سورية ليست العراق من ناحية الانتاج النفطي، لكن ثمة نفطاً في سورية وصل قبل الثورة في آذار/مارس 2011 لنحو 380 ألف برميل يومياً، واحتياطات لم تُكتشف تقدر بنحو 315 مليار برميل و69 مليار برميل من الاحتياطيات المكتشفة، بحسب دراسة موثقة أجرتها جامعة دمشق عام 2009.
هي ثروة قد تسيل لعاب الطامحين، وفي المقابل، إن الواقع النفطي في سورية يتجه نحو مصير سيئ، اذ إن الطرق البدائية لاستخراجه تؤثر في الآبار وتهدد الطبقات الجوفية، في حين أن عدم التخصص يزيد المخاوف من تراجع القدرة الانتاجية للآبار القائمة، ويعرض بنية مرافق الإنتاج لمشكلات فعلية قد تؤثر في مستقبل الحقول في المرحلة المستقبلية.
تدمير النفط
تعبت ذاكرة السوريين ومن يدعي مناصرتهم، إذ قليلاً ما يتم التطرق لكيفية وصول المعارضة المسلحة إلى مناطق النفط، وكيف يتخلى نظام بشار الأسد عن أهم مورد للخزينة العامة.
فالنفط السوري كان يشكل قبل الثورة نحو 24% من الناتج الإجمالي لسورية و25% من عائدات الموازنة و40% من عائدات التصدير.
يقول التاريخ القريب الموثق إن النظام السوري أوعز لجيشه وقواته الأمنية بالانسحاب من مدينة الرقة في 4 آذار/مارس عام 2013 ، لتكون مركز المدينة الأول والوحيد حتى الآن تحت سيطرة المعارضة، ما خلق أول شرخ في صفوف المعارضة جراء السعي إلى السيطرة على حقول النفط بين الجيش الحر وجبهة النصرة ومن ثم داعش، عدا بعض العشائر والأحزاب الكردية.
هكذا، بدأ النفط وعائداته المالية يزيد تصدع الانشقاق بين المعارضة، وتزيد الجغرافيا من خلط الأوراق، نظراً للمثلث الذي تقع فيه منطقة النفط المجاورة لتركيا والعراق، فهل استفاد النظام من انسحابه وأوقع المعارضة في مستنقع الخلافات والمال؟ وهل كان تخليه المريب عن أهم مناطق سورية الاقتصادية وفق خطة ستوصل يوماً لتدخل "الكبار" وطلب مساعدته كما يجري اليوم، أم في المعادلة مجاهيل ربما ستكشفها الأيام المقبلة؟.
دور المسلحين
يقول وزير النفط والطاقة في حكومة تسيير الأعمال لدى المعارضة، إلياس وردة، لـ "العربي الجديد": "تضررت الآبار النفطية كثيراً بعد سيطرة "المسلحين" عليها، وتراجع الإنتاج إلى أقل من 20% مما كانت عليه قبل الثورة، بسبب جهل من يسيطر على هذه الثروة وعدم إجراء صيانة وعدم توفر التقنيات والمتخصصين".
ويضيف وردة: "لا نسيطر كحكومة وائتلاف على أي بئر نفط أو موقع غاز، بل ثمة سيطرة غير مباشرة، تتلاشى تدريجياً، عبر بعض فصائل الجيش الحر والعشائر، التي ننسق معها ونناشدها مد يد العون للمساعدة على إعادة الإنتاج الى طبيعته، وفي ذلك مصلحة مشتركة للجميع".
ويضيف وزير النفط والطاقة حول الشكوك بأن من يسيطر على النفط السوري، يتعاون من النظام ويمده ببعض احتياجاته من الخام، بدليل عدم توقف مصفاة بانياس عن التكرير رغم عدم سيطرة قوات الأسد على أي بئر: "لدينا اثباتات قاطعة عن أن بعض الفصائل، ومنها "داعش" تبيع النظام النفط مقابل السلاح والذخيرة وعدم قصفها أو مهاجمتها.
ولعل في التنسيق بين "داعش" والنظام أدلة اضافية، فهل سمع أحد أن النظام قصف مراكز أو مناطق تسيطر عليها الدولة الإسلامية أثناء تسللها للمنطقة وبسط سيطرتها على الثروات؟ كما أن بعض من يسيطر على النفط لا يهتم سوى بالمال، لذا لا ضير له أينما يذهب النفط، فربما يبيعه مباشرة للنظام، أو عبر تجار ووسطاء توصله بالنهاية للنظام".
ثلالثة مناطق
مصير مناطق الإنتاج وفي سورية ثلاثة مناطق رئيسية لإنتاج النفط والغاز، الأولى والأقدم تقع في محافظة الحسكة، وكانت تنتج قبل اندلاع الثورة في آذار 2011 نحو 220 ألف برميل نفط ثقيل، وكانت تخضع كلها لحزب "البي يي دي" الكردي، لكن دخول "داعش" إلى المنطقة غير أخيراً من خارطة السيطرة، بعدما وضعت يدها على معظم آبار هذه المنطقة.
المنطقة الثانية تقع في مدينة دير الزور لجهة البوكمال والميادين والرقة، وكانت تنتج نحو 140 ألف برميل نفط خفيف، ويسيطر"داعش" على معظمها، في حين تسيطر المعارضة المسلحة على القسم المتبقي.
أما المنطقة الثالثة وهي الأقل إنتاجاً لجهة النفط، بنحو 15 ألف برميل يومياً، والأكثر انتاجاً للغاز، فتقع في المنطقة الوسطى في تدمر وشرق حمص، وهي تحت سيطرة النظام السوري. اما عن تخلي النظام السوري عن مناطق النفط بعد كشفها، فربما يكون سببه اتفاقات اقليمية ودولية، كما يقول محللون، أجراها الأسد سراً في السابق، لزيادة نفوذ داعش وتحويل مطالب الشعب إلى تطرف يخيف العالم.
المحلل الاقتصادي سمير سعيفان يؤكد خروج حقول النفط عن سيطرة النظام، لكنه يترك تشكيكاً معلقاً حول ما إذا كان هناك اتفاق بين "داعش" والأسد أو بين الأسد وحزب الـ "بي يي دي" الكردي، لتزويد النظام بالنفط.
"اذ كيف يمكن قراءة بقاء النفط الخام سارياً في الأنابيب ليصل لمصفاة حمص، رغم سيطرة الثوار على مناطق عبورها، حيث لا تزال بعض المكثفات النفطية تخرج عن حقول الغاز في المنطقة الوسطى، وما زالت المصفاة تعمل وتنتج مشتقات نفطية، وهذه معلومة لها مدلولاتها". ويضيف سعيفان لـ"العربي الجديد": "تقوم فصائل المعارضة على اختلافها باستخراج النفط بطرائق بدائية وعلى نحو غير مسؤول، وتبيعها في الداخل، ما أوجد طبقة حرب ثرية".
وحذر من هدم الطبقات الجوفية للحقول نتيجة عدم العلمية والتخصص في الاستخراج والتعاطي مع الآبار.
هي ثروة قد تسيل لعاب الطامحين، وفي المقابل، إن الواقع النفطي في سورية يتجه نحو مصير سيئ، اذ إن الطرق البدائية لاستخراجه تؤثر في الآبار وتهدد الطبقات الجوفية، في حين أن عدم التخصص يزيد المخاوف من تراجع القدرة الانتاجية للآبار القائمة، ويعرض بنية مرافق الإنتاج لمشكلات فعلية قد تؤثر في مستقبل الحقول في المرحلة المستقبلية.
تدمير النفط
تعبت ذاكرة السوريين ومن يدعي مناصرتهم، إذ قليلاً ما يتم التطرق لكيفية وصول المعارضة المسلحة إلى مناطق النفط، وكيف يتخلى نظام بشار الأسد عن أهم مورد للخزينة العامة.
فالنفط السوري كان يشكل قبل الثورة نحو 24% من الناتج الإجمالي لسورية و25% من عائدات الموازنة و40% من عائدات التصدير.
يقول التاريخ القريب الموثق إن النظام السوري أوعز لجيشه وقواته الأمنية بالانسحاب من مدينة الرقة في 4 آذار/مارس عام 2013 ، لتكون مركز المدينة الأول والوحيد حتى الآن تحت سيطرة المعارضة، ما خلق أول شرخ في صفوف المعارضة جراء السعي إلى السيطرة على حقول النفط بين الجيش الحر وجبهة النصرة ومن ثم داعش، عدا بعض العشائر والأحزاب الكردية.
هكذا، بدأ النفط وعائداته المالية يزيد تصدع الانشقاق بين المعارضة، وتزيد الجغرافيا من خلط الأوراق، نظراً للمثلث الذي تقع فيه منطقة النفط المجاورة لتركيا والعراق، فهل استفاد النظام من انسحابه وأوقع المعارضة في مستنقع الخلافات والمال؟ وهل كان تخليه المريب عن أهم مناطق سورية الاقتصادية وفق خطة ستوصل يوماً لتدخل "الكبار" وطلب مساعدته كما يجري اليوم، أم في المعادلة مجاهيل ربما ستكشفها الأيام المقبلة؟.
