مع اقتراب موعد عقد مجلس الأمن الدولي، جلسة لمناقشة الأوضاع في اليمن، باتت التطورات اليمنية، في الجانب السياسي على الأقل، مرتبطة بنتائجها، وذلك في ظلّ طرح مبادرتين. الأولى دعا القيادي في جماعة أنصار الله (الحوثيين)، محمد علي الحوثي، مجلس الأمن لتبينها، وسبقها جدل في الشارع اليمني، حول مبادرة أطلقها الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد.
وكان محمد علي الحوثي، رئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، وأحد القادة البارزين في الجماعة، قد كشف أمس الخميس، عن رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ولأعضاء مجلس الأمن الدولي، تضمّنت "مبادرة لإنهاء المآسي التي جلبها" ما وصفه بـ"العدوان على اليمن"، في إشارة للعمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية. وتضمنت الرسالة ستة بنود، أولها "تشكيل لجنة مصالحة، ثم الاحتكام لصندوق الانتخابات لانتخاب رئيس وبرلمان يمثل كل الشعب اليمني وقواه السياسية، ووضع ضمانات دولية ببدء إعادة الإعمار وجبر الضرر، مع أي اعتداء من دول أجنبية على اليمن، وإعلان عفو عام وإطلاق كافة المعتقلين من كل طرف، وأخيراً، وضع أي ملف مختلف عليه للاستفتاء". واعتبر الحوثي في رسالته، أن "أي حلول لا يمكن أن تكون جذرية ما لم يتم إيقاف ما وصفه بـ"العدوان" (عمليات التحالف) وكذلك رفع الحصار البري والبحري والجوي، عن البلاد.
وكان محمد علي الحوثي قد أصدر في السادس من فبراير/شباط 2015، ما سُمي بـ"الإعلان الدستوري"، الذي قامت بموجبه الجماعة بحل مؤسسات الدولة (الرئاسة، والحكومة، والبرلمان)، وسلّمت السلطة لـ"اللجنة الثورية العليا". وتألفت الأخيرة من 15 عضواً برئاسة محمد الحوثي نفسه، وقد استمر الأخير، بممارسة مهام الرئيس في مناطق سيطرة الجماعة، في الفترة التي تلت ذلك، وحتى يوليو/تموز 2016، عندما اتفق الحوثيون وحزب المؤتمر برئاسة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، على تشكيل "المجلس السياسي الأعلى"، وإعادة البرلمان للعمل. وعلى الرغم من أن الاتفاق لا يعترف بأي صفة لـ"اللجنة الثورية"، (في الحكومة الانقلابية)، إلا أن محمد الحوثي، ظهر في أكثر من مناسبة، بصفته رئيساً للجنة، وآخرها، الرسالة التي بعثها للأمم المتحدة.
ومنذ أسابيع، باتت أغلب التطورات السياسية اليمنية، مرتبطة بدرجة أو بأخرى، بالجلسة المرتقبة في مجلس الأمن، المقرر أن تبت بالعقوبات المفروضة على الرئيس الراحل ونجله الأكبر أحمد، المتواجد في الإمارات، والذي دشن أنصاره منذ أيام، حملة إلكترونية، تطالب بشطب اسمه من قائمة العقوبات، وذلك بعد أن انفضّ التحالف بين أنصاره وبين الحوثيين وما رافق ذلك من تطورات. كما أن الجانب الرسمي اليمني في الشرعية، لم يحدد موقفاً معلناً على الأقل، برفع العقوبات من عدمه، غير أن أبوظبي والرياض، والأولى على نحو خاص، تدفعان نحو رفعها.
ورحّبت قيادات حوثية بالمبادرة التي أعلنها علي ناصر محمد، ووصفها القيادي في الجماعة، عبدالملك العجري، في تصريح له، بأنها "مبادرة مسؤولة وواقعية تمثل في معظمها مخارج جيدة للحل السياسي في اليمن"، غير أن "المجلس الانتقالي الجنوبي"، هاجم المبادرة. وقال القيادي في المجلس، لطفي شطارة، إن "الرئيس الأسبق علي ناصر محمد الذي نكن له كل الاحترام، ومهما اختلفنا مع طروحاته بالنسبة للحلول السياسية للخروج من الوضع الذي تمر به اليمن، والتي يطرحها هنا أو هناك، وخاطبه بأن الواقع تجاوز هذه الرؤية التي أعلنها من موسكو، وأن الجنوب واقع جديد وهناك تعاطٍ دولي مع المجلس الانتقالي".