قال خبراء إن المغرب استطاع تحقيق توازناته المالية والاقتصادية، في ظل ظرف إقليمي مضطرب، وأزمة يعيش على وقعها الاتحاد الأوروبي، أول شريك تجاري واقتصادي للمملكة، وذلك بفعل قرارات جريئة كادت تنسف شعبية الحكومة.
وتراهن حكومة عبد الاله بنكيران على استقرار البلاد، في ظل وضع إقليمي صعب، وهو ما يساعدها على ربح خطوات في المجال الاقتصادي، إلا أن بعض المعوقات الداخلية والخارجية تصعب من مأمورية كسب نقاط مهمة.
وتتمثل بعض هذه المعوقات الداخلية، بحسب مراقبين، في اقتصاد الريع، وخارجياً في ارتباط اقتصاد البلاد الكبير بالاتحاد الأوروبي، الذي يشكل نحو 60% من إجمالي مبادلات المغرب الخارجية.
وفي حين يتوقع البنك المركزي المغربي، أن يصل معدل النمو الاقتصادي للبلاد 5%، خلال العام الجاري، بالإضافة إلى تحكم الحكومة في نسبة العجز المالي، فإن اقتصاديين مغاربة يَرَوْن أن بعض المخاطر لا تزال تحدق باقتصاد بلادهم.
وقال الخبير الاقتصادي، مهدي لحلو، إن بلاده استطاعت استرجاع بعض التوازنات الاقتصادية والمالية مثل الخفض من ميزانية صندوق المقاصة (مؤسسة حكومية تعنى بدعم بعض المواد الغذائية)، وخفض نفقات الدولة، إلى جانب التحسن في العجز التجاري الخارجي، وخفض أسعار البترول على المستوى الدولي، وأسعار بعض المواد الغذائية المستوردة، إلا أن هناك بعض المخاطر التي تهدد هذه التوازنات.
ومن بين المخاطر، أوضح لحلو، تلك التي تتعلق بتراجع مداخيل السياحة، واستمرار تراجع بعض الصادرات في قطاع النسيج والملابس، وتراجع قطاع البناء والأشغال العمومية (تشييد الطرقات وبعض المنشآت)، الذي له تأثير كبير على الاقتصاد.
ورأى لحلو أن استمرار أزمة منطقة اليورو، رغم بعض التحسن، يؤثر على اقتصاد بلاده، خصوصاً أن أغلب صادراتها تتوجه إلى فرنسا وإسبانيا.
وأوضح أن المعطيات العامة، خلال العام 2015، ستكون إيجابية، بسبب التحسن الكبير للقطاع الزراعي بمحصول حبوب سيصل إلى 115 مليون قنطار، معتبراً أن هذا محصول قياسي، علماً أن القطاع الزراعي هو قاطرة الاقتصاد في البلاد.
وأشار أن اقتصاد المغرب لا يزال مرتبطًا بالقطاع الزراعي، الذي يعتمد بدوره على تقلبات المناخ"، لافتاً إلى ضعف نمو قطاع الصناعة، خصوصاً أنه لا يتجاوز 3%، داعياً بلاده إلى اعتماد رؤية اقتصادية جديدة، من أجل التغلب على مختلف الصعوبات الداخلية والخارجية.
من جهته، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق باسم الحكومة المغربية، إن أحد النجاحات الأساسية لحكومته يتمثل في استرجاع التوازنات المالية والاقتصادية، الأمر الذي مكّن من إنقاذ المالية العمومية من خطر الإفلاس، بفعل خفض العجز المالي خلال السنتين الماضيتين، بعدما سجل ارتفاعاً بين 2011 و2012، حيث انتقل خلال العام الأول من 6.3%، من الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.3%، خلال العام الثاني.
وأضاف: "أول الإجراءات المعتمدة، يتعلق باعتماد سياسة متدرجة ومسؤولة إزاء الارتهان لتقلبات أسعار النفط عالمياً، والتي كان يتحمل صندوق المقاصة أعباءها، حيث انتقلت ميزانية هذا الصندوق من 32 مليار درهم المقررة (3.3 مليارات دولار) إلى 57 مليار درهم (5.9 مليارات دولار) عام 2012".
وأشار الخلفي إلى أن حكومته اتخذت قراراً يتمثل بعكس أسعار النفط الدولية على الأسعار داخل البلاد عام 2013، وهو ما أدى إلى تحرر الميزانية العامة من تقلبات أسعار البترول عالمياً.