لم يصدر حتى اللحظة أي موقف رسمي من القيادة السياسية الإسرائيلية للتعقيب على إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس نيته الدعوة إلى إجراء انتخابات فلسطينية، التي أطلقها من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي، وأكد فيها أنه سيدعو إلى انتخابات عامة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. وعدم التعقيب الإسرائيلي على إعلان عباس، قد يكون راجعاً إلى عدم تبيّن جديته في إنفاذ ما أعلنه، خاصة أنه قد تكرر سابقاً إعلان الرئيس عباس نيته إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، كان آخرها نهاية عام 2018 عقب قرار المحكمة الدستورية حلّ المجلس التشريعي، لكنه في الحقيقة لم يتقدم في هذا الاتجاه بشكل حقيقي، ولم ينجز فيه أي خطوة فعلية، وبقيت إعلاناته في سياق الصراع الفلسطيني الداخلي. وسبب آخر يمكن أن يكون وراء عدم التعليق الإسرائيلي على موضوع الانتخابات، هو إدراك إسرائيل عمق الخلاف بين حركتي فتح وحماس، وهما اللتان تقبضان على زمام الأمور في الضفة وغزة، وكل منهما، ومن باب الحفاظ على مصالحه الخاصة ومكتسباته الحزبية المتراكمة بفعل الانقسام، وإصرار كل منهما على شروطه في كيفية إجراء الانتخابات وآلية ذلك وتفاصيل الإجراءات المرتِبة والمتَرتبة عن العملية الانتخابية، فإنّ من المتوقع أن تصطدم الانتخابات بالكثير من المطبات والعقبات الفلسطينية الداخلية، ما يؤدي إلى فشل مشروعها بعيداً عن أي تدخل من الاحتلال الإسرائيلي، فيكون ذلك بمثابة تبرئة لساحته ونقطة في مصلحته، وشاهد في يده يستخدمه للدلالة على مدى تخلف الفلسطينيين وعدم كفاءتهم وجدارتهم للعمل معهم للوصول إلى حل سياسي.
وعلى أي حال، وأخذاً بصدق النيات، وتغليباً لفرضية جدية التوجه الفلسطيني لإجراء الانتخابات التشريعية الثالثة، وترجيحاً لحدوث توافق فلسطيني داخلي على إجرائها، يبرز هنا تساؤل مهم عن الموقف الإسرائيلي من الانتخابات الفلسطينية، ذلك في ظل تعثّر مسار التفاوض بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية وانحسار العلاقة بينهما على التنسيق الأمني وتسيير المهمات الحياتية والخدماتية اليومية اللازمة لعدم توقف الحياة، خاصة في مناطق السلطة، وأيضاً في ظل الهدوء الحذر والهش على الحدود ما بين قطاع غزة والداخل المحتل، والمرجَّح للانفجار في أي لحظة وتحت أي مبرر، وبعد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، وفي ظل وعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أثناء حملته الانتخابية الأخيرة في سبتمبر الماضي، التي أعلن فيها لناخبيه رغبته في ضمّ منطقة الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، مع الأخذ بالاعتبار الوضع السياسي الراهن في إسرائيل من عدم مقدرة نتنياهو على تشكيل حكومة واحتواء ائتلافه على شخصيات وأحزاب يمينية متطرفة، ما يعقد الأمر أكثر ويجعل من الموافقة الإسرائيلية على الانتخابات الفلسطينية أمراً مستبعداً. وقد أقدمت إسرائيل بالفعل على عرقلة إجراء الانتخابات الفلسطينية عام 2006 من خلال رفضها إجراء انتخابات في القدس المحتلة، حتى أوشك الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حينها على الغائها لولا التحرك الدولي وضغط الإدارة الأميركية على الاحتلال الإسرائيلي للسماح للعملية الانتخابية الفلسطينية بأن تسير دون مضايقات من جانبها. والأمر في الانتخابات الحالية لا يختلف كثيراً عن سابقه، إذ إن إسرائيل بشكل دائم ضد الانتخابات الفلسطينية وضد أي حراك ديمقراطي فلسطيني، وهي لا تفضل ولا ترغب في وجود أي شرعية فلسطينية، وتفضل الانقسام الفلسطيني وتتمنى استمراره لأطول فترة ممكنة وتعمل على تعميقه وترسيخه بكل ما تملك من وسائل. وثمة نقطة أخرى متوقعة من الاحتلال الإسرائيلي تزيد من صعوبة فرص نجاح إجراء الانتخابات، وتشكل تحدياً مصيرياً أمامها، هي رفض الاحتلال السماح بإجراء انتخابات تشارك فيها حركة حماس، وقد أعلن الاحتلال ذلك أكثر من مرة، وأقرّ بأن موافقته على مشاركة حركة حماس في انتخابات 2006 كان خطأً فادحاً لا يجب تكراره.
من المؤكد أن السلطات الإسرائيلية ستبذل كل الجهود من أجل منع إجراء الانتخابات الفلسطينية، وفي حال الضغط عليها دولياً للسماح للفلسطينيين بإجراء انتخاباتهم، فهي ستقدم على شنّ حملات اعتقال واسعة في صفوف الفلسطينيين، وخاصة النشطاء، في التحضير والتجهيز للانتخابات، وقد تلاحق المرشحين وتعتقلهم وتضيّق عليهم، وليس من المستبعد أن تصادر المواد الإعلانية الانتخابية وأموال الحملات الانتخابية لبعض المرشحين والقوائم، وأن تُغلق المهرجانات الانتخابية. وقد يكثف الجيش الإسرائيلي من اقتحام المدن الفلسطينية واجتياحها، خاصة السيادية، ومن المحتمل أن تُغلق قوات الاحتلال الطرق والمعابر وتُقيم الحواجز العسكرية وتفرض قيوداً شديدة على حركة تنقل الفلسطينيين، وخاصة ما بين مدن الضفة الغربية والقدس، وبينهما وبين قطاع غزة، في سبيل تصعيب عمل لجنة الانتخابات المركزية، وتعطيل حركة المواصلات بين المناطق الفلسطينية الداخلية، وخصوصاً أثناء تسجيل الناخبين وحملة التوعية والتثقيف وعملية الاقتراع. ومن المرجَّح أن يقدم الاحتلال على إغلاق مراكز تسجيل الناخبين في القدس والمناطق المصنفة (ج) ومنع طواقم لجنة الانتخابات المركزية من العمل داخل تلك المناطق.
على الفلسطينيين العمل بكل ما يملكون من وسائل، والضغط في كل اتجاه ممكن من أجل إجراء الانتخابات وإجبار الاحتلال على عدم عرقلتها أو التدخل فيها أو محاولة التأثير بنتائجها، وعليهم ألا ينكسروا لرغبة الحكومة الإسرائيلية التي لن تسمح طواعية بإجراء الانتخابات، وفي حال تعنُّت الاحتلال في ذلك، فالواجب أن يجري التوصل إلى أي طريقة تضمن إجراء الانتخابات في المناطق الفلسطينية كافة، وهذا وإن كان صعباً، فهو ليس مستحيلاً، فالانتخابات في الوقت الراهن تأتي في سياق تأكيد السيادة الفلسطينية، خاصة في ما يتعلق بالقدس والأغوار، وهي إلى جانب ذلك ضرورة وطنية وأخلاقية وديمقراطية، وخطوة مهمة في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
وعلى أي حال، وأخذاً بصدق النيات، وتغليباً لفرضية جدية التوجه الفلسطيني لإجراء الانتخابات التشريعية الثالثة، وترجيحاً لحدوث توافق فلسطيني داخلي على إجرائها، يبرز هنا تساؤل مهم عن الموقف الإسرائيلي من الانتخابات الفلسطينية، ذلك في ظل تعثّر مسار التفاوض بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية وانحسار العلاقة بينهما على التنسيق الأمني وتسيير المهمات الحياتية والخدماتية اليومية اللازمة لعدم توقف الحياة، خاصة في مناطق السلطة، وأيضاً في ظل الهدوء الحذر والهش على الحدود ما بين قطاع غزة والداخل المحتل، والمرجَّح للانفجار في أي لحظة وتحت أي مبرر، وبعد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، وفي ظل وعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أثناء حملته الانتخابية الأخيرة في سبتمبر الماضي، التي أعلن فيها لناخبيه رغبته في ضمّ منطقة الأغوار وأجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، مع الأخذ بالاعتبار الوضع السياسي الراهن في إسرائيل من عدم مقدرة نتنياهو على تشكيل حكومة واحتواء ائتلافه على شخصيات وأحزاب يمينية متطرفة، ما يعقد الأمر أكثر ويجعل من الموافقة الإسرائيلية على الانتخابات الفلسطينية أمراً مستبعداً. وقد أقدمت إسرائيل بالفعل على عرقلة إجراء الانتخابات الفلسطينية عام 2006 من خلال رفضها إجراء انتخابات في القدس المحتلة، حتى أوشك الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حينها على الغائها لولا التحرك الدولي وضغط الإدارة الأميركية على الاحتلال الإسرائيلي للسماح للعملية الانتخابية الفلسطينية بأن تسير دون مضايقات من جانبها. والأمر في الانتخابات الحالية لا يختلف كثيراً عن سابقه، إذ إن إسرائيل بشكل دائم ضد الانتخابات الفلسطينية وضد أي حراك ديمقراطي فلسطيني، وهي لا تفضل ولا ترغب في وجود أي شرعية فلسطينية، وتفضل الانقسام الفلسطيني وتتمنى استمراره لأطول فترة ممكنة وتعمل على تعميقه وترسيخه بكل ما تملك من وسائل. وثمة نقطة أخرى متوقعة من الاحتلال الإسرائيلي تزيد من صعوبة فرص نجاح إجراء الانتخابات، وتشكل تحدياً مصيرياً أمامها، هي رفض الاحتلال السماح بإجراء انتخابات تشارك فيها حركة حماس، وقد أعلن الاحتلال ذلك أكثر من مرة، وأقرّ بأن موافقته على مشاركة حركة حماس في انتخابات 2006 كان خطأً فادحاً لا يجب تكراره.
من المؤكد أن السلطات الإسرائيلية ستبذل كل الجهود من أجل منع إجراء الانتخابات الفلسطينية، وفي حال الضغط عليها دولياً للسماح للفلسطينيين بإجراء انتخاباتهم، فهي ستقدم على شنّ حملات اعتقال واسعة في صفوف الفلسطينيين، وخاصة النشطاء، في التحضير والتجهيز للانتخابات، وقد تلاحق المرشحين وتعتقلهم وتضيّق عليهم، وليس من المستبعد أن تصادر المواد الإعلانية الانتخابية وأموال الحملات الانتخابية لبعض المرشحين والقوائم، وأن تُغلق المهرجانات الانتخابية. وقد يكثف الجيش الإسرائيلي من اقتحام المدن الفلسطينية واجتياحها، خاصة السيادية، ومن المحتمل أن تُغلق قوات الاحتلال الطرق والمعابر وتُقيم الحواجز العسكرية وتفرض قيوداً شديدة على حركة تنقل الفلسطينيين، وخاصة ما بين مدن الضفة الغربية والقدس، وبينهما وبين قطاع غزة، في سبيل تصعيب عمل لجنة الانتخابات المركزية، وتعطيل حركة المواصلات بين المناطق الفلسطينية الداخلية، وخصوصاً أثناء تسجيل الناخبين وحملة التوعية والتثقيف وعملية الاقتراع. ومن المرجَّح أن يقدم الاحتلال على إغلاق مراكز تسجيل الناخبين في القدس والمناطق المصنفة (ج) ومنع طواقم لجنة الانتخابات المركزية من العمل داخل تلك المناطق.
على الفلسطينيين العمل بكل ما يملكون من وسائل، والضغط في كل اتجاه ممكن من أجل إجراء الانتخابات وإجبار الاحتلال على عدم عرقلتها أو التدخل فيها أو محاولة التأثير بنتائجها، وعليهم ألا ينكسروا لرغبة الحكومة الإسرائيلية التي لن تسمح طواعية بإجراء الانتخابات، وفي حال تعنُّت الاحتلال في ذلك، فالواجب أن يجري التوصل إلى أي طريقة تضمن إجراء الانتخابات في المناطق الفلسطينية كافة، وهذا وإن كان صعباً، فهو ليس مستحيلاً، فالانتخابات في الوقت الراهن تأتي في سياق تأكيد السيادة الفلسطينية، خاصة في ما يتعلق بالقدس والأغوار، وهي إلى جانب ذلك ضرورة وطنية وأخلاقية وديمقراطية، وخطوة مهمة في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني.