لوّحت السلطات الحوثية في صنعاء، يوم الإثنين، بقطع خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت عن ملايين اليمنيين، في تطور جديد لأزمة استيراد المشتقات النفطية المتصاعدة منذ أسابيع، والتي تتهم الجماعة التحالف السعودي-الإماراتي بالتسبب فيها.
وتسيطر جماعة الحوثيين على خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت في جميع المدن اليمنية بما فيها الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء أواخر 2014، وطيلة السنوات الماضية عجزت "الشرعية" عن نقل تلك الخدمات إلى مناطق سيطرتها في عدن.
وأعلنت وزارة الاتصالات الخاضعة للحوثيين أن مؤسسات وشركات الاتصالات والبريد تواجه نقصاً حاداً في المشتقات النفطية جراء تعنت التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات واستمراره باحتجاز سفن المشتقات النفطية، ما ينذر بانقطاع وشيك لخدمات الاتصالات والإنترنت عن ملايين المدنيين في اليمن.
وذكرت الوزارة، في بيان صحافي نقلته قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، أن مؤسساتها تعتمد كليا على المشتقات النفطية لتشغيل أبراج ومحطات وسنترالات الاتصالات ومختلف التجهيزات الفنية في المواقع الرئيسية والطرفية والريفية لشبكة الاتصالات والإنترنت الوطنية.
وفيما حذّرت من توقف كلي أو جزئي وشيك لشبكات الاتصالات والإنترنت في الجمهورية اليمنية جراء انعدام المشتقات، حمّلت وزارة الاتصالات الحوثية، من سمتها بـ"دول تحالف العدوان" وكل الأطراف الداعمة والمتواطئة معها، المسؤولية القانونية الكاملة إزاءها، كما تحملها كافة التبعات وما سيترتب عليها من عزل أكثر من 27 مليون مواطن عن العالم.
ورفض الحوثيون الامتثال للمطالب الأممية بالتنسيق بشأن آلية استيراد الوقود عبر الموانئ الخاضعة لسيطرتهم بما يضمن عدم مساسهم بالإيرادات الخاصة بها، بعد اتهامات الحكومة الشرعية لهم بسحب ما يعادل 60 مليون دولار منها أواخر إبريل/نيسان الماضي.
ولجأت الجماعة إلى الضغط على الأمم المتحدة والحكومة الشرعية، عبر الملف الإنساني. وأمس الأحد، كررت الصحة الحوثية ذكر العواقب التي أوردتها في بيانات سابقة، وقالت "إن أول ساعات نفاد المشتقات النفطية المتوفرة حاليا في المستشفيات يعني وفاة ألف مريض في غرف العنايات أو في الحضانات".
وسمحت الحكومة الشرعية أمس الأحد، بدخول سفينة وقود تحمل 29 طن بنزين، لكن شركة النفط الحوثية اعتبرت ذلك "محاولة لذر الرماد في العيون وانتقائية لا تتناسب مع حجم الأزمة التموينية بالغة الخطورة"، وقالت إن 20 سفينة لا تزال محتجزة قبالة ميناء جازان السعودي.
وتتهم الحكومة الشرعية جماعة الحوثيين بالمتاجرة بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها، واستغلال الأزمة كذريعة للتنصل من الآلية المتفق عليها وتسخير عائدات ضرائب النفط لصرف رواتب موظفي الدولة".
ورعت الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، اتفاقا بين جماعة الحوثيين والحكومة الشرعية بخصوص رسوم الجمارك والضرائب على واردات المشتقات النفطية التي تصل إلى موانئ الحديدة، ويتضمن تحييد مبالغ الرسوم في حساب مصرفي خاص، واستخدامها لدفع رواتب موظفي الدولة، لكن الحوثيين خرقوا الاتفاق بسحب ما يعادل 60 مليون دولار من فرع "بنك الحديدة".
وكان المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، قد اتهم الحوثيين بصراحة بسحب الأموال المجمّعة من الحساب المؤقت بإيرادات الوقود التي تدخل عبر "بنك الحديدة"، بشكل أحادي الجانب، لافتا في تصريحات خلال اليومين الماضيين، إلى أن مكتبه طالب الجماعة بـ"تنفيذ سلسلة من التدابير الصحيحة وتزويده بالمعلومات المتعلقة بكيفية صرف تلك المبالغ من الحساب المشترك".
وأعلنت جماعة الحوثيين، مساء الإثنين، أنها قدّمت كافة الوثائق إلى الأمم المتحدة، والتي تكشف أنهم صرفوا الرصيد المجمّع من إيرادات المشتقات النفطية في مبادرة المرتبات لصرف نصف راتب لموظفي الدولة في مناطق سيطرتهم.
وقالت وزارة مالية الحوثي، في تصريحات نقلتها قناة "المسيرة"، إن الأمم المتحدة، والطرف الآخر (الحكومة الشرعية)، أحرجوا حيال قدرتهم على صرف نصف راتب بانتظام، بحسب الإمكانات المتوافرة، فعمدوا إلى منع السفن من الوصول إلى ميناء الحديدة.
وكانت جماعة الحوثيين قد زعمت صرف نصف راتب في مناطق سيطرتها خلال شهر رمضان المبارك وقبيل عيد الفطر السعيد من إيرادات المشتقات النفطية بشكل أحادي، لكن الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة نص على صرف المرتبات لجميع موظفي اليمن حتى في المناطق الخاضعة للشرعية.
وتطالب الحكومة باعتماد كشوفات مرتبات موظفي 2014، أي ما قبل الحرب، وتقول إن جماعة الحوثيين تصرف مرتبات لآلاف الموظفين الجدد الموالين لها، وتحرم الموظفين السابقين من مرتباتهم منذ سنوات، فيما تقوم الشرعية بصرف منتظم لمرتبات الموظفين المدنيين في مناطق سيطرتها.