أعلن اتحاد الناشرين الدولي، اليوم الخميس، منح جائزته السنوية للمدافعين عن حرية النشر لعام 2019 للناشر المصري، خالد لطفي، الذي يقضي حالياً عقوبة بالسجن بسبب نشره كتاباً مترجماً في القاهرة.
وفي الرابع من فبراير/ شباط 2019، أيّدت محكمة عسكرية الحكم العسكري الصادر ضد الناشر خالد لطفي، مؤسس مكتبة ودار نشر "تنمية" في القاهرة، بالسجن خمس سنوات بتهمة: "إفشاء أسرار عسكرية وبث شائعات"، لإعادة طبعه كتاب "الملاك"، وهو كتاب متاح، ويوزع في معارض الكتب العربية.
وكان لطفي قد ألقي القبض عليه في نيسان/ أبريل 2018 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية لقيام الدار التي يترأسها بتوزيع النسخة العربية من كتاب "الملاك: أشرف مروان" الصادر عام 2016 للكاتب الإسرائيلي، يوري بار جوزيف.
ولكن المسؤولين المصريين ينفون أن مروان كان جاسوساً، وأقيمت له جنازة رسمية في القاهرة، حضرها كثير من المسؤولين الكبار آنذاك وكان جثمانه ملفوفاً بعلم مصر، بعد وفاته في لندن في يونيو/ حزيران 2007.
ويدور الكتاب، الذي ألفه الإسرائيلي يوري بار جوزيف، حول أشرف مروان صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وقال كرايستن إينارسون، رئيس لجنة حرية النشر بالاتحاد الدولي للناشرين "يقف مجتمع النشر الدولي مع خالد لطفي. علينا أن ندعم زملاء لطفي الناشرين في مصر حتى لا يؤدي سجنه إلى الخوف وفرض الرقابة الذاتية في بلد له مثل هذا الثراء التراثي".
وتحمل الجائزة التي تبلغ قيمتها المالية 10 آلاف فرنك سويسري اسم الكاتب والفيلسوف الفرنسي فولتير.
وناشد خوسيه بورجينو الأمين العام لاتحاد الناشرين الدولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منح لطفي عفواً رئاسياً.
ومن المقرّر إقامة حفل تسليم جائزة "فولتير" للمدافعين عن حرية النشر في 21 يونيو/ حزيران خلال معرض سول الدولي للكتاب بكوريا الجنوبية.
وكانت مصادر مقربة من لطفي، وبعض العاملين في دار نشر "تنمية"، قد قالوا إن نسخة الكتاب أرسلت إلى الرقابة، ولم يأت رد، ما يعني موافقة ضمنية متعارفاً عليها في مجال النشر، وعلى إثره تم توزيع الكتاب على المكتبات، إلى أن فوجئ العاملون بالدار في غياب مؤسسها وصاحبها، خالد لطفي، في سبتمبر/ أيلول 2018، بزيارة من لجنة المصنفات الفنية، التي حررت محضراً ضد الدار، وضبطت أحد العاملين فيها، وتوالى تجديد الحبس مرتين، إلى أن أُخلي سبيله.
ثم استدعت النيابة العسكرية خالد لطفي في إبريل/ نيسان 2018، للتحقيق معه، وأصدرت حكماً بحبسه، وتوالت أحكام تحديد الحبس، حتى تاريخ صدور حكم المحكمة العسكرية بسجنه خمسة أعوام.
كذلك أقدمت هيئة المصنفات على إعدام جميع نسخ الكتاب الموجودة في السوق.
وحسب ما تداولته بعض الصحف والمواقع الإخبارية العربية، بشأن القضية، فإن وقائع القضية تعود إلى عشرة أشهر، عندما اتفق صاحب دار نشر "تنمية" على نشر طبعة مصرية من الكتاب المثير للجدل بالتعاون مع الناشر الأصلي "الدار العربية للعلوم ناشرون" اللبنانية.
وشمل الاتفاق بين داري النشر على إصدار طبعة مصرية مخفضة السعر من كتاب "الملاك" الذي أثار جدلاً كبيراً، وحولته منصة "نتفليكس" إلى فيلم سينمائي.
ويقدم الكتاب رواية إسرائيلية عن حياة رجل الأعمال المصري البارز أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتزعم الرواية الإسرائيلية أن مروان كان جاسوساً قدم لإسرائيل معلومات شديدة الأهمية خلال حرب أكتوبر 1973.
لكن الكتاب لا يخلو أيضاً من وجهات نظر معاكسة تعتبر أن مروان مارس خداعاً كبيراً لإسرائيل ضمن خطة الخداع الاستراتيجي المصري، وهي رؤية اقترب منها فيلم شبكة "نتفليكس" الذي قدم مروان بوصفه "صانع سلام".
يشار إلى أن الروائي المصري، يوسف زيدان، وجه رسالة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كتب فيها "أدعو الرئيس عبد الفتاح السيسي، من أجل خاطر مصر، أن يُصدر عاجلاً عفواً رئاسياً عن الناشر خالد لطفي، المحبوس منذ سنة وصدر عليه حكمٌ بالحبس خمس سنوات، لأنه أصدر كتاباً.. مؤكداً على السيد الرئيس سرعة إصدار هذا العفو، الضروري، لأنه لا مستقبل لبلد يُسجن فيه ناشرون لأنهم نشروا أو مؤلفون لأنهم ألّفوا، فهذا من خطايا زمنٍ بائسٍ قد انقضى".