مما يفاقم من آثار أزمة النفط الذي فقد أكثر من 40% من قيمته منذ يونيو/حزيران، على الاقتصاديات الخليجية، اعتمادها بشكل كبير على النفط، من حيث مساهمته في ناتجها المحلي، أو اعتباره سلعة تصديرية وحيدة، أو اعتباره المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية، كما أن جهود تنوع الاقتصاد الخليجي لم تؤت أكلها بعد.
ومن بين المؤشرات التي يتوقع لها أن تنخفض بشكل كبير في دول الخليج، أرصدتها من احتياطيات النقد الأجنبي، ولكن كل ذلك مرتبط باستمرار أسعار النفط على ما هي عليه الآن دون الـ 70 دولارا للبرميل، أو أن تشهد انخفاضات أكثر من ذلك، وإن كانت دلالات الأزمة تشير إلى استمرارها خلال عام 2015.
وتبلغ الاحتياطيات الأجنبية لدول الخليج 904.2 مليارات دولار بنهاية عام 2013، وذلك بناء على إحصاء قاعدة بيانات البنك الدولي، في حين كانت هذه الاحتياطيات في عام 2000 بحدود 47.2 مليار دولار، أي أن الفارق بين العامين يتمثل في 857 مليار دولار، ويفسر هذا الفارق الكبير متغير وحيد هو ارتفاع سعر برميل النفط في السوق العالمية، فمتوسط سعر برميل النفط في عام 2000 كان عند 27.3 دولارا بينما في عام 3013 أصبح متوسط سعر برميل النفط 91.1 دولارا.
وتعد السعودية صاحبة النصيب الأكبر من احتياطيات الخليج النقدية، فرصيد السعودية في عام 2013 هو 737.7 مليار دولار، وبما يمثل 81.6%، وتأتي الإمارات بعدها باحتياطي قيمته 68.2 مليار دولار وبنسبة تبلغ 7.5%، ثم قطر باحتياطي قيمته 42 مليارا، والكويت بـ 35.2 مليار دولار، وعمان بـ 15.9 مليار دولار، وتعتبر البحرين أقل الدول الخليجية من حيث رصيدها من احتياطي النقد الأجنبي برصيد 5.2 مليار دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع أن تشهد الفوائض المالية لدول الخليج انخفاضًا بنحو 100 مليار دولار بنهاية هذا العام، لتصل إلى 175 مليار دولار، بعد أن كانت بحدود 275 مليار دولار، ولكن هذه التوقعات كانت إبان سعر النفط بحدود 80 مليار دولار وقبل قرار منظمة الأوبك بعدم تخفيض حصص الإنتاج، وهو ما أدى إلى وصول أسعار النفط لما دون الـ 70 دولارا للبرميل.
وإذا كانت السعودية قد بدأت بالفعل بسحب شرائح من احتياطياتهم النقدية تقدر بنحو 50 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن ذلك يعني أن الفترة المقبلة سوف تشهد استمرارًا لتكرار عمليات السحب في ظل انخفاض أسعار النفط، من أجل أن تحافظ السعودية على معدل نمو اقتصادي بنسبة 4%، أو أن تبقي على موازنتها العامة متوازنة على أحسن التقديرات، إن لم تكن ودعت زمن فائض الموازنة لتدخل في منطقة العجز.
مبررات التراجع
في ظل أداء سوق النفط العالمية، تبدو ثمة التزامات ضاغطة على دول الخليج وفي تزايد مستمر في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة، ووجود جبهات ملتهبة تحيط بدول الخليج من كل جانب، مما يدفعها لدفع فاتورة عالية لتوفير الأمن لدولها، ولدفع شبح الصراع الإقليمي الذي أصبحت فيه دول الخليج طرفا لا يمكن إغفاله.
وثمة حاجات اجتماعية واقتصادية تعيشها دول الخليج مثل ارتفاع معدلات التضخم، لتصل إلى 3.1% بحلول عام 2015، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، وذلك على الرغم من التضخم المكبوت الذي يوصف به الوضع في الاقتصاد الخليجي، نظرًا للدعم الذي تقدمه الدولة في قطاعات مهمة في التعليم والصحة وباقي الخدمات والمرافق.
وإذا ما تبنت دول الخليج روشتة صندوق النقد الدولي برفع الدعم، فستقفز معدلات التضخم لنسب أضعاف مما هي عليه الآن. فضلًا عن معدلات البطالة التي لم تفلح معها معظم المسكنات خلال الفترة الماضية، وكل هذا يدفع للسحب من احتياطيات النقد، وبالتالي انخفاضها في ظل عدم تدفق العوائد النفطية بالمعدلات التي كانت عليها من قبل.
ومن الأسباب الرئيسة لتراجع احتياطيات النقد بالخليج، أن محاولات تنوع الاقتصاديات الخليجية لم تستطع أن تتجه إلى النشاط الإنتاجي والسلعي، ولكنها أتت في إطار العقارات بشكل كبير، وكذلك مجال الخدمات، الذي ينبغي أن يكون خادمًا على اقتصاد إنتاجي متنوع.
حتى أن الدولة الوحيدة التي يشار إليها من بين دول الخليج بأنها استطاعت أن تخطو خطوات على طريق التنوع، وهي دولة الإمارات، تخوف صندوق النقد الدولي مؤخرًا من فقاعة اقتصادية هناك بسبب التغالي في أسعار العقارات والمضاربة عليها هناك.
انعكاسات انخفاض الاحتياطي
لن يكون أمام دول الخليج - باستثناء السعودية - مساحات واسعة للتحرك في أرصدة الاحتياطي النقدي، مما سيجعلها تتجه نحو وجود عجز بموازناتها العامة، وتمويل هذا العجز من خلال الدين الداخلي أو الخارجي، وهو ما يعني عودة وضع موازنات دول الخليج لما كانت عليه في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
ومما يتخوف منه أن تؤدي استمرار موجة هبوط أسعار النفط إلى حالة توقف لمشروعات قائمة بمنطقة الخليج، أو تنفيذ مشروعات جديدة كان يخطط لها في الأعوام القادمة، نظرًا لأن طبيعة تكوين الاحتياطي من النقد الأجنبي أن يكون لمواجهة احتياجات طارئة، وليس مصدرًا دائمًا للتمويل.
ومن شأن هذا التخوف في حالة تحققه أن يلقي بظلال سلبية على بعض دول المنطقة، المصدرة للعمالة بالخليج، والمستفيدة من تحويلات مواطنيها العاملين بالخليج.
وبلا شك فإن انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي لدى دول الخليج سوف يجعلها تعيد النظر في برامج الدعم التي قدمتها خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها المعونات العربية، التي تدفع فيها الدول الخليجية نحو 5 مليارات دولار سنويًا، إلا أنه في سنوات تراجع أسعار النفط، كانت هذه المعونات تتراجع لتصل إلى 3 مليارات دولار، وينتظر أن يتقلص الدعم الخليجي الخارجي في ظل تراجع احتياطياته من النقد الأجنبي.
ومن بين المؤشرات التي يتوقع لها أن تنخفض بشكل كبير في دول الخليج، أرصدتها من احتياطيات النقد الأجنبي، ولكن كل ذلك مرتبط باستمرار أسعار النفط على ما هي عليه الآن دون الـ 70 دولارا للبرميل، أو أن تشهد انخفاضات أكثر من ذلك، وإن كانت دلالات الأزمة تشير إلى استمرارها خلال عام 2015.
وتبلغ الاحتياطيات الأجنبية لدول الخليج 904.2 مليارات دولار بنهاية عام 2013، وذلك بناء على إحصاء قاعدة بيانات البنك الدولي، في حين كانت هذه الاحتياطيات في عام 2000 بحدود 47.2 مليار دولار، أي أن الفارق بين العامين يتمثل في 857 مليار دولار، ويفسر هذا الفارق الكبير متغير وحيد هو ارتفاع سعر برميل النفط في السوق العالمية، فمتوسط سعر برميل النفط في عام 2000 كان عند 27.3 دولارا بينما في عام 3013 أصبح متوسط سعر برميل النفط 91.1 دولارا.
وتعد السعودية صاحبة النصيب الأكبر من احتياطيات الخليج النقدية، فرصيد السعودية في عام 2013 هو 737.7 مليار دولار، وبما يمثل 81.6%، وتأتي الإمارات بعدها باحتياطي قيمته 68.2 مليار دولار وبنسبة تبلغ 7.5%، ثم قطر باحتياطي قيمته 42 مليارا، والكويت بـ 35.2 مليار دولار، وعمان بـ 15.9 مليار دولار، وتعتبر البحرين أقل الدول الخليجية من حيث رصيدها من احتياطي النقد الأجنبي برصيد 5.2 مليار دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع أن تشهد الفوائض المالية لدول الخليج انخفاضًا بنحو 100 مليار دولار بنهاية هذا العام، لتصل إلى 175 مليار دولار، بعد أن كانت بحدود 275 مليار دولار، ولكن هذه التوقعات كانت إبان سعر النفط بحدود 80 مليار دولار وقبل قرار منظمة الأوبك بعدم تخفيض حصص الإنتاج، وهو ما أدى إلى وصول أسعار النفط لما دون الـ 70 دولارا للبرميل.
وإذا كانت السعودية قد بدأت بالفعل بسحب شرائح من احتياطياتهم النقدية تقدر بنحو 50 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن ذلك يعني أن الفترة المقبلة سوف تشهد استمرارًا لتكرار عمليات السحب في ظل انخفاض أسعار النفط، من أجل أن تحافظ السعودية على معدل نمو اقتصادي بنسبة 4%، أو أن تبقي على موازنتها العامة متوازنة على أحسن التقديرات، إن لم تكن ودعت زمن فائض الموازنة لتدخل في منطقة العجز.
مبررات التراجع
في ظل أداء سوق النفط العالمية، تبدو ثمة التزامات ضاغطة على دول الخليج وفي تزايد مستمر في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة، ووجود جبهات ملتهبة تحيط بدول الخليج من كل جانب، مما يدفعها لدفع فاتورة عالية لتوفير الأمن لدولها، ولدفع شبح الصراع الإقليمي الذي أصبحت فيه دول الخليج طرفا لا يمكن إغفاله.
وثمة حاجات اجتماعية واقتصادية تعيشها دول الخليج مثل ارتفاع معدلات التضخم، لتصل إلى 3.1% بحلول عام 2015، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، وذلك على الرغم من التضخم المكبوت الذي يوصف به الوضع في الاقتصاد الخليجي، نظرًا للدعم الذي تقدمه الدولة في قطاعات مهمة في التعليم والصحة وباقي الخدمات والمرافق.
وإذا ما تبنت دول الخليج روشتة صندوق النقد الدولي برفع الدعم، فستقفز معدلات التضخم لنسب أضعاف مما هي عليه الآن. فضلًا عن معدلات البطالة التي لم تفلح معها معظم المسكنات خلال الفترة الماضية، وكل هذا يدفع للسحب من احتياطيات النقد، وبالتالي انخفاضها في ظل عدم تدفق العوائد النفطية بالمعدلات التي كانت عليها من قبل.
ومن الأسباب الرئيسة لتراجع احتياطيات النقد بالخليج، أن محاولات تنوع الاقتصاديات الخليجية لم تستطع أن تتجه إلى النشاط الإنتاجي والسلعي، ولكنها أتت في إطار العقارات بشكل كبير، وكذلك مجال الخدمات، الذي ينبغي أن يكون خادمًا على اقتصاد إنتاجي متنوع.
حتى أن الدولة الوحيدة التي يشار إليها من بين دول الخليج بأنها استطاعت أن تخطو خطوات على طريق التنوع، وهي دولة الإمارات، تخوف صندوق النقد الدولي مؤخرًا من فقاعة اقتصادية هناك بسبب التغالي في أسعار العقارات والمضاربة عليها هناك.
انعكاسات انخفاض الاحتياطي
لن يكون أمام دول الخليج - باستثناء السعودية - مساحات واسعة للتحرك في أرصدة الاحتياطي النقدي، مما سيجعلها تتجه نحو وجود عجز بموازناتها العامة، وتمويل هذا العجز من خلال الدين الداخلي أو الخارجي، وهو ما يعني عودة وضع موازنات دول الخليج لما كانت عليه في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
ومما يتخوف منه أن تؤدي استمرار موجة هبوط أسعار النفط إلى حالة توقف لمشروعات قائمة بمنطقة الخليج، أو تنفيذ مشروعات جديدة كان يخطط لها في الأعوام القادمة، نظرًا لأن طبيعة تكوين الاحتياطي من النقد الأجنبي أن يكون لمواجهة احتياجات طارئة، وليس مصدرًا دائمًا للتمويل.
ومن شأن هذا التخوف في حالة تحققه أن يلقي بظلال سلبية على بعض دول المنطقة، المصدرة للعمالة بالخليج، والمستفيدة من تحويلات مواطنيها العاملين بالخليج.
وبلا شك فإن انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي لدى دول الخليج سوف يجعلها تعيد النظر في برامج الدعم التي قدمتها خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها المعونات العربية، التي تدفع فيها الدول الخليجية نحو 5 مليارات دولار سنويًا، إلا أنه في سنوات تراجع أسعار النفط، كانت هذه المعونات تتراجع لتصل إلى 3 مليارات دولار، وينتظر أن يتقلص الدعم الخليجي الخارجي في ظل تراجع احتياطياته من النقد الأجنبي.