واصلت القوات العراقية تقدمها نحو مركز مدينة الموصل، الذي يضم المجمع الحكومي وعدداً من الدوائر الحكومية وسط حي الدواسة في منطقة الموصل القديمة. وتمكنت القوات العراقية المشتركة، المدعومة من طيران التحالف الدولي، من السيطرة على حي وادي حجر، وإكمال السيطرة على حي الجوسق المجاور لنهر دجلة والوصول إلى مشارف حي الدواسة. وتضاعفت أعداد النازحين من سكان غرب مدينة الموصل، بعد خروجهم من المناطق التي تشهد معارك ضارية بين القوات العراقية وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وسيطرت قوات مكافحة الإرهاب على منطقة وادي حجر، وسط الجانب الغربي لمدينة الموصل، ووصلت إلى مشارف حي المنصور، بعد معارك عنيفة مع عناصر "داعش". وقال قائد العمليات الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، اللواء معن الزيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من السيطرة على حي وادي حجر، بعد معارك مع عناصر داعش لمدة يومين"، موضحاً أن "قوات مكافحة الإرهاب تمكنت من الوصول إلى حي المنصور، الذي يقع جنوبي الموصل من الجهة الغربية للمدينة، وهي تستعد لاقتحامه".
وكانت القوات العراقية واجهت مقاومة عنيفة من عناصر التنظيم، الذين يحاولون عرقلت تقدمها نحو مركز المدينة. وأشارت مصادر عسكرية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إلى تعرض القوات العراقية لعمليات انتحارية بعربات مفخخة في أحياء المنصور ووادي حجر وأطراف حي الدندان، أدت إلى سقوط ضحايا في صفوف القوات الأمنية. وأعلن العقيد في قوات الشرطة الاتحادية، عبد الرحمن الخزاعي أنه "تم القضاء على آخر عناصر داعش في حي الجوسق، وذلك بعد يومين من استعادة التنظيم السيطرة على أجزاء من الحي بعد هجوم مباغت"، مشيراً إلى أن القوات العراقية تقوم بإحكام السيطرة على أحياء الطيران والجوسق والغزلاني، وإنشاء خطوط صد لعرقلة العربات المفخخة، استعداداً لاستئناف الهجوم على حي الدواسة.
وكشف الرائد في قوات التدخل السريع، محمد علي، لـ"العربي الجديد"، أن القوات العراقية عثرت على شبكة أنفاق وممرات سرية بين المنازل في أحياء الطيران والجوسق ووادي حجر، يستخدمها عناصر التنظيم للتنقل بين المنازل. وأكد أن "القوات العراقية تخوض حرب شوارع، وفي بعض الأحيان لا تزيد المسافة بين القوات العراقية وعناصر داعش عن بعض الأمتار"، لافتاً إلى أن "مئات الأسر كانت محاصرة داخل المنازل".
إلى ذلك، واصلت آلاف الأسر النزوح نحو مناطق جنوب الموصل. واضطر سكان مناطق غرب الموصل للسير عبر طرقات محفوفة بالمخاطر، وسط نيران القوات العراقية وعناصر "داعش". ولم يحالف الحظ بعضهم، وسقطوا جراء القصف المتبادل أو العبوات التي زرعها التنظيم. وأعلن مسؤولون محليون ومنظمات دولية أن عدد النازحين من مناطق غرب الموصل بلغ أكثر من 30 ألفاً، بعد عشرة أيام من انطلاق معركة استعادة السيطرة على القسم الغربي من المدينة. وقال الناشط في منظمة إغاثة محلية، محمد البياتي، لـ"العربي الجديد"، إن "مئات الأسر تصل بشكل يومي إلى حي المأمون الذي سيطرت عليه القوات العراقية في بداية العملية العسكرية جنوب غرب الموصل، بعد قطعهم مسافات طويلة سيراً على الأقدام في ظروف بالغة الخطورة". وأضاف أن "النازحين يعانون من الإرهاق، ولا يملكون أبسط مقومات الحياة، إذ اضطر غالبيتهم إلى الهرب بسرعة، وهم بحاجة ماسة إلى مساعدات من المنظمات الدولية والحكومة العراقية". وتابع أن "غالبية العوائل تسكن حالياً في العراء، وليس هناك وسائل نقل مناسبة لنقلها إلى مخيمات النازحين في القيارة"، منتقداً تعامل الجهات الحكومية مع أزمة النزوح المتوقعة نتيجة العمليات العسكرية في الموصل".
وقال طبيب في مركز طبي ميداني، لـ"العربي الجديد"، إن "نحو 30 مدنيا قتلوا أمس (الأول) في حي الطيران، بينهم ثلاث عوائل، بعد أن فجر انتحاري عربة عسكرية مفخخة، مستهدفاً القوات العراقية في المنطقة، ما أدى إلى تدمير ثلاثة منازل فوق رؤوس ساكنيها". وأضاف أن "أربعة مدنيين قتلوا بهجوم انتحاري نفذه عنصر من داعش كان يسير مع فارين من غرب الموصل". وكانت المعارك في غربي الموصل قد اندلعت منذ نحو أسبوعين من محورين رئيسيين في الجهة الجنوبية من المدينة، في محاولة من القوات العراقية لطرد "داعش".