انتخابات الرئاسة التركيّة: أردوغان متقدّم شعبيّاً... ودعائياً

02 اغسطس 2014
التصويت في الخارج يتواصل حتى الغد (إنيس كانلي/الأناضول/getty)do
+ الخط -
لا يظهر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، أيّ تهاون في حملته الدعائية للانتخابات الرئاسية منذ إعلان رئيس الحكومة الحالي رجب طيب أردوغان، ترشحه للانتخابات، رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى فوزه الحتمي، في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر في العاشر من أغسطس/ آب الحالي، والجارية حتى يوم غدٍ خارج البلاد.

فإن أُخِذَت إسطنبول بعين الاعتبار كمؤشر لمدى قوة الحملة الدعائية، كونها أكبر المدن التركية، يُلاحظ انتشار صور أردوغان مع شعاره الانتخابي في كل مكان يقع النظر عليه. كما يُلاحظ مدى ضخامة واحترافية الحملة الدعائية التي يقودها الحزب مقارنة بهزالة الحملة الدعائية التي يقودها كل من المرشحين الآخرين، أكمل الدين إحسان أوغلو، المرشح المشترك عن حزبي "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، وصلاح الدين دميرتاش، مرشح حزب "الشعوب الديمقراطية"، ممثل الحركة القومية الكردية والجناح السياسي لحزب "العمال الكردستاني".

وإذا كانت الملصقات التابعة لإحسان أوغلو منتشرة بعض الشيء في المدينة، فإنّ صور وملصقات دميرتاش لا تكاد تتجاوز حدود مكاتبه الانتخابية، إضافة إلى بعض العربات التي تتجول في الأحياء، التي يقطنها أغلبية تنتمي إلى القومية الكردية.

ويبرّر المراقبون الموالون للمعارضة ضعف الحملات الدعائية لمنافسي أردوغان وقوة حملته في سببين، أولهما: ضعف التبرعات، بحيث أكد نواب عن "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، مع بداية حملة مرشحهم الانتخابية في يوليو/ تموز الماضي، أن الكثير من رجال الأعمال يخشون التبرع لحملة أكمل الدين إحسان أوغلو، خوفاً من غضب أردوغان، وما يمكن ان يجره ذلك عليهم من خسارات واستبعاد من مناقصات الدولة، إضافة إلى ضعف الإمكانيات المادية لحزب "الشعوب الديمقراطية". أما السبب الثاني، فهو اتهام المعارضة لأردوغان بأنّ احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء كان لاستخدام موارد الدولة وصلاحيات المنصب لتقوية حملته.


غير أنّ الأمر ليس بهذه البساطة، فـ"العدالة والتنمية"، هو حزب ذو شعبية كبيرة وقدرة تنظيمية عالية مما يساعده على جمع تبرعات ضخمة وتنظيم حشود كبيرة لمؤيديه، إضافة إلى أنه الحزب الوحيد الذي لا يتوقف عن العمل على شعبيته والدعاية لنفسه أبداً، سواء أثناء التحضير للاستحقاقات الانتخابية أو خارجها، حتى أن بعض المحللين يشبهون أداءه الإعلاني بأداء الشركات المتعددة الجنسيات، "24 ساعة 365 يوماً في السنة حملة دعائية لا تتوقف".

إضافة إلى ذلك، فإن أردوغان كان يقوم شخصياً خارج فترة الانتخابات بافتتاح أيّ منشأة تنجزها الحكومة في أي ولاية، ليلقي في بعض الأحيان خطبة إلى خطبتين أسبوعياً، يتحدث فيهما عن منجزات الحزب منذ استلامه للسلطة وخططه المستقبلية للتنمية. مع العلم أن أردوغان يمتلك قدرات خطابية عالية لا يمتلكها أي من المرشحين الآخرين، الأمر الذي دفع مرشح المعارضة المشترك إحسان أوغلو إلى تجنب الخطابة في الحشود المؤيدة له حتى الآن.

تؤكد جميع استطلاعات الرأي على "الفوز الحتمي لأردوغان"، كان آخرها استطلاع رأي صدر، يوم الأربعاء، عن مجلس مراقبي البث الإذاعي في الولايات المتحدة، وهو وكالة فيدرالية مستقلة تشرف على وسائل الإعلام الدولية المدنية الأميركية. وأكّد الاستطلاع أنّ غالبية المواطنين الأتراك يثقون بأردوغان. وأشار ما يقارب الـ 59 في المائة من المواطنين الأتراك، إلى أنهم مرتاحون وراضون عن أداء أردوغان، فيما لا تزال نسبة ثقة المواطنين بالحكومة عالية، ووصلت  إلى 68 في المائة، على الرغم من أن ذلك يعتبر انخفاضاً بـ 18 في المائة خلال التسع سنوات الأخيرة.


وبحسب الاستطلاع، فإن 60 في المائة من المواطنين المنتميين للقومية التركية  و67 في المائة من المواطنين ذوي الأصول الكردية راضون عن أردوغان، وتتوزع أصوات أردوغان بين المدن والريف، بحيث يتوقع أن يحصل على أصوات 68 في المائة من سكان الريف و54 في المائة فقط من سكان المدن.

ويشكل المحافظون المتدينون القلب الصلب لكتلة المصوتين لـ"العدالة والتنمية"، ويتمركزون في قلب الأناضول، كولاية قونيا وأرزروم، إضافة إلى العاصمة أنقرة وإسطنبول.

في المقابل، تتشكل الكتلة الانتخابية لإحسان أوغلو من الأقلية العلوية والقوميين الكماليين، إضافة إلى مناصري حركة "الخدمة" بقيادة العالم الإسلامي فتح الله غولان، والتي بحسب إحصاءات غير رسمية لا يشكل أعضاؤها أكثرمن 6 في المائة من الأصوات، وإن تم الاعتماد على نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت في مارس/ آذار من العام الحالي، ستتركز الكتلة الانتخابية لإحسان أوغلو في الولايات الساحلية، سواء على البحر الأسود أو الأبيض، إضافة إلى كل من مدينتي أضنة وإزمير، حيث معاقل "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية".

وبالنسبة لدميرتاش، ورغم محاولته تقديم نفسه كمرشح يساري، يؤكد المراقبون أن أصواته تعتمد بشكل أساسي على المواطنين الأكراد المقيمين في الولايات الشرقية التي يقطنها غالبية كردية.

ويرى مراقبون، أن أردوغان، وهو في الستين من العمر، لا يزال الشخصية الأكثر جاذبية وقوة وحضور، بعد 12 عاماً من الحكم؛ فليس من المتوقع أن تغير الانتخابات الرئاسية أي شيء في الخارطة السياسية التركية، سوى أن تزيد أردوغان، أو "رجل الأمة"، كما يسميه أنصاره، أو "السلطان"، كما يلقبه خصومه ساخرين، قوة لاستكمال مشروعه نحو ما يطلق عليه "تركيا الجديدة".