يمكن أن يكون سوى مصروف جيب.
ولم تتوصل الاتحادات العمالية والحكومة على مدى عامين من المفاوضات إلى تلبية مطلب زيادة الأجور. ويرى فاعلون في تجمعات رجال الأعمال أن زيادة الحد الأدنى للأجر ستثقل على الشركات ولن تساعد السياسة الرامية إلى تشجيع الصادرات، معتبرين أنه لا بد من تخفيف تكاليف الشركات المصدرة.
وترجع آخر زيادة في الحد الأدنى للأجر إلى عام 2014، إذ كانت الحكومة قد قررت، دون موافقة رجال الأعمال، رفع ذلك الأجر بنسبة 10% على مرحلتين في يوليو/تموز 2014 ونفس الشهر من 2015. وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والذي يمثل مصالح الشركات قد انتقد لجوء الحكومة إلى زيادة الحد الأدنى للأجر، حيث اعتبر أن ذلك يحمل الشركات تكاليف جديدة ويحد من تنافسيتها.
غير أن الاقتصادي المغربي، رضوان الطويل، يرى في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن سعي الشركات للدفاع عن تنافسيتها عبر الأجور المنخفضة، لا يعدو أن يكون سلوكا للشركات الأقل إنتاجية للتغطية على ضعفها.
ويشارك في الانتخابات التشريعية بالمغرب نحو 30 حزباً ببرامج متشابهة في أغلبها. وأجرى الائتلاف الحاكم بقيادة حزب العدالة والتنمية إصلاحات هيكلية، خصوصا في المالية العامة، معطيا أولوية لخفض العجز في الميزانية وإصلاح نظام الدعم المكلف وتجميد الوظائف في القطاع العام.
وفي مقابل محاولة الأحزاب استمالة الطبقات العاملة في القطاع الخاص قبيل إجراء الانتخابات التشريعية، فإن رجال الأعمال ينتظرون أيضا تحقيق مطالبهم، خاصة في ما يتعلق بالحصول على وعود حزبية وحكومية بشأن الضريبة على الشركات التي تأخذ طابعاً تصاعدياً.
وكانت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مريم بنصالح، قد نبهت في مؤتمر نظم مؤخراً بمدينة الصخيرات حول سبل الارتقاء إلى مصاف البلدان الصاعدة، إلى غياب العدالة الجبائية، على اعتبار أن 10 شركات فقط توفر 25% من إيرادات الضريبة على الشركات، بينما تأتي 75% من إيرادات الضريبة على الدخل من الأجراء، بحسب الإحصاءات الرسمية.
وأشار محمد الشيكر، خبير الاقتصاد، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إلى أن رجال الأعمال يضغطون من أجل الحصول على مكاسب أكثر في الحكومة المقبلة.