سقط ثلاثة قتلى، بينهم أم وطفلتها، وأصيب عشرون آخرون بجروح، في بلدة كفرلاها التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية في ريف حمص الشمالي، نتيجة استهداف طيران النظام السوري المباني السكنية في البلدة بالصواريخ الفراغية، ما خلّف أضراراً كبيرة بها.
وقال الناشط الإعلامي مؤيد الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إن قصف طائرات النظام السوري على بلدة كفرلاها، الذي تجدد عصر اليوم الأحد، خلّف خسائر مادية وبشرية كبيرة، بسبب استهدافه المناطق المسكونة وسط البلدة، حيث أدت خمس غارات جوية على البلدة إلى مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل في حصيلة أولية، يرجح أن ترتفع بسبب وجود عدة إصابات خطرة في المشافي الميدانية.
ويأتي هذا القصف على بلدة كفرلاها، استمراراً للقصف الذي بدأته طائرات النظام السوري صباح اليوم، الأحد، استهدف البلدات والقرى التي تسيطر عليها المعارضة السورية في ريف حمص الشمالي.
بدوره، أكد المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي" محمد السباعي، لـ"العربي الجديد"، أن "الطيران الحربي قصف منطقة الحولة صباح اليوم، ما أدى إلى استشهاد شخص واحد ووقوع عدد من الإصابات"، مشيراً إلى أن ضربات جوية أخرى بـ"الصواريخ الفراغية استهدفت مناطق تل ذهب وتير معلة"، في ريف حمص الشمالي أيضاً.
في سياق متصل، تنفس مئات ألاف المدنيين السوريين المحاصرين في عدد من المناطق، من قبل القوات النظامية والمليشيات الموالية لها الصعداء، مع إقرار "هدنة وقف الأعمال العدائية" وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة خلال الشهر الماضي، بحسب قرار مجلس الأمن 2268، للدفع بمسار الحل السياسي، إلا أن القوات النظامية والمليشيات الموالية لها استغلت الهدنة لترتكب مئات الخروقات عبر العمليات العسكرية ومحاولات التقدم باتجاه مناطق المعارضة، وزيادة تحصينات مواقعها، التي تدل على تجهيزها للقيام بمعارك جديدة، كحال ريف حمص الشمالي.
وقال الناشط الإعلامي في ريف حمص الشمالي يعرب الدالي، في حديث مع "العربي الجديد": "لقد استغلت القوات النظامية الهدنة التي شملت معظم مناطق سورية، ومنها ريف حمص الشمالي، وبدأ تنفيذها منذ الـ27 من شباط/ فبراير الماضي، لتحصين بعض الدشم ورفع سواتر ترابية حول الطرق التي تستعملها في نقل جنود المشاة، بالإضافة إلى تأمين خطوط إمداد أخرى كانت سابقاً لا تستطيع استعمالها، كون الجيش الحر يرصدها بأسلحته".
وأوضح أن الفصائل المعارضة لم تستطع منعها من إنجاز هذه التحصينات لعدة أسباب، أهمها خشية اندلاع اشتباكات معها تعيق إدخال قوافل المساعدات، في ظل واقع معيشي غاية في السوء، والتزامها بالهدنة، إضافة إلى فارق التسليح.
كما أشار إلى أن "مدينة الرستن، شمال حمص، وتحديداً كتيبة الهندسة التي تتربع على هضبة مرتفعة يفصلها عن المدينة عائق جغرافي (بحيرة خلف سد الرستن الواقع على نهر العاصي)، ما يحول دون وصول أحد الطرفين إلى نقاط الطرف الآخر، باستثناء بعض الطرق في السهل المشكلة وسطهما، أو من خلال الطريق على جسم السد الذي تسيطر عليه قوات النظام، التي لم تكن تستطيع استعماله لرصده من قبل فصائل المعارضة من خلال مرتفعات الرستن، المقابلة له والخاضعة لسيطرتها".
وأضاف أن القوات النظامية "استغلت الهدنة كي ترفع تحصينات ترابية على جسم السد من الجهة المطلة على مواقع المعارضة، بحيث تحجب بها رصاص قناصي الفصائل عن جنودها، كما تبطل فاعلية الصواريخ ومضادات الدروع التي تمتلكها الفصائل إذا ما نقلت مدرعات القوات من خلال هذه الممرات التي حصّنتها، إذا أرادت نقلهم نحو المدينة خاصة".
كما لفت إلى أن "هذه التحصينات تسمح للنظام بتعزيز عدة نقاط تحكم عليها القوات النظامية سيطرتها في أقصى شمال المدينة بسهولة، والبدء بعمل عسكري منها إلى عموم الريف الشمالي".
ونقل الدالي عن أحد القادة الميدانيين أن "النظام يضغط علينا بورقة المدنيين، حيث يعيش اليوم في الرستن وحدها 100 ألف نسمة، والناس مرهقة من الحصار الطويل، وكنا نأمل أن يخفف توقف القصف والمعارك الجزئي من الضغوط المعيشية اليومية".
كما أمل بألا تجدي تحصينات النظام معه نفعاً، "نحن أصحاب الأرض، وفي آخر اشتباكات مباشرة معه في حر بنفسه وجواليك وسنيسل لقنّاه درساً قاسياً، وكبّدناه خسائر، ولم يستفد من عتاده العسكري. وأثناء المعارك يكون تجنب الناس للغارات والقصف وتقبّلهم للأمر أفضل، ما يسهّل علينا مواجهته".
كما استغلت القوات النظامية إدخال المساعدات في نقطة أخرى لتحصين جبهاتها. وكان الناشط الإعلامي الملقب أبو أسعد الحمصي، من الدار الكبيرة، نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، التقطه لقوات النظام، وهي تستغل دخول قوافل الأمم المتحدة إلى تير معلة كي ترفع تحصينات ترابية على جبهات الكتيبة والمطلة على الطريق الرئيسي حمص طرطوس، في تحويلة مصياف، وهي طرق استراتيجية تحتاجها قوات النظام.
وأفاد الدالي بأن "القوات النظامية لم يقتصر تحصينها على هذه النقاط فقط، بل قامت بتحسين وتدشين نقاط لها في القرى الخاضعة لسيطرتها، والتي حولتها إلى ثكنات، مثل جبورين وكفرنان والنجمة"، موضحاً أن "معظم ما قامت به القوات النظامية استهدفت تدعيم طرق النقل، وهي أهم أمر في الأعمال القتالية، وخاصة أن مسافات القتال قريبة ويمكن كشفها بسهولة".