الوجبات السريعة تهدّد صحّة الإيرانيّين

19 ديسمبر 2016
الإكثار من الحلويات يضرّ بالصحة (عطا كناري/ فرانس برس)
+ الخط -
قبل نحو عقد، كان أي زائر إلى العاصمة الإيرانية طهران يلاحظ أن مطاعم الوجبات السريعة تقتصر على مناطق محددة. أما اليوم، فقد تغير الوضع كثيراً، وبات لهذه الوجبات زبائنها ومحبوها، ولهذه الأماكن مرتادوها. زيادة انتشارها ترافقت مع زيادة معدلات السمنة بين الإيرانيين، الذين عادة ما يحرصون على تناول وجباتهم الغذائية في موعدها.

سابقاً، اعتاد معظم الموظفين إحضار الطعام المعد في منازلهم إلى أماكن عملهم ليتناولوه خلال ساعة الغداء. وإن كان البعض ما زال يحتفظ بهذه العادة، إلا أن كثيرين استغنوا عنها، وباتوا يتناولون الطعام في مطاعم مؤسساتهم، أو يطلبون ما يحلو لهم من تلك القريبة. هكذا تغيّرت العادات الغذائية لدى الإيرانيين، الأمر الذي انعكس على صحتهم بالدرجة الأولى، بحسب خبراء.

وحذّرت وزارة الصحة الإيرانية من التبعات السلبيّة لتغيّر العادات الغذائية الإيرانية. وأعلن رئيس مؤسسة الغذاء والدواء رسول ديناروند أن العادات الغذائية لدى الإيرانيين تبدلت كثيراً، مؤكداً أنهم أصبحوا يتناولون الطعام أكثر من الحد المطلوب واللازم. ولفت إلى أن أكثر من 50 في المائة من المواطنين الإيرانيين باتوا يعانون من زيادة الوزن، مشيراً إلى أن 14 في المائة من الرجال يعانون من السمنة، في مقابل 30 في المائة من النساء. يضيف أنّ الإيرانيّين باتوا يأكلون أكثر من اللازم، ولا يهتمون بجودة الطعام.

كذلك، أوضح ديناروند أنّ وزارة الصحة أصبحت معنية بنوعية الطعام الذي يختاره الإيرانيون، لافتاً إلى أن العادات غير الصحيّة باتت خطراً يهدّد المجتمع بأكمله. وبحسب بعض العاملين في الوزارة، يستخدم المواطنون الملح أكثر بمرتين ونصف المرة من المعدل المسموح به عالمياً، ويستخدمون السكر أكثر بـ 25 مرة، ويتناول الفرد سنوياً ما بين 18 و 20 كيلوغراماً من الدهون، ما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض عدة.

ولفت موقع "شفا أنلاين" الإيراني أن التغذية غير السليمة يمكن أن تكون سبباً غير مباشر للموت. وأفاد نقلاً عن وزارة الصحة بأنه قبل 150عاماً، كان الإيرانيون يصابون بأمراض بكتيرية وغيرها تؤدي إلى موتهم. لكن خلال العقدين الأخيرين، باتت معظم مسببات الأمراض ترتبط بعادات غذائية سيئة.

من جهتها، تؤكّد عضو الهيئة العلمية في جامعة "بهشتي" الإيرانية، خديجة رحماني، أن التغذية غير السليمة تؤدي إلى أمراض عدة، منها أمراض القلب، السكري، الضغط، الجلطات، وحتى بعض أمراض السرطان. وتلفت إلى أن الغذاء غير السليم يؤثر سلباً على صحة المجتمع.



وتقول رحماني لـ "العربي الجديد" إن الإيرانيّين أصبحوا يأكلون كميات طعام أكثر من السابق، وقد تأثّروا بأسلوب الحياة العصرية، ما يجعلهم عرضة للخطر. وترى أنّ الأطفال والمراهقين هم الأكثر عرضة لهذه المخاطر في الوقت الراهن، إذ باتوا يفضّلون الوجبات السريعة على الأطعمة الإيرانية التقليدية الصحية والمتكاملة. تضيف أن الإكثار من الدهون والنشويات يزداد، لافتة إلى ضرورة الحد من تناولها. كذلك، تتحدّث عن إحدى العادات الإيرانيّة المضرّة بالصحة، وهي جلب الحلويات لدى زيارة منزل أي إيراني آخر.

وتلفت رحماني إلى أنّ التوعية باتت مهمة للغاية، مشيرة إلى وجود بدائل عن كل الأطعمة، خصوصاً الوجبات السريعة التي تحولت إلى عادة يومية لدى كثيرين، مضيفة أن المواطنين لا يملكون الوعي الكافي حول هذا الموضوع. وتؤكّد أن كثيرين يلجؤون إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويطلبون المساعدة للتخلّص من الوزن الزائد. وترى أنّ معظمها لا يساعد، بل يزيد الطين بلة.

وفي ما يتعلّق بتناول الوجبات السريعة، يقول الأستاذ في جامعة طهران، كوروش جعفريان، إن الأميركيّين يتناولون 30 في المائة من وجباتهم خارج المنزل، علماً أن النسبة ارتفعت لدى الإيرانيّين إلى 20 في المائة، ما يعني أنّه يجب دق ناقوس الخطر. ويشير إلى ضرورة زيادة التوعية، خصوصاً أنّ 30 في المائة من الإيرانيين يعانون من فقر الدم، و70 في المائة منهم يعانون من نقص فيتامين "د". ويلفت إلى أنّه فضلاً عن التوعية، من الممكن إضافة قيم غذائية وبعض أنواع الفيتامينات للأطعمة التي تباع في المحال من قبيل الألبان، وهو ما قد يساعد أيضاً على الوقاية من الأمراض.

وعمدت وزارة الصحة إلى تزويد الأطعمة والأغذية التي تباع في المتاجر بشريط لاصق يوضح القيمة الغذائية لكل صنف، لكن الإيرانيين لم يعتادوا قراءته، ما يعني ضرورة بذل جهود أكبر للتوعية.

دلالات
المساهمون