العراق: تكثيف الجهود لملاحقة جماعة القربان المتطرفة

08 اغسطس 2024
عراقيون في الناصرية لإحياء ذكرى الإمام علي، مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تكثيف الجهود الأمنية**: السلطات العراقية كثّفت جهودها لملاحقة جماعة القربان في الجنوب، واعتقلت 6 أعضاء للتحقيق في نشاطاتهم المثيرة للجدل، خاصة بعد حالات انتحار شنيعة.

- **نشاط الجماعة وتأثيرها**: جماعة القربان تنشط في محافظات جنوبية، تقدم أشخاص قرابين للإمام علي عبر الانتحار، وتعود للظهور بسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية مثل البطالة واليأس بين الشباب.

- **التحديات الأمنية**: السلطات تواجه تحديات كبيرة مع اقتراب الزيارة الأربعينية، وسجلت 25 حالة انتحار من الجماعة، مما يزيد المخاوف من تغلغلهم بين الزائرين.

كثّفت السلطات الأمنية العراقية جهودها لملاحقة جماعة القربان المثيرة للجدل في جنوب البلاد، وقد اعتقلت نحو 6 أعضاء منتمين إليها خلال الأيام الماضية، وأحيلوا جميعهم إلى القضاء ليتم التحقيق معهم حول نشاطاتهم التي هزت الشارع العراقي، لا سيما بعد إقدام عدد منهم على الانتحار بطرق شنيعة.

واعتقلت الشرطة العراقية، اليوم الخميس، عددا من المتهمين بالانتماء إلى جماعة القربان المتطرفة دينياً في محافظة المثنى جنوبي البلاد، بعضهم دون عمر 18 عاماً، فيما أشارت مصادر أمنية بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأولوية الأمنية التي أبلغت بها الأجهزة الأمنية في بعض المحافظات الجنوبية وخاصة محافظة ذي قار وميسان، خلال الفترة الحالية، هي متابعة وملاحقة عناصر الجماعة الذين يقودون شريحة من الشباب نحو الانتحار". وبينت أن "هذه الجماعة تحوّلت إلى مصدر قلق لدى الأهالي في محافظات جنوب العراق، وأن مذكرات القبض تتوالى من المحاكم، وقوات الأمن تقدم على تنفيذها".

والشهر الماضي، أعلن جهاز الأمن الوطني في العراق، أنّه ألقى القبض على 54 منتمياً إلى "جماعات دينية متطرّفة" في البلاد، الأمر الذي يؤشّر إلى نشاط متزايد لتلك الجماعات، وسط تعهّدات أمنية بملاحقة المنتمين إليها حتى القضاء على فكرها.

ونشطت أخيراً في عدد من المحافظات، خصوصاً محافظة ذي قار الجنوبية، جماعات دينية، من بينها جماعة القربان أو "العلاهية" التي تنفّذ طقوساً قاسية ومتطرّفة تتضمّن تقديم أشخاص قرابين إلى الإمام علي بن أبي طالب من خلال الانتحار بطرق بشعة، الأمر الذي تسبّب في اضطرابات اجتماعية وأمنية بمحافظات جنوب العراق.

وبحسب المصادر الأمنية من جنوب العراق، فإن "الجماعة لا تحظى بأي دعم مالي من جهة دينية أو سياسية، بل إنها عاودت الظهور بعد أن اختفت لأعوام، بسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية تمر بها مناطق جنوب البلاد، ولعل البطالة والشعور باليأس بين شريحة الشباب، من هذه الأسباب"، مؤكدة أن "الجماعة تعتبر الإمام علي بمنزلة إله، وتقدم على صناعة أناشيد تشرح هذا المعنى، وجاءت الأوامر الأمنية بأن تُكثّف الجهود لملاحقة الجماعة، لا سيما مع اقتراب موعد الزيارة الأربعينية في مدينة كربلاء".

جماعة القربان تستهدف الشباب

في السياق، قال الصحافي من محافظة ذي قار، علي القطراني، إن "جماعة القربان تمثل حالة انحراف فكري تسببت بها إخفاقات السلطات والحكومات في استيعاب شريحة الشباب وتشغيلهم وتطوير مهاراتهم، وبسبب هذا الإخفاق فإن الشباب صاروا في متناول الجماعات المسلحة والمتطرفة والمنحرفة، ناهيك عن المخدرات والانتحار"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الجماعة تنشط في محافظات ذي قار والمثنى، وتسعى للوصول إلى مدينة الديوانية ثم البصرة، لكن الجهود الأمنية واضحة في ملاحقتها، وهناك تعاون من قبل أهالي المنطقة للإبلاغ عن المنتمين إليها".

وأكمل القطراني، أن "الشرائع التي تتبناها هذه الجماعة، جميعها تنتهي بالانتحار، فتلك النهاية لكل عناصرها والمنتمين إليها في حالات مريبة وبطرق يمكن تصنيفها على أنها مجنونة، فقد تبيّن خلال الأسابيع الماضية، أن الجماعة تعقد اجتماعاً سرياً ويتم إشعال الشموع، وأن من تنطفئ الشمعة الخاصة به لا بد أن ينتحر في اليوم الثاني، وسبق أن اعتمدت الجماعة نظام القرعة لاختيار الشخص الذي يُقدم نفسه قرباناً للإمام علي".

ويُسجَّل وجود كبير للأفراد المنتمين إلى جماعة القربان في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، ويتوزّعون بصفتهم دُعاة في محافظات قريبة، من بينها محافظات ميسان والبصرة والقادسية (الديوانية). ويتّخذ هؤلاء من المنازل والجوامع مقارَّ لهم، ويعمدون إلى اللطم والضرب على الرؤوس علنيّة، علماً أنّ لهم أناشيد موسيقاها شبيهة بموسيقى الراب، كما ينشطون على تطبيق "تكتوك" بأسماء غريبة ولا تبدو أنها عربية أصلاً، من بينها "شيكو" و"حاجب" وأبو ليو" و"أبو قمبر".

وخلال الأشهر الماضية، سجلت السلطات العراقية نحو 25 حالة انتحار من بين صفوف جماعة القربان، فيما تخشى السلطات الأمنية من ظهور الجماعة مجدداً بين صفوف السائرين مشياً على الأقدام خلال الأيام المقبلة، التي توافق زيارة الأربعينية المليونية، بمناسبة مرور أربعين يوماً على ذكرى استشهاد الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب.

وقال الناشط المدني من مدينة كربلاء، جنوبي البلاد، حسن الخفاجي، إن "جماعة القربان ما تزال تتحرك في بعض مدن البلاد، وقد تحولت خلال الأسابيع الماضية إلى أسلوب العمل السري، بعد الحملة الأمنية التي أطلقتها السلطات لملاحقة العناصر الفاعلة فيها، لذلك هناك خشية من تغلغل عناصر هذه الجماعة مع حشود الزائرين لمدينة كربلاء خلال الأيام المقبلة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الجماعة تتعامل بمفاهيم خطيرة، وتؤمن بالقتل والانتحار، لكن المواجهة الأمنية تبدو جاهزة لمنع حدوث أي خرق أمني أو زعزعة للزيارة".

تاريخياً، ظهرت جماعات عدة في فترات متفرقة مارست الغلو في حب الإمام علي بن أبي طالب، واستخدمت شعارات طائفية وأخرى خارجة عن الدين والقانون. وواجه أعضاؤها في العادة اعتقالات وملاحقات، لكن عودتها عبر نشاطات علنية في محافظات جنوب العراق تُفسر بأنها ضعف في تطبيق القانون وترهيب للمجتمعات المحلية. وتدور تساؤلات عن مصادر دعم هذه الجماعات، لكونها تملك "حسينيات" خاصة، وتصدر منشورات يروجها مكتب إعلامي منظم، وتصنع محتوى مصوراً وأناشيد "لطميات"، كما تسمى محلياً.

ويجرّم الدستور العراقي ظهور هذه الجماعات. وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء إليها إلى السجن المؤبد أو الإعدام وفقاً لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969. وتنص المادة السابعة من الدستور على حظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرّض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر له.

المساهمون