دور المسلحين
يقول وزير النفط والطاقة في حكومة تسيير الأعمال لدى المعارضة، إلياس وردة، لـ "العربي الجديد": "تضررت الآبار النفطية كثيراً بعد سيطرة "المسلحين" عليها، وتراجع الإنتاج إلى أقل من 20% مما كانت عليه قبل الثورة، بسبب جهل من يسيطر على هذه الثروة وعدم إجراء صيانة وعدم توفر التقنيات والمتخصصين".
ويضيف وردة: "لا نسيطر كحكومة وائتلاف على أي بئر نفط أو موقع غاز، بل ثمة سيطرة غير مباشرة، تتلاشى تدريجياً، عبر بعض فصائل الجيش الحر والعشائر، التي ننسق معها ونناشدها مد يد العون للمساعدة على إعادة الإنتاج الى طبيعته، وفي ذلك مصلحة مشتركة للجميع".
ويضيف وزير النفط والطاقة حول الشكوك بأن من يسيطر على النفط السوري، يتعاون من النظام ويمده ببعض احتياجاته من الخام، بدليل عدم توقف مصفاة بانياس عن التكرير رغم عدم سيطرة قوات الأسد على أي بئر: "لدينا اثباتات قاطعة عن أن بعض الفصائل، ومنها "داعش" تبيع النظام النفط مقابل السلاح والذخيرة وعدم قصفها أو مهاجمتها.
ولعل في التنسيق بين "داعش" والنظام أدلة اضافية، فهل سمع أحد أن النظام قصف مراكز أو مناطق تسيطر عليها الدولة الإسلامية أثناء تسللها للمنطقة وبسط سيطرتها على الثروات؟ كما أن بعض من يسيطر على النفط لا يهتم سوى بالمال، لذا لا ضير له أينما يذهب النفط، فربما يبيعه مباشرة للنظام، أو عبر تجار ووسطاء توصله بالنهاية للنظام".
ثلالثة مناطق
مصير مناطق الإنتاج وفي سورية ثلاثة مناطق رئيسية لإنتاج النفط والغاز، الأولى والأقدم تقع في محافظة الحسكة، وكانت تنتج قبل اندلاع الثورة في آذار 2011 نحو 220 ألف برميل نفط ثقيل، وكانت تخضع كلها لحزب "البي يي دي" الكردي، لكن دخول "داعش" إلى المنطقة غير أخيراً من خارطة السيطرة، بعدما وضعت يدها على معظم آبار هذه المنطقة.
المنطقة الثانية تقع في مدينة دير الزور لجهة البوكمال والميادين والرقة، وكانت تنتج نحو 140 ألف برميل نفط خفيف، ويسيطر"داعش" على معظمها، في حين تسيطر المعارضة المسلحة على القسم المتبقي.
أما المنطقة الثالثة وهي الأقل إنتاجاً لجهة النفط، بنحو 15 ألف برميل يومياً، والأكثر انتاجاً للغاز، فتقع في المنطقة الوسطى في تدمر وشرق حمص، وهي تحت سيطرة النظام السوري. اما عن تخلي النظام السوري عن مناطق النفط بعد كشفها، فربما يكون سببه اتفاقات اقليمية ودولية، كما يقول محللون، أجراها الأسد سراً في السابق، لزيادة نفوذ داعش وتحويل مطالب الشعب إلى تطرف يخيف العالم.
المحلل الاقتصادي سمير سعيفان يؤكد خروج حقول النفط عن سيطرة النظام، لكنه يترك تشكيكاً معلقاً حول ما إذا كان هناك اتفاق بين "داعش" والأسد أو بين الأسد وحزب الـ "بي يي دي" الكردي، لتزويد النظام بالنفط.
"اذ كيف يمكن قراءة بقاء النفط الخام سارياً في الأنابيب ليصل لمصفاة حمص، رغم سيطرة الثوار على مناطق عبورها، حيث لا تزال بعض المكثفات النفطية تخرج عن حقول الغاز في المنطقة الوسطى، وما زالت المصفاة تعمل وتنتج مشتقات نفطية، وهذه معلومة لها مدلولاتها". ويضيف سعيفان لـ"العربي الجديد": "تقوم فصائل المعارضة على اختلافها باستخراج النفط بطرائق بدائية وعلى نحو غير مسؤول، وتبيعها في الداخل، ما أوجد طبقة حرب ثرية".
وحذر من هدم الطبقات الجوفية للحقول نتيجة عدم العلمية والتخصص في الاستخراج والتعاطي مع الآبار.