الولايات المتحدة الأميركية تستعدّ لتوقيف آلاف من أفراد العائلات المهاجرة

12 يوليو 2019
عند الحدود المكسيكية الأميركية (سيرجيو فلوريس/ فرانس برس)
+ الخط -

تكثر المقالات والتقارير الصحافية التي تتناول قضيّة المهاجرين عند الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأميركية. وفي ما يأتي ترجمة لأحد التقارير الأخيرة.

تحت عنوان "الولايات المتحدة الأميركية تستعدّ لتوقيف آلاف من أفراد العائلات المهاجرة"، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريراً للكاتبَين الصحافيَّين المتخصصَين في شؤون الهجرة كايتلين ديكرسون وزولان كانّو - يونغز، أمس الخميس، في 11 يوليو/ تموز 2019.

نقل التقرير عن مسؤولين في الأمن القومي بالولايات المتحدة الأميركية، اثنان منهم حاليّان وواحد سابق، أنّه تمّت جدولة مداهمات ابتداءً من يوم الأحد في كامل البلاد، والهدف منها توقيف آلاف من أفراد عائلات مهاجرة غير نظامية. يأتي ذلك في عمليّة متغيّرة ما زالت تفاصيلها النهائية غير محسومة، علماً أنّ موعد العملية المدعومة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان قد تأجّل سابقاً، جزئياً، بسبب مقاومة له سُجّلت بين مسؤولين في وكالة الهجرة الخاصة به.

والمداهمات التي تقودها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة الأميركية على مدى أيام، سوف تشمل ترحيلات "جانبية"، بحسب المسؤولين الثلاثة الذين طلبوا عدم الكشف عن هويّاتهم لأنّ العملية ما زالت في المرحلة الأولية. في خلال تلك الترحيلات، من المحتمل أن يُعتقَل مهاجرون صدف ووُجدوا في المكان، حتى لو لم يكونوا مستهدَفين بحدّ ذاتهم.

وفي حال كان الأمر ممكناً، فإنّ أفراد العائلات الذين يتعرّضون إلى التوقيف معاً سوف يُحتجزون كعائلة في مراكز اعتقال في تكساس وبنسلفانيا. لكن، بسبب المساحة المحدودة، قد ينتهي الأمر ببعض هؤلاء في الفنادق إلى حين تجهيز وثائق السفر الخاصة بهم، فهدف وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك هو ترحيل العائلات بأسرع وقت ممكن.




ووكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك تستهدف، بحسب المسؤولين في الأمن القومي، ألفَي مهاجر على أقلّ تقدير سبق وصدرت قرارات بترحيلهم - بعضهم كنتيجة لعدم حضورهم إلى المحكمة - لكنّهم ما زالوا في البلاد بصورة غير شرعية. ومن المتوقّع أن تتمّ العملية في 10 مدن رئيسية على أقلّ تقدير.

والعائلات المستهدفة كانت قد عبرت الحدود قبل فترة وجيزة (...) وفي خلال فبراير/ شباط الماضي، تلقّى عدد كبير من هؤلاء المهاجرين إشعارات بمراجعة مكاتب وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ومغادرة الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما يفيد المسؤولون في الأمن القومي.

في تصريح له يوم الأربعاء الماضي، قال متحدّث باسم وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في الولايات المتحدة الأميركية، ماثيو بورك، إنّهم لن يصدروا أيّ تعليق حول تفاصيل محدّدة تتعلّق بتنفيذ العمليات، وذلك بهدف ضمان سلامة طاقم الوكالة وأمنه.

وقد هزّ التهديد بالترحيل مجموعات المهاجرين في كل أنحاء البلاد، فيما تسبّب في ردود فعل سلبية لدى سياسيين محليين وكذلك مسؤولين محليين في الشرطة، بالإضافة إلى إحداثه شرخاً في وزارة الأمن القومي الموكلة بترحيل هؤلاء. ولعلّ هدف إدارة ترامب هو استغلال العملية كعرض للقوة من أجل ثني العائلات عن الاقتراب من الحدود الجنوبية الغربية، بحسب المسؤولين المذكورين آنفاً.

ولفت المسؤولون أنفسهم إلى أنّ الموكلين بتنفيذ العملية عبّروا عن مخاوفهم من اعتقال رضّع وأطفال صغار. كذلك لحظ هؤلاء الموكلون بتنفيذ العملية أنّ نجاحها قد يكون محدوداً، لأنّ تعليمات وصلت إلى مجموعات المهاجرين حول كيفية تفادي الاعتقال من خلال رفض فتح باب المنزل لمنفذّي العملية، إذ إنّه لا يحقّ لهؤلاء الأخيرين الدخول عنوة إلى المنازل.

ومن المحتمل أن يتقدّم محامو الدفاع المعنيون بالهجرة بطلبات التماس لإعادة النظر في قضايا العائلات المهاجرة، وهو ما يعني تأجيل إبعادهم من الولايات المتحدة الأميركية إن لم يكن وقف العملية برمّتها.

في الانتظار... (كيتزالي بلانكو/ فرانس برس)

على مدى أسابيع في خلال الشهر الماضي، أشار مدير وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في حينها، مارك مورغان، إلى أنّ الموكلين بتنفيذ العملية سوف يضاعفون جهودهم لجمع العائلات. وقبل أيام من الموعد الذي كان محدداً لبدء تلك العملية، نشر ترامب توقّعات لخطّة العملية على موقع "تويتر"، الأمر الذي صدم الموكلين بتنفيذها من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك ودفع المسؤولين عن أمن هؤلاء إلى التخوّف من فضحهم كنتيجة لذلك.

في بداية شهر يونيو/ حزيران الماضي، طلب نائب وزير الأمن القومي، كيفين ك. ماكالينان، من مورغان إلغاء العملية. فهو لم يكن يوافق على تلك المداهمات حينها، بحسب ما قال مسؤولون حينها، وجزئياً بسبب قلق من احتمال تفريق مهاجرين غير نظاميين عن واحد أو أكثر من أطفالهم الذين يحملون جنسية الولايات المتحدة الأميركية. بالتالي، عمد مورغان إلى دفع ترامب إلى إسقاط المداهمات من حساباته. يُذكر أنّ مورغان هو اليوم مفوّض هيئة الجمارك وحماية الحدود في الولايات المتحدة الأميركية، وهي ذراع أخرى لوزارة الأمن القومي.

في خلال اجتماع متشنّج مع مسؤولين في البيت الأبيض في 21 يونيو/ حزيران الماضي، قبل يومَين من الموعد الذي كان محدداً لبدء المداهمات، تناول ماكالينان مجدداً تحديات العملية، بما في ذلك تفريق العائلات وترتيبات إسكانهم إلى حين إبعادهم. ففي حال تبيّن أنّ ثمّة مهاجرين غير نظاميين يملكون أطفالاً مواطنين أميركيين، على سبيل المثال، فإنّ الموكلين بتنفيذ العملية من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، سوف يضطرون إلى الانتظار مع الأطفال في فنادق إلى حين مطالبة أحد أقربائهم في الولايات المتحدة الأميركية بهم.

كذلك يعبّر المسؤولون في الأمن القومي المذكورون آنفاً، عن خشيتهم من أن تكون عائلات كثيرة أملت السلطات الأميركية باعتقال أفرادها، لم تعد تسكن في العناوين التي تملكها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، بعدما نشر ترامب تغريدته حول خطّة العملية.




يُذكر أنّ رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي اتصلت بترامب بعيد نشره تغريدته وطالبته بوقف العملية التي وصفتها في خلال تصريح لها بعد ساعات بأنّها "قاسية/ عديمة الرحمة". على الأثر، أعلن ترامب في تغريدة جديدة أنّه سوف يعمد إلى تأجيل العملية بناء على طلب الديمقراطيين. لكنّه في الوقت نفسه هدّد باستئناف الترحيلات في حال رفض الديمقراطيون العمل مع المشرّعين الجمهوريين لإيجاد حلّ لمشكلات الإيواء والمنافذ على الحدود الجنوبية.

بعد أيام من ذلك، وافق مجلس الشيوخ الأميركي على حزمة مساعدات بقيمة أربعة مليارات و600 مليون دولار أميركي لتلك الحدود. تجدر الإشارة إلى أنّ عدد المهاجرين الذين عبروا الحدود الجنوبية تراجع منذ مايو/ أيار الماضي، مع اعتقال 144 ألفاً و200 مهاجر عند تلك الحدود.

وقبل أسبوع، يوم الجمعة الماضي، صرّح ترامب بأنّ المداهمات سوف تبدأ قريباً. أضاف في حديثه إلى الإعلاميين، أنّهم (المهاجرون) دخلوا بطريقة غير شرعية، "ونحن نخرجهم بطريقة شرعية".
المساهمون