وقال المريسي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوثيين لجأوا إلى فتح جبهات أخرى في محاولة لخنق جبهة مريس، كونها الأهم، فالسيطرة عليها تعني التحكم بالضالع. لذلك فتح الحوثيون جبهتَي حمك والعود، وساعدتهم في ذلك خيانات بعض المشائخ، وحاولوا التقدّم نحو قعطبة، التي يمر منها الخط الرئيسي إلى مريس، لكنهم فشلوا أيضاً في التقدم، بعد ترتيب الجبهات وتعزيزها". وأضاف المريسي: "هاجم الحوثيون جبهة أخرى من الضالع، وهذه المرة من جهة الغرب عبر الحشاء، وأحرزوا تقدماً فيها، لكن تعزيز الجبهة من قبل القوات المشتركة وتدخل الطيران، أوقفا تقدم الحوثيين"، موضحاً أن "هدف الحوثيين من التقدم عبر جبهة الحشاء، كان الدخول من هذه الجبهة لعزل جبهتَي قعطبة ومريس ومحافظة إب عن الضالع، لكنهم فشلوا. فعادوا وحاولوا فتح جبهة الأزارق جنوب غربي الضالع، في محاولة للتقدم لمهاجمة مدينة الضالع مباشرة، لكنهم فشلوا مرة أخرى وتم دحرهم إلى داخل مأوية في تعز". ووفق المريسي، "خلال هذه الحرب أهملت الشرعية الجبهات وتركتها تواجه مصيرها من دون دعم. وكان المجلس الانتقالي (الجنوبي) والإمارات دفعا بتعزيزات كبيرة وأسلحة حديثة إلى كل جبهات الضالع، وصولاً إلى جبهات إب".
ومع اشتداد الهجوم على جبهات الضالع، سارعت الإمارات وحلفاؤها في "المجلس الانتقالي الجنوبي" إلى حشد قوات كبيرة لدعم الجبهات في الضالع، وتبنّي الغطاء الجوي لمساندة القوات التي دفعت بها. وعملت على إعادة ترتيب جبهات الضالع، وصولاً إلى جبهات العود في إب، وأصبحت تتحكم في إدارة المعارك وفي الجبهات نفسها، التي كان أغلبها يتبع للشرعية، كما أنها باتت تتحكم في محافظة الضالع، لتصبح الضالع المحافظة الأقرب والأكثر ولاء للإمارات وحلفائها. وقال مصدر سياسي جنوبي، لـ"العربي الجديد"، إن "الضالع لم تكن يوماً تابعة للإمارات وحلفائها، فقد كانت متأرجحة بين أكثر من طرف، وإن كان أغلبها منقسماً بين الشرعية والإمارات. لكن التطورات الأخيرة أفرزت وجهاً آخر للصراع، فقد بدا للكل أن صمت الشرعية حيال الهجمات الحوثية الكبيرة وغير المسبوقة على الضالع، بمثابة رسالة للمجلس الانتقالي والإمارات، وتركهما لوحدهما في المعركة، خصوصاً أن الضالع هي الخزان البشري للانتقالي والإمارات. لذلك، فإن عدم دفع الشرعية بقوات من المنطقة العسكرية الرابعة لمساعدة القوات في الضالع، وتحميل الانتقالي والإمارات مسؤولية حماية مخزنهما البشري، وأهم معقل شعبي لهما، كانا يهدفان لدفعهما إلى مواجهة الحوثيين في الضالع". ولفت إلى أن "الإمارات وحلفاءها قد يحققون نصراً في الضالع على حساب الشرعية، لتكون السلطات الشرعية هي الخاسرة، لكن يظل موضوع عدن مهماً بالنسبة إلى الطرفين، وقد يؤدي الإرباك العسكري الحاصل في حدود الضالع إلى إرباك حسابات الإمارات وحلفائها في عدن، وقد تستفيد الشرعية من هذه الأحداث والوضع لتعزيز حضورها في عدن".
ومع انتماء الكثير من القوات الموالية للإمارات في عدن، إلى الضالع ويافع، ارتفعت أصوات تطالب بسحب هذه القوات إلى الضالع ويافع لحماية المنطقتين. وخرج نائب رئيس "المجلس الانتقالي"، رجل الإمارات الأول في الجنوب، هاني بن بريك، للتشديد على أنه "لن يتم سحب هذه القوات من عدن"، وأن "هناك أضعاف هذه القوات من أهالي هذه المناطق موجودة في مناطقها وهي ستدافع عنها". ومنذ اللحظات الأولى لهجمات الحوثيين على الضالع، سارع قادة "الانتقالي" وقادة من التحالف إلى زيارة جبهات الضالع، وإعطائها أولوية كبيرة، فهي تُعد حاضنتهم الشعبية، كما أن هجوم الحوثيين شكّل فرصة لبسط سيطرتهم عليها بشكل كامل، في ظل أهميتها المعنوية والعسكرية وفق حسابات الصراع القائم بين الإمارات والشرعية، وبينها والحوثيين، لذلك كانت معركة الضالع، ومعها يافع، والدفاع عنهما أمرَين مهمَين لـ"الانتقالي" والإمارات.
ويتخوف "المجلس الانتقالي الجنوبي" والإمارات من أن المناطق الأخرى قد تتبع ما يجري في تعز، من إخراج حلفائهما من المشهد، لذلك فإن عملية بسط سيطرتهما، الأمنية والعسكرية، تأتي متزامنة مع أحداث تعز التي أدت إلى إخراج جماعة "أبو العباس" الموالية للإمارات من مدينة تعز، وباتت السيطرة أكثر لصالح حزب "الإصلاح". لذلك لم يستبعد مصدر مقرب من "المجلس الانتقالي" أن تبني الإمارات آمالها على الضالع، كنقطة لمواجهة محاولات الشرعية، خصوصاً حزب "الإصلاح"، التمدد، لا سيما أن تعز تربطها وإب حدود مع الضالع. وتمثل إب وتعز معقل حزب "الإصلاح"، وتحاول أبوظبي وحلفاؤها حصار القوات الموالية لحزب "الإصلاح" في تعز من خلال طرق الضالع وإب.
ومع هذه التطورات، يرى مراقبون للأوضاع أن الشرعية قد تكون خسرت دورها في الضالع، ولن تكون قادرة على اختراقها من جديد على المدى القريب، بسبب العلاقة التي تدهورت بين الضالع والشرعية، وإهمال الشرعية للمحافظة وجبهاتها منذ أكثر من أربع سنوات، فيما أن الضالع تعد أول مدينة تحررت من الحوثيين. وتعليقاً على ذلك، قال المسؤول المدني في الضالع ماهر الحالمي، لـ"العربي الجديد"، إن "إهمال الشرعية أضرنا كثيراً، لكن تظل الشرعية هي التي تجمعنا، وإن كانت هناك تباينات لكن تظل الدولة خاضعة للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، ويجب عدم الخروج عن هذا الأمر، وما تقوم به الإمارات أيضاً تشكَر عليه، ونُقدره في الضالع". ولفت إلى أن "الضالع مهمة للمشروع الوطني، فهي جزء منه وتلعب دوراً رئيسياً في تحريك القضايا الوطنية، وكانت محركاً للقضية الجنوبية، كقضية عادلة، لكن أيضاً لا يجب استغلالها لتحقيق مشاريع خارج الإجماع الوطني، كما لا يجب، في الوقت نفسه، شيطنة الضالع، نظراً لبعض التصرفات الفردية". والضالع من أكثر المحافظات الجنوبية الداعية إلى انفصال الجنوب عن الشمال، والرافضة لاستمرار الوحدة. وباتت تقف بوجه كل الدعوات التي لا تتوافق مع ما تسعى إليه، لذلك غالباً ما ينحاز أهلها إلى جانب أي طرف يعادي أو يرفض الوحدة.