انتخابات الرئاسة اللبنانيّة: بطولات وهميّة ومبادرات فاشلة

18 يونيو 2014
تغيب قوى 8 آذار فيتعطل المجلس النيابي (جوزيف عيد)
+ الخط -
لا يعرف أحد متى ينوي الطاقم السياسي اللبناني الاستسلام لواقع أنه قاد البلد إلى الشلل التام. ترفض القوى السياسية حتى الساعة الاعتراف بالهزيمة، أو إعلان العجز السياسي الذي أوصلت نفسها واللبنانيين إليه. تترفع الأحزاب والكتل النيابية عن الاعتراف بمسؤولية التعطيل الحاصل على الصعد كافة، في شغور منصب رئاسة الجمهورية، وفي تعطّل نصاب جلسات المجلس النيابي، وفي توقف عمل الحكومة نتيجة الخلاف على الصلاحيات.

حقّق السياسيون هذا الفشل السياسي على مراحل، وإذ بهم يفشلون يومياً أيضاً على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، من خلال عجزهم عن إقرار سلسلة الرتب والرواتب ووقف إضرابات "هيئة التنسيق النقابية".
وأمام لائحة الإخفاقات هذه، يبتدع السياسيون معارك وهمية لتحقيق انتصارات غير واقعية. هكذا يلجأ وزير الداخلية، عضو كتلة تيار المستقبل النيابية، نهاد المشنوق، إلى تعطيل مباريات كرة السلة في الدوري المحلي لـ"غياب الضمانات الأمنية". من المفترض أن تتمثل هذه الضمانات به، بموقعه وبوزارته وأجهزتها الأمنية. أما وزير الاتصالات، بطرس حرب، فحقق قبل ساعات انتصاراً تمثّل بدفع الدولة اللبنانية مبلغ 3 ملايين دولار لنقل مباريات كأس العالم مجاناً للبنانيين، مستبعداً دور التلفزيون الرسمي اللبناني.

وبينما لا يبحث حزب الله عن انتصارات سياسية مماثلة، إذ يكتفي بإعلان انتصاراته غير المكتملة على الأراضي السورية، يمكن لحليفه، رئيس البرلمان نبيه بري، أن يملأ هذا الفراغ الداخلي. فرئيس مجلس النواب اللبناني يصرّ على دعوة الكتل النيابية إلى جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لم يملّ الرجل من إصدار المذكرات النيابية المتلاحقة منذ منتصف مايو/أيار الماضي، أسبوعاً تلو الآخر يعيّن الجلسات ويحدّد المواعيد. تغيب الكتل، فيتعطل النصاب. يكرّر بري الدعوة واضعاً نفسه في موقع الحريص على المؤسسات.
تأتي جلسة مجلس النواب المقررة ظهر يوم الأربعاء، في هذا الإطار. تؤكد الكتل النيابية في قوى 14 آذار مشاركتها في الجلسة، بينما كتل حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاؤهما مستمرة في المقاطعة.

وقد تحرّكت أوساط دبلوماسية أوروبية في اليومين الماضيين لتنشيط النقاشات، علّها تساعد على تمهيد الطريق لحلّ رئاسي. تمّثلت هذه الحركة بمحاولة إقناع رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، بحسم خياراته بين الترشح للرئاسة من عدمه لمحاولة تأمين نصاب نيابي لجلسة الانتخاب تمهيداً لتحريك النقاش حول أسماء وسطية يمكن التوصل إلى تأمين توافق حولها.

إلا أنّ هذا الطرح اصطدم برفض عون، الذي لا يزال يعتبر أن معركة الرئاسة "أساسية وبديهية ولا يمكن التنازل عنها"، بحسب ما قال أحد النواب العونيين لـ"العربي الجديد".
استمر الحراك الأوروبي في الصيغة نفسها، مع الاقتراح على عون السير في رئيس وسطي "وإجراء الانتخابات النيابية في وقت مبكر"، على ما تقول مصادر دبلوماسية. إلا أنّ هذا الاقتراح لم يقنع عون ومن حوله، باعتبار أنّ موعد الاستحقاق النيابي محدد في نوفمبر/تشرين الثاني 2014"، أي بعد شهور. فلمَ قد يخسر عون الرئاسة لربح أسابيع من انتخابات غير محسومة النتائج أصلاً؟
عادت وهدأت مجدداً محركات البحث عن حل رئاسي، لتطيل عمر الأزمة المحلية وتؤكد عجز السياسيين. أما البطولات السياسية الجانبية فستستمر يميناً ويساراً، في 8 آذار كما في 14 آذار، مبشرةً بموسم انتخابي حافل.