إذا كان الصراع بين رئيسي الوزراء السابقين فرانسوا فيون، وألان جوبيه في انتخابات اليمين والوسط التمهيدية لاختيار مرشح للرئاسة الفرنسية، يشتدّ حول الملفات الاقتصادية، فثمة صراعات محتدمة إعلامياً، قد تلعب دور الحسم في التصويت بالدورة الثانية من الانتخابات، الأحد المقبل.
ودفعت مواضيع اقتصادية، نحو 50 في المائة من الفرنسيين، للتصويت في الدورة الأولى لانتخابات اليمين والوسط الفرعية، الأحد الماضي، مثل طروحات صرف نصف مليون موظف، ورفع السنّ القانونية للتقاعد، وإلغاء قانون الشغل، وغيرها.
وكشفت الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية في اليمين والوسط الفرنسي، عن مفاجأة مدوية، تمثّلت في الإقصاء المبكر للرئيس السابق زعيم المعارضة اليمينية، نيكولا ساركوزي، والذي حلّ ثالثاً خلف رئيس وزرائه السابق، فيون، الذي خالف كل التوقعات واستطلاعات الرأي وحلّ أول بنسبة تجاوزت 44 في المائة، وجوبيه، في المرتبة الثانية، خلف فيون، بنسبة 28 في المائة.
وعنونت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أحد أعدادها بعنوان "الحرب الآن مفتوحة بين اليمينَيْن"، فيما اتهمت صحافة اليسار، صراحة، معسكر فيون بالاستعانة بالطاقم الساركوزي، وبفاعلين رئيسيين في حركة "التظاهر للجميع"، المسيحية المتطرفة، وسط حديث جوبيه نفسه عن انضمام مجموعات كبرى من اليمين المتطرف لدعم منافسه.
أما صحافة اليمين، وعلى رأسها صحيفة "لوفيغارو" فحسمت أمرها، في الانضمام إلى فيون، والذي قال بدوره لصحيفة "لوباريزيان"، أمس الاثنين، إنّ "فرنسا تتجه نحو اليمين، أكثر من أي وقت مضى".
وتضمّن عدد صحيفة "لوفيغارو"، اليوم الأربعاء، ملفاً داعماً للمرشح فيون، تحت عنوان الصفحة الأولى "أنصار جوبيه واليسار يتهيّجون ضد فيون"، عازية هذا التهيّج إلى انتقاد جوبيه للرؤية التقليدية لفيون، ومطالبته بتوضيح موقفه فيما يخصّ الإجهاض، وهو ما رأى فيه جيروم شارتيي، أحد مساعدي فيون، بحسب الصحيفة "سجالاً معيباً".
وذهبت افتتاحية الصحيفة اليمينية، بعنوان "مهاجمة فيون"، وهي من توقيع إيف ترياد في الاتجاه ذاته، إذ يسخر الكاتب من هجوم اليسار على فيون، بالقول "هل يجب التذكير بأنّ الأمر لا يتعلّق بانتخابات فرعية لليسار والوسط"؟
ورأى ترياد أنّ "اليسار الذي تخلَّصَ من خصمه نيكولا ساركوزي، لم ينتظر أكثر من 24 ساعة قبل أن يتخذ من فرانسوا فيون هدفاً جديداً".
كما انتقد المقارنة التي أجرتها صحيفة "ليبراسيون" اليسارية بين "فيون الكاثوليكي وطارق رمضان (الأستاذ الجامعي والكاتب) الإسلاموي". وعاب الصحفي الفرنسي اليميني، على المرشح جوبيه وأنصاره هذا التحالف مع اليسار، معتبراً أنّه "خطأ"، وكتب محذّراً "إنّ من يواصلون السير في هذه الطريق لا يخدمون اليمين ولا يخدمون أنفسَهُم".
وفضلاً عن الصحف، ينشط اليمين الفرنسي المتطرّف والإسلاموفوبي بقوّة في هجومه على جوبيه، على شبكة التواصل الاجتماعي، بسبب سهولة الإفلات من المحاسبات القانونية، حينما يتجاوز تناول الخبر القوانين السارية، أحياناً.
ولهذا السبب يتعرّض جوبيه، منذ أسابيع، وبشكل مكثّف خلال الأيام القليلة الماضية، إلى هجمات كلامية شرسة، بسبب علاقاته الهادئة مع ممثلي الديانة الإسلامية في مدينته بوردو، وخاصّة مع الشيخ طارق أوبرو، إمام المسجد الأكبر.
وتناولت الهجمات دوراً مزعوماً لجوبيه، في تأسيس "المركز الثقافي والديني الإسلامي" في مدينة بوردو، ورفضه الصريح، لسنّ قانون جديد لحظر "البوركيني"، الأمر الذي يؤيده خصماه فيون وساركوزي.
وتمّ تناقل صور عبر شبكات التواصل الاجتماعي، استبدلت اسم "ألان جوبيه" باسم "علي جوبيه"، وقد وضعت له لحية طويلة، وأحياناً أخرى طاقية، كما تصوّره مع شعار "حلال"، وأحياناً عبارات "طارق أوبرو، رئيساً لحكومة جوبيه"، أو أوبرو "الإمام الذي يريد فرض الشريعة في أوروبا وفي فرنسا".
ووصفت بعض المواقع الإلكترونية جوبيه، بأنّه "المرشحَ الأكثر إسلامية وفرنكوفوبية وتساهلاً مع المهاجرين"، ما دفعه إلى التشديد في لقاء مع مجلة "ليكسبريس" الفرنسية الأسبوعية، على أنّ "اسمه ألان ماري"، نافياً تحوّله عن ديانته، وآسفاً لأنّ خصومه السياسيين، من اليمين، لم يدينوا هذه "الحملات المغرضة".