ترزح المناطق العربية البعيدة عن مراكز المدن الكبرى تحت وطأة الفقر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي. وأصبحت مجموعة من المناطق، والتي تصنف ضمن قائمة "المدن المهمشة" باعتراف رسمي من دولها، عنوان استغلال لخيراتها، وعدم اهتمام بتحسين مستوى عيش قاطنيها، والذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا بعيداً عن المركز.
ويرتبط واقع اللامساواة بين المناطق في الدول العربية، بغياب التوزيع العادل للثروات، إذ تزخر مجموعة من القرى والمدن المهمشة بالثروات الباطنية، وكذلك الإنتاجية العالية في المجال الزراعي، لكن لا يحصل سكانها بالمقابل سوى على فتات أرباح الأشخاص والشركات والدولة، لقاء ما يستخرجون ويحصدون من أراضيهم. وأدت سياسة تدفق النمو غير المتساوي في مناطق عربية مختلفة إلى زيادة معدلات الفقر بنسب تراوح ما بين 9 و50%.
اقرأ أيضا: التنمية البشرية: مشاريع لا تغير حال المواطنين
وكان لسكان منطقة "سيدي بوزيد" في تونس، والتي عانت من التهميش لعقود، دور كبير في إشعال الثورة، والإطاحة بالهارب زين العابدين بن علي. وبحسب تقرير صادر عن "الاتحاد العام التونسي للشغل" سنة 2011، فإن أبرز مظاهر التفاوت التي تعانيها المنطقة، تكمن في عدم استفادة أبنائها من التعليم، حيث بلغت نسبة الