الناس يقتصون من اللصوص مع تقاعس الشرطة بفنزويلا

14 مايو 2016
الشرطة عاجزة عن مواجهة الأزمات (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
لا يزال الصراخ يصم أذنيها. فلدى مغادرتها مقر عملها مع هبوط الليل، لمحت فنزويلية مجموعة من الناس ينهالون بالضرب على شخصين متهمين بالسرقة ثم عمدوا إلى رشهما بالبنزين، وأضرموا بهما النار وهما على قيد الحياة.

ففي واحد من أعنف بلدان العالم، لا تؤدي الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بفنزويلا، إلا إلى زيادة التوترات الاجتماعية تفاقماً. ولا يتردد مزيد من التجار والسكان الذين يعتبرون أن الشرطة والدولة متقاعستان عن القيام بواجباتهما، من فرض العدالة بأنفسهم.

وقالت جوزفينا، مصففة الشعر (43 عاماً) في شارع تجاري في لوس ريوسس للطبقة المتوسطة في العاصمة كاراكاس، "ارتعد كلما تذكرت صراخ" الشابين. انهال أشخاص بالضرب بخوذات الدراجات النارية وبأرجلهم وقبضاتهم، على المتهمين بالسرقة وسط المارة، وفجأة، عمد شخص إلى رشهما بالبنزين وأشعل النار بهما وهما على قيد الحياة".

وعلى وقع صراخ "أقبضوا عليه"، أو بواسطة مجموعة "لوس رويسس النشيطة" على تطبيق واتساب للرسائل القصيرة وعدد أعضائها 350، استنفر هؤلاء السكان قواهم لمواجهة اللصوص النشالين.

ويؤكد ويليام كولينز، أحد وجوه الحي، إن الهدف من هذا الاستنفار هو صدّ هؤلاء اللصوص وليس قتلهم.

من جانبه، يؤكد مدير الشرطة البلدية المسؤولة عن هذه المنطقة، مانويل فوريلوس، إن العناصر الموضوعة في تصرفه غير كافية لأداء هذه المهمات.

وأعرب عن أسفه بالقول إن "الأمم المتحدة توصي بتخصيص أربعة من عناصر الشرطة لكل ألف نسمة. ولا يتوفر لدينا إلا نصف العدد".


وفي منتصف أبريل/نيسان، أعلنت المدعية العامة لويزا أورتيغا أن أجهزتها تجري تحقيقات بشأن 26 حالة عمد فيها أشخاص إلى تحصيل حقوقهم بأنفسهم. وهي اثنتان في 2015 و24 في الفصل الأول من 2016، وأسفرت عن 20 قتيلاً و17 جريحا.

وبعد أسبوعين، سجلت الأرقام ارتفاعاً جنونياً، مع تفاقم الوضع في البلاد جراء الانقطاع اليومي للتيار الكهربائي، وفتح الإدارات الرسمية يومين فقط في الأسبوع، وحوادث نهب المتاجر والاحتجاجات.

وبات إجمالي الحوادث للسنة الجارية 74 ملفاً، و37 قتيلاً وعددا مماثلا من المصابين، كما تقول لويزا أورتيغا.

وتحدثت وسائل الإعلام الفنزويلية في 2016 عن عمليات ضرب جماعي لأشخاص يعتقد أنهم مجرمون في 20 من الولايات ال 24 في فنزويلا.

وعلى هاتفه النقال، يعمد أحد سكان هذا الحي إلى استعراض صور رجال عراة غطتهم الدماء، وقد كبلت أيديهم وأرجلهم ومددوا على الأرض، في انتظار وصول الشرطة. ويتزايد هذا النوع من الصور على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتقول عالمة النفس الاجتماعي ماغالي هاغينز إن عمليات الضرب والركل تكشف عن شعور مواطنين "يعتقدون أنهم لا يستطيعون الاستعانة بالقضاء لتحصيل حقوقهم".

من جهته، يعتبر الخبير في الجرائم اندريس انتيلانو إن من "الخطورة بمكان" أن يصبح هذا الشكل من العنف "مقبولا"، لأن الناس "لا يميزون عندئذ بين الذي يقتل من أجل السرقة والذي يقتل لمنع السرقة".

وفي فنزويلا التي أحصت فيها السلطات 4696 جريمة قتل في الفصل الأول من 2016، و17ألف و778 جريمة في 2015، أي 58.1 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة، يعارض ثلث السكان فقط عمليات الضرب والركل، كما يتبين من أرقام "المرصد الفنزويلي لأعمال العنف".

المساهمون