النقابات الفرنسية تُعلنها "معركة نفايات" ضدّ قانون العمل الجديد

13 يونيو 2016
النفايات تترجم شكل الصراع بين الحكومة والنقابات (العربي الجديد)
+ الخط -

معركة النفايات، بدأتها نقابات فرنسية مطلع يونيو/حزيران الجاري، كأحد أشكال التعبير عن رفضها قانون العمل الجديد، شأنها شأن إضرابات النقل التي لا تزال مستمرة، وإضرابات الطيارين الفرنسيين.

فالنقابة المركزية "سي جي تي" التي تحظى بتمثيل الغالبية النقابية في قطاع النظافة في باريس وغيرها من المدن، لم تكن تنوي الاستمرار، كما أكد لـ"العربي الجديد"، مسؤول نقابي في مقر النقابة المركزي في مدينة مونتروي، الضاحية الباريسية، محاصرة وشلّ حركة السائقين غير المضربين، مشيراً إلى أن هذا القرار تمّ "لأسباب صحية".

لكن هذه النقابة تخلت عن محاصرة السائقين غير المضربين يوم 9 يونيو/حزيران، أي قبل يوم من افتتاح بطولة أمم أوروبا لكرة القدم. ويقول لنا نقابي "سي جي تي": "لن يتوقف الإضراب لمجرد أن البلدية تريد ذلك، أو لأن فرنسا تعيش عرساً كرويّاً".

وبلدية باريس الحريصة على الترويج لباريس العاصمة النظيفة، وعمدتها آن هيدالغو المتفهمة لمطالب المضربين الرافضين لقانون الشغل الجديد، تعوّل على نجاح المدينة في استقبال الألعاب الأولمبية عام 2024، هذا ما أكده لنا جمال الغوراري، الموظف في بلدية باريس، لذلك كانت مسألة التخلص من هذه النفايات تحظى بالأولوية.

لذلك جندت البلدية، ابتداءً من 10 يونيو/حزيران الجاري، كل الوسائل العمومية والخاصة لجمع النفايات. كما ساهمت بادرة النقابة الرئيسية "سي جي تي" بفكّ حصارها عن السائقين غير المضربين، في تشغيل أكثر من 200 شاحنة نظافة في العاصمة، وهو ما يقارب ثلثي الإمكانات العادية، إضافة إلى استعانة البلدية بقوات الشرطة لوقف محاصرة المقر الرئيس في إيفري (ضاحية باريس) وفك الحصار عن مركز معالجة النفايات في رومانفيل (إحدى ضواحي باريس).

واستعانت البلدية أيضاً بشركات نظافة خاصة، التي سيّرت أكثر من 50 شاحنة تابعة لها في نصف مقاطعات العاصمة العشرين، ما ساهم في استعادة باريس طبيعتها تقريباً.


البلدية تؤكد أن لا أزمة صحية تنجم عن النفايات (العربي الجديد)



وإذا كانت نقابة "سي جي تي" أظهرت بعض المرونة تجاه باريس وعمدتها وسكانها، إلا أنها تؤكد رفضها مشروع قانون الشغل الجديد عبر مواصلة محاصرتها مصنع إيفري، أحد مصانع الفرز والإحراق الذي يقوم بتجميع نفايات أكثر من 80 مدينة وبلدة. إذ إن أطناناً من النفايات لا تصل إليه، منذ أسبوعين تقريباً، ما اضطر السلطات إلى توزيعها على مواقع أخرى ودفنها بعيداً عن باريس ومحيطها.

وإذا كانت عمدة بلدية باريس استطاعت أن تتفاوض مع "سي جي تي" وتجنّب باريس كارثة صحية، إلا أن مسؤولاً في الصحة في البلدية أكد لنا أنه لا يجب المبالغة والتهويل من أمر النفايات، "فالبلدية ووزارة الصحة جاهزتان لكلّ طارئ".

أنصار اليسار لا يجدون أيّ حرج في إضراب عمال النظافة ولا في تراكم القاذورات، ويرون أن "الحكومة هي المسؤولة عن هذا الجو السياسي والنقابي الكريه". لكن باريسيين في الأحياء الراقية، غاضبون لأن "سي جي تي" لجأت إلى هذا "الابتزاز الصحيّ"، وينتقدون "البلدية الاشتراكية، لأنها تأخرت في الردّ". وليس من النادر أن تجد فرنسيين يطالبون، بشكل مفتوح، بحلً "سي جي تي".

وقال رجل خمسيني قرب محطة مونبارناس: "لقد تجاوزت النقابة كل الحدود، ولم تعد تمارس العمل النقابي البحت". واعتبر أن هذا الإضراب في قطاع النظافة وأثناء هذا العرس الكروي، هو "أسوأ ما يمكن أن تَستَقْبل به باريس ضيوفَها وسائحيها"، في حين أن مواطناً فرنسياً التقيناه في المقاطعة التاسعة عشرة، أيّد إضراب قطاع النظافة، وقال: "أرحب بكل أشكال النضال ضد قانون الشغل الجديد، بما فيها سلاح النظافة".

سائحون كانوا يضعون أيديهم على أنوفهم عند المرور قرب النفايات، بعضهم يصورها والآخرون يتجاوزونها بسرعة.

ولكن الشاغل الأكبر لدى معظم السائحين، هو تشجيع فرقهم الرياضية بكأس الأمم. وهو ما قاله لنا مشجّع ألماني حول نظافة باريس: "إنه موضوع ثانوي، ليس سوى موضوع صراع بين نقابات وحكومة. وأنا ورفاقي أتينا إلى فرنسا لتشجيع فريقنا الوطني على الفوز".

وأمّا نفايات باريس وقاذوراتها، فيزيلها جيشٌ ينحدر أغلبه من مالي والسنغال، حتى تبدو باريس جميلة وفاتنة.

المساهمون