"أكثر من هذا السقوط لا يمكن"... هو لسان زميلة رئيسة تحرير صحيفة دنماركية، التقينا في مناسبة لا علاقة لها بالمهنة: في سوق على شاطئ مدينة يعيد التاريخ إلى العصور الوسطى عن تجارة الفايكنغ.
أن تكون رئيسة تحرير صحيفة، وهي يسارية بكل معنى الكلمة، في حالة صدمة ــ وهي بالمناسبة كانت حتى وقت قريب مؤيدة مخدوعة لديكتاتوريات عربية باسم "معاداة الإمبريالية" ــ تعيدنا جملتها إلى ما لم يصدقه بعض "عملانيي" المهنة.
رئيسة التحرير تلك، ومعها بعض الزملاء لم يخفوا يوما كراهيتهم للإسلام السياسي وكانت غبطتهم كبيرة بـ3 يوليو: "هذا نتاج ثورة شعب مصر مرة أخرى"، قالوا. قلت حينها: "سترون أسوأ مما كان في السلفادور"... هؤلاء أنفسهم، يقولون اليوم: "الوضع أبشع من كل جمهوريات الموز".
في 1979 حدث انقلاب السلفادور بدعم أميركي واضح وأتى بـ "نابليون دوارتي" ليلعب دور الديكتاتور. أزهقت أرواح كثيرة من صفوف المثقفين والصحافيين وعامة الشعب باسم "محاربة المؤامرة".
لا مشكلة الآن في مصر، مثل غيرها، سوى أنّ الصحافة والمهنة ليست في رأي القائل: ما تسمعوش كلام غيري... سوى ممسحة وإلا فتهمتها تؤدي إلى الإعدام. جوليو ريجيني كان درسا لصحافي دنماركي اعتقل في 25 أبريل لساعات عاش فيها شبح جوليو. في سورية روض صحافيو "بي بي سي" منذ اليوم الأول. اليوم في مصر القصة ليست قصة "التخابر"، بل في ظل نظام "أبوي" يرى كل ما يعارض أبويته والجزمة العسكرية.
إلى أين تسير المهنة، ليس في مصر وحدها، بل في ظل كل الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، وتلك التي تحكمها مليشيا حرق المحطات وتهديد الصحافيات كما في الحالة اللبنانية؟ تسير باتجاه أن يفهم الصحافي نهايته كنهاية جبران تويني وسمير قصير... فهل يقبل أن تحال أوراق الصحافي إلى مفتٍ لا يعرف من تاريخ مصر سوى ما ألقاه من دروس فرعونها الجديد؟
أكثر من هذا السقوط لا يمكن... فلا شك بأننا أمام سقوط من نوع آخر، لكن أبدا ليس للصحافة وحريتها... بل سقوط، مهما أخذ من وقت ودماء، لهؤلاء الذين ظنوا بأن الشعوب جماعة من النعاج يقودها مرياع في كل نقابة وزاوية.
أن تكون رئيسة تحرير صحيفة، وهي يسارية بكل معنى الكلمة، في حالة صدمة ــ وهي بالمناسبة كانت حتى وقت قريب مؤيدة مخدوعة لديكتاتوريات عربية باسم "معاداة الإمبريالية" ــ تعيدنا جملتها إلى ما لم يصدقه بعض "عملانيي" المهنة.
رئيسة التحرير تلك، ومعها بعض الزملاء لم يخفوا يوما كراهيتهم للإسلام السياسي وكانت غبطتهم كبيرة بـ3 يوليو: "هذا نتاج ثورة شعب مصر مرة أخرى"، قالوا. قلت حينها: "سترون أسوأ مما كان في السلفادور"... هؤلاء أنفسهم، يقولون اليوم: "الوضع أبشع من كل جمهوريات الموز".
في 1979 حدث انقلاب السلفادور بدعم أميركي واضح وأتى بـ "نابليون دوارتي" ليلعب دور الديكتاتور. أزهقت أرواح كثيرة من صفوف المثقفين والصحافيين وعامة الشعب باسم "محاربة المؤامرة".
لا مشكلة الآن في مصر، مثل غيرها، سوى أنّ الصحافة والمهنة ليست في رأي القائل: ما تسمعوش كلام غيري... سوى ممسحة وإلا فتهمتها تؤدي إلى الإعدام. جوليو ريجيني كان درسا لصحافي دنماركي اعتقل في 25 أبريل لساعات عاش فيها شبح جوليو. في سورية روض صحافيو "بي بي سي" منذ اليوم الأول. اليوم في مصر القصة ليست قصة "التخابر"، بل في ظل نظام "أبوي" يرى كل ما يعارض أبويته والجزمة العسكرية.
إلى أين تسير المهنة، ليس في مصر وحدها، بل في ظل كل الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، وتلك التي تحكمها مليشيا حرق المحطات وتهديد الصحافيات كما في الحالة اللبنانية؟ تسير باتجاه أن يفهم الصحافي نهايته كنهاية جبران تويني وسمير قصير... فهل يقبل أن تحال أوراق الصحافي إلى مفتٍ لا يعرف من تاريخ مصر سوى ما ألقاه من دروس فرعونها الجديد؟
أكثر من هذا السقوط لا يمكن... فلا شك بأننا أمام سقوط من نوع آخر، لكن أبدا ليس للصحافة وحريتها... بل سقوط، مهما أخذ من وقت ودماء، لهؤلاء الذين ظنوا بأن الشعوب جماعة من النعاج يقودها مرياع في كل نقابة وزاوية.