جميعنا يعلم شعور قضاء ليلة أرق سيئة، وما يعقبها من النضال السلبي في اليوم التالي، بسبب اضطرابات عدم القدرة على النوم.
قد تودي بنا ظروف لا طاقة لنا بها لضغوط نفسية أو عضوية أو مرضية أو سلوكية تؤثر على راحتنا أثناء الولوج إلى الفراش، وتنعكس سلباً على حياتنا وحياة من حولنا. نحاول جاهدين إيجاد وسيلة للعلاج، معظمها تبوء بالفشل. لكن هل فكرنا يوماً أن أسناننا قد تكون الحل للتخلص من الحرمان المزمن أو المؤقت من النوم ومن الآثار والمضاعفات الخطيرة التي قد تترتب عنه؟
كشفت الطبيبة المختصة في تقويم وزراعة الأسنان ومشاكل الفك والاستشارية في علم طب النوم، في عيادة 92Dental, Hammersmith) www.92dental.co.uk) شرق لندن، الدكتورة موارا بالديراتشي أن العناية بالأسنان والفك قد تساعد في التخلص من الأرق ومشاكله.
وقالت، في محاضرة لها بعنوان "نم جيداً وبسرعة وانعم بصحة جيدة"، إن التقنية الحديثة التي توصلت إليها في دراستها حول علاقة الأرق والأسنان، بسيطة وتتطلب وضع مقوم لين شفاف للأسنان أولاً، لأنه يساعد على فتح الفم قليلا، لتسهيل عملية التنفس الطبيعي التي تحدث أحياناً بسبب الشخير، والتي قد تودي في بعض الأحيان لسكتات قلبية واختناق ثم جروح دماغية قد تؤدي لنزيف دماغي وبالتالي وفاة محتومة". وأضافت أن النوم المتقطع بسبب عدم التنفس الصحي قد يسبب العته المبكر أو الزهايمر.
وفي حديث لـ "العربي الجديد"، قالت بالديراتشي: "نمر بحالات وظروف غير مريحة تسبب لنا ضغوطاً نحملها معنا إلى الفراش. ما يودي بنا لحالة نفسية غير صحية نعبر عنها أحيانا بشكل تلقائي بالضغط على الأسنان بشكل عنيف ومتكرر أثناء نومنا عادة ما تحدث صريرا مزعجا، قد ينتج عنه اعوجاج الفك وألم وتيبس في عضلات الفك والصداع عند الاستيقاظ من النوم، وكذا آلام الأذن الناتجة عن انقباضات عضلات الفك بشكل عنيف، وتلف الاسنان وتآكل غطائها وزيادة حساسيتها وانكسارها إضافة لمشاكل بدنية ونفسية كبيرة".
وأضافت "الضغط أو العض أو Bruxism ليس مرضا ولكنه إنذار لمشاكل أخرى. يعاني نحو 20% من البالغين و15 إلى 30% من الأطفال من عادة العض على الأسنان خلال النوم ولو لفترات متفاوتة، وهذه العّلة يمكن أن تكون مرحلية أو دائمة".
وأوضحت بالديراتشي تقنيتها الجديدة قائلة إن "هذا الجهاز قد يحمي أسناننا وعضلات الوجه من التلف، فهو علاج يتطلب ما بين ثلاث إلى خمس حصص فقط مرفقة بعلاج للأسنان التي تأثرت بالضغط مع تقويم للفك". وأشارت إلى أن الجلسات تخصص "لتصحيح اعوجاجات الأسنان الناتجة عن عدم التطابق بين الفكين العلوي والسفلي، والعلاج السلوكي من خلال تدريب المصاب على تغيير عاداته". وتابعت أن الجهاز يقوم بتسجيل ردة فعل الجسم وتحديداً اللاإرداية، بحيث يقوم بتنبيه المصاب عند اللجوء للضغط على الأسنان.
من جهتها، تحدثت في نفس المحاضرة، المختصة في علم طب النوم واضطراباته، المستشارة في علاج "التعب والنوم البشري" في العيادة نفسها، الدكتورة كاثارينا ليدرلي، عن أسلوب علاج جديد ضد التعب والنوم غير الصحي وأسبابه في ما أشارت إليه بـ "الثورة ضد الأرق"، وتشمل دورات تدريبية غير إكلينيكية عن طريق حصص تُحدد حسب سوء الحالة، يخضع فيها "المريض" لفحص نفسي شامل وأحيانا عضوي إن اقتضى الأمر مع تمارين ذهنية عبارة عن تقنية معينة في ادارة الموانع وفهمها للتغلب عليها بعيدا عن أي عقاقير مساعدة.
النوم آلية معقدة، لكن مشاكله تعتبر واحدة من المشاكل الطبية الأكثر شيوعاً وخطورة وتحتاج لحل شامل وسريع، سواء بالنسبة إلى قلة النوم أو النوم لفترات طويلة، فالذين يعانون من الأرق، يستيقظون من النوم بدون نشاط، مثلهم مثل من نام أكثر من 9 ساعات.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، تقول ليدرلي "علميا فإن النوم هو تحول متكرر معكوس في وعينا". وأضافت "للنوم ثلاثة جوانب مهمة: المدة، والتوقيت، والنوعية. فساعات النوم الطبيعي يجب أن تكون بين 6 إلى 9 ساعات. ويجب تحديد وقت معين للنوم والحفاظ عليه لمدة 5 أيام على الأقل حتى يخزنه الوعي".