وأصدرت اللجنة الثورية لجماعة "الحوثيين" قراراً بتكليف وزيري الدفاع والداخلية المستقيلين اللواء محمود الصبيحي، واللواء جلال الرويشان، بتسيير الأعمال في الوزارتين.
وكان الصبيحي والرويشان حضرا حفل "الإعلان الدستوري" للجماعة في القصر الجمهوري. وتتردد أنباء عن أنهما حضرا مجبرين، لكونهما في الإقامة الجبرية منذ استقالة الحكومة قبل أكثر من أسبوعين. ويعد هذا القرار، هو أول قرار رسمي، للجنة، بعد أن أصدرت إعلاناً دستورياً يخولها بحكم البلاد.
وأجريت مراسم الإعلان الدستوري في القصر الجمهوري وسط العاصمة صنعاء بحضور شخصيات أبرزها الصبيحي، والرويشان.
وقد اشتمل إعلان "الحوثيين" على 16 مادة، نصت على استمرار العمل بأحكام الدستور النافذ، ما لم تتعارض صراحة أو ضمناً مع هذا الإعلان. تنظّم مواد هذا الإعلان قواعد الحكم ضمن المرحلة الانتقالية، ونصت المادة الثالثة على أن الحقوق والحريات العامة مكفولة وتلتزم الدولة بحمايتها، والمادة الرابعة نصت على أن تقوم السياسية الخارجية للدولة على أساس حسن الجوار، وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدولة، واعتماد الوسائل السلمية لحل النزاعات، بما يحفظ استقلال الوطن وسيادته.
ونصت المادتان الخامسة والسادسة على أن اللجنة الثورية العليا هي المعبرة عن الثورة، وتتفرّع عنها اللجان الثورية في المحافظات والمديريات، ويشكل بقرار من اللجنة الثورية مجلس وطني انتقالي عدد أعضائه 551 عضواً، يحل محل مجلس النواب المنحل، ويشمل المكونات غير المكوّنة فيه، ويحق للجنة الثورية ضم من تريد.
بينما نصت المادتان الثامنة والتاسعة على أن تحدد اللائحة التي فيها حقوق عمله وواجبات أعضاء المجلس الوطني البديل للبرلمان، وأن يتولى رئاسة الجمهورية مجلس رئاسة مكون من خمسة أعضاء، ينتخبه المجلس الوطني، وتصادق على انتخاباتهم اللجنة الثورية، وتحدد اللائحة الداخلية للمجلس نظام عمله وحقوق وواجبات أعضائه.
وتضمّن إعلان "الحوثيين" في مادته العاشرة تكليف مجلس الرئاسة من أعضاء المجلس بتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية، ونصت المادة 11 على أن تختصّ اللجنة الثورية باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الضرورية لحفاظ سيادة الوطن وحماية أمانه واستقلاله، وضمانة حقوق وحريات المواطنين. تليها مادة تنص على أن تحدد اختصاصات المجلس الوطني والرئاسة والحكومة بقرار مكمل تصدره اللجنة الثورية.
كما تلتزم السلطات الدولة خلال مدة عامين بإنجاز استحقاقات المرحلة لمرجعيات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة، ومنها مراجعة مسودة الدستور وسن القوانين والاستفتاء على الدستور، وتستمر التشريعات العادية النافذة ما لم تتعارض من نصوص الإعلان. بينما نصت المادة الأخيرة من الإعلان على أنه يعد نافذاً من تاريخ صدوره.
اغتصاب السلطة
وفي أسرع رد فعل على إصدار جماعة "الحوثيين"، مساء اليوم، ما وصفته بـ "الإعلان الدستوري"، أعلن مجلس شباب الثورة عن رفضه المطلق لذلك الإعلان، واعتبره اغتصاباً للسلطة، واعتداءً على حق الشعب اليمني في اختيار حكامه، ومصادرة لحرياتهم ومستقبلهم.
وقال المجلس في بيان، إن "صنعاء اليوم غدت عاصمة محتلة من قبل مليشيات مسلحة طائفية، اغتصبت السلطة وقوضت الدولة اليمنية، وكل ما يصدر عنها، وما تتخذه من إجراءات، باطلة وغير مشروعة وغير ملزمة لبقية المحافظات والأقاليم خارج العاصمة المحتلة".
وطالب المجلس هذه المحافظات بإدارة شؤونها أمنياً ومدنياً وعسكرياً، والتصدي لأي محاولة لاجتياحها من قبل مليشيات الحوثي المسلحة حتى تحرير العاصمة واستعادتها من سيطرة المليشيات.
ووصف المجلس هذا الإعلان بـ "الخطوة الهيستيرية"، والاستهتار الواضح بتاريخ الشعب اليمني، ونضالاته، وطموحاته، داعياً جميع اليمنيين إلى الوقوف صفاً واحداً "ضد هذه العربدة الحوثية".
انقلاب مكتمل الأركان
إلى ذلك أعلن "التنظيم الوحدوي الناصري" في اليمن إدانته للخطوة التي أقدمت عليها جماعة "أنصار الله"، وأوضح "الناصري"، وهو أول حزب يصدر بياناً عقب الخطوة التي أقدم عليها "الحوثيون"، أنهم "ألغوا مبدأ الحوار بين القوى السياسية كوسيلة حضارية لإخراج الوطن من الأزمات". معتبراً أن "اللجوء إلى الإعلان الدستوري يعتبر وبلا شك إنقلاباً مكتمل الأركان على الشرعية الدستورية والتوافقية الناتجة عن ثورة 11 فبراير/شباط 2011 بهدف الاستيلاء على السلطة". وحمل "الناصري" الجماعة "كامل المسئولية عن التداعيات الخطيرة المترتبة على ذلك في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والإجتماعية ومصير ومستقبل الوطن".
ودعا "الناصري" القوى السياسية والمجتمعية إلى تحمل مسؤوليتها والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة وتماسك النسيج الاجتماعي وعدم الانجرار للفوضى، والتعبير عن مواقفهم المشروعة بطرق سلمية".
تظاهرات منددة
وفيما تحفظت أبرز القوى السياسية عن إعلان أي موقف حتى اللحظة، تعقد قيادات العديد من الأحزاب اجتماعات لمناقشة التطورات. ويترقب اليمنيون موقف حزب "المؤتمر الشعبي"، الذي يرأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهو صاحب الغالبية في البرلمان، ويعدّ موقفه حاسماً، باعتباره أبرز القوى السياسية في صنعاء، واتهم بدعم "الحوثيين" في الفترة الماضية.
وأطلق أنصار الجماعة المفرقعات في الهواء في سماء صنعاء، احتفاءً بما اعتبروه "انتصار ثورة 21 سبتمبر/أيلول"، وهو اليوم الذي اجتاحت فيه العاصمة العام الماضي. وتجمع غالبية تعليقات المحللين والسياسيين في اليمن، على أن ما أقدمت عليه الجماعة، خطوة خطيرة تفتح الباب على المجهول، ومثلت الضربة الأخيرة للعملية السياسية الانتقالية القائمة منذ أربعة أعوام. وبينما لا تزال سيناريوهات الساعات والأيام المقبلة مجهولة ومفتوحة على جميع الاحتمالات، ولا يستبعد محللون أن يتم الإعلان عن مجلس عسكري مدعوم من القوى والأحزاب الأخرى كرد فعل على الخطوة الانفرادية لجماعة الحوثي.
وفي أول رد فعل خرج متظاهرون بالمئات في مدن تعز والحديدة وعدن وإب، منددين بـ "الانقلاب الحوثي"، ورافضين إعلانه الدستوري.
واشنطن تدين
في الأثناء، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف، إن الوزارة تدين إقدام "الحوثيين" الذين يهيمنون على اليمن على حل البرلمان اليوم الجمعة. وقالت هارف، إن الولايات المتحدة تواصل العمل مع قوات مكافحة الإرهاب في اليمن.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية عقب اجتماعات مع وزير الخارجية جون كيري، اليوم الجمعة، إن "دول الخليج العربية دعت المجتمع الدولي لاتخاذ موقف أقوى إزاء الوضع في اليمن".
وأضاف المسؤول أن مسؤولي خارجية البحرين، سلطنة عُمان، قطر، الإمارات، الكويت، والسعودية عبروا خلال الاجتماع مع كيري، عن قلقهم من النفوذ الإيراني في اليمن لكن لم يتم وضع ترتيبات للحديث مع طهران في هذا الصدد.
وقال المسؤول إن "هناك شعور بأن المجتمع الدولي بحاجة إلى اتخاذ موقف أقوى إما من خلال الأمم المتحدة أو منظمة أخرى متعددة الأطراف."