ليس غريباً أن يزعم كثير من المهاجرين غير الشرعيين، أنّهم سوريون أو فلسطينيون، عندما يصلون إلى إيطاليا، أملاً في تعامل مختلف عن باقي المهاجرين من شمال أفريقيا. لكنّ الظروف التي يتعرض لها الجميع، في رحلة الهجرة، متشابهة، في قسوتها. ظروف غالباً ما تقتل الكثير من المهاجرين، من قبل أن يصلوا.
"العربي الجديد" كان شاهداً، في جزيرة صقلية الإيطالية، على حادثتين، قُتل فيهما 70 مهاجراً. أما من وصلوا فقد تجاوزوا الألف، لكن بحراسة البوارج الإيطالية. لا يحلم المهاجرون بالبقاء في إيطاليا، بل يسعون إلى البلدان الأوروبية الأغنى في الشمال، من فرنسا إلى النمسا وألمانيا وهولندا والسويد والدنمارك.
أما المهربون، فلهم قصة أخرى، بمراكبهم المتهالكة. من هؤلاء قائد مركب بالٍ، رفض نشر اسمه، تحدث إلى "العربي الجديد"، عن رحلته الاحترافية تلك، في تهريب المهاجرين. يقول إنّ خفر السواحل الإيطالي "يغض النظر" عنهم. أما مركبه، فلا يتجاوز سعره عشرة آلاف دولار. بينما يدفع الراكب الواحد ألف دولار أميركي، بأقل تقدير. وفي مركبه الصغير الذي لا يتسع عادة سوى لعشرات، يحمل ما يصل إلى تسعمئة شخص، ويجني أكثر من تسعمئة ألف دولار، في رحلة يذهب ضحيتها، ما بين 25 و50 شخصاً.
ياسر أحد هؤلاء الركاب، الذين نجوا من الموت غرقاً، ووصل إلى صقلية. يقول عن تجربته تلك: "جُمع المهاجرون الأفارقة أسفل المركب قبل صعودنا إليه. حشروا جميعاً، وكلما كان أحدهم يحاول الصعود للتنفس كانوا يجلدونه، ويضربونه في مشهد عبودية كامل". ويضيف أنّ هذا المشهد، على قسوته، لم يتمكن من فعل شيء حياله "فمن يحتج يُرمَ في الماء". ويتابع: "في رحلتنا قتل 45 شخصاً من هؤلاء المهاجرين، فقط لأنّ المهرّب الجشع أراد مالاً أكثر". ويضيف أنّ خفر السواحل الإيطالي نفسه، يعامل الأفارقة معاملة أخرى، ولذلك يضع المهرّب عائلات عربية أعلى القارب، كي ينقذها الحرس".