اليوم العالمي لأيتام الحروب وقفة لمراجعة الحسابات

05 يناير 2015
أيتام يفتقدون دفء الأسرة (GETTY)
+ الخط -
اليوم العالمي لأيتام الحروب وقفة تجعلنا ندرك هول ما تخلفه الحروب علينا، والتي تلفّنا وتعمق مآسينا وتخلف خراب البشرية.

منذ أولى حروب البشر على الكوكب وحتى اليوم، تتكرر الأفعال والنتائج. سباق تسلحٍ يتواصل وكذلك إنتاج الحروب لتجريبها وترويجها. ملايين الناس يعيشون المحن، موت ويُتم وإعاقات وتشرّد ولجوء، ولا من يتعظ أو يتعلّم أن الحرب لا تحلّ خلافاً ولا تأتي بسلام.

ومهما كان تصنيف الحرب الدائرة، عسكرية أو اقتصادية أو عرقية أو طائفية وغير ذلك، فالنتائج على من يخوضها أو يتعرض لأتونها، متشابهة في كل الأوقات وكل الأمكنة. ضحايا يتساقطون، وضحايا أحياء تشِمُهم الحرب بأوشامها. لكن أحد الهموم الكبرى التي تبقى، إن استمرت الحرب أو توقفت، هو همّ اليتم الذي يحلّ بملايين الأطفال حول العالم.

 
حروب وأيتام في البلدان العربية

الحروب حكمت وتحكم مسار الحياة في العديد من البلدان العربية اليوم. وإذا أردنا التوقف عند قضية اليتم وأحوال الأيتام بسببها، فإن الأمر يستدعي التفكير في مجمل تفاصيل حياة هؤلاء.

وإن لاقى البعض القليل من أيتام الحروب ظروفاً يسّرت حياتهم بعد يتمهم، إلا أن غالبيتهم يعانون بؤساً، مما يجعلنا نبحث عن إجابات عما إذا وجد هؤلاء الأيتام من يرعاهم بعد اليتم، أم كان مصيرهم التشرد واللجوء؟ ومن توفرت له أسرة أو دار رعاية تؤويه، فهل يحظى بالاهتمام النفسي والتعليمي والغذائي المناسب؟ ومن تشرد منهم هل سيجد من يحميه من العصابات والمخدرات ومسببات الانحراف؟ ومَنْ مِنْ هؤلاء الأيتام سيضاف إلى قوائم الأميين أو ذوي الإعاقات أو أطفال الشوارع؟ وأية مجتمعات تنتج عن تلك الحروب؟ وهل النتائج، مهما كانت، تستأهل كل هذه الخسائر التي تدفعها الأجيال المتعاقبة؟

الحياة لا تخلو من بعض الإضاءات في مجتمعاتنا العربية، ومن بعض الحالات التي نجحت في تخطي يتمها، لكن الموضوع يبقى قاتماً إذا علمنا أن التقديرات غير الرسمية تشير (في غياب الإحصاءات الدقيقة) إلى وجود نحو خمسة ملايين يتيم حرب في العراق، والأرقام تغيب في فلسطين المحتلة، مع تقدير وجود نحو22 ألف يتيم في قطاع غزة وحده، كما يوجد نحو 23 ألفاً و500 طفل يتيم مسجل في دور الرعاية فقط في لبنان، كما أن تعداد أيتام الحروب والصراعات المسلحة غير متوفر في سورية واليمن والسودان وليبيا ومصر وحتى الجزائر وتونس.

أيتام الحروب في العالم

 تقدر هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات عدد الأيتام في العالم بنحو 165 مليون يتيم، معظمهم أصبحوا أيتاماً بسبب الحروب والمجاعات والفقر والكوارث الطبيعية.


ويوجد في أفغانستان أكثر من مليون طفل يتيم مع أكثر من 600 ألف طفل ينامون في الشوارع. وهناك أكثر من مليون طفل يعانون من متلازمة ما بعد الصدمة، وما يزيد على 400 ألف طفل شوهوا بسبب الألغام الأرضية.

وأشارت تقديرات منظمة اليونيسف إلى أن هناك 900 ألف طفل في شمال شرق سريلانكا، تأثروا بشدة جراء الحرب، سواء لعدم توفر التعليم والغذاء والمأوى أو بسبب الإصابة المباشرة.

وفي القارة الأفريقية، يزيد عدد الأيتام على 34 مليون طفل، إما نتيجة الحرب أو الأوبئة، مثل الإيدز.

اليوم العالمي لأيتام الحروب

يعود الإعلان عن اليوم العالمي لأيتام الحروب، في السادس من يناير/كانون الثاني من كل عام، إلى المنظمة الفرنسية "نجدة الأطفال المحرومين" SOS enfant en detresse”"، وهي منظمة إنسانية غير حكومية تهتم بأحوال الأطفال، خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى الحماية من جميع أشكال الإساءة، مقرها الرئيسي في باريس، فرنسا.

وتعتبر المنظمة أن هذا اليوم العالمي يشكل اعترافاً دولياً بمحن المجموعات المستضعفة، وتقديم المساعدة والوقاية والحماية للأطفال على وجه الخصوص، من كل أشكال الإساءة والاعتداء وسوء المعاملة أو الإهمال، وصون حقوقهم استناداً للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.

وتذكر المنظمة، في موقعها الإلكتروني، أنه، في العقود الأخيرة، زادت نسبة الضحايا المدنيين في الصراعات المسلحة بشكل كبير، وما يقرب من نصف الضحايا هم من الأطفال.

كما اضطر ما يقدر بنحو 20 مليون طفل إلى الفرار من ديارهم بسبب النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، ويعيشون كلاجئين في دول مجاورة لدولهم، أو نزحوا داخل حدود أوطانهم.

كذلك قتل أكثر من مليوني طفل كنتيجة مباشرة للنزاعات المسلحة خلال العقد الماضي. وإن أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العدد، أي ستة ملايين طفل على الأقل، أصيبوا بإعاقات دائمة أو بجروح خطيرة. وأكثر من مليون طفل أصبحوا أيتاماً أو انفصلوا عن أسرهم.

كما أن هناك بين ثمانية إلى 10 آلاف طفل يقتلون أو يصابون بالتشوهات بسبب الألغام الأرضية كل عام.

ويكفي في النهاية أن نذكر ما جاء في حديث الرسول " إنّ اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن"، لكي نقول إن على الكبار أن يراجعوا حساباتهم، ليحموا الطفولة من الحروب واليتم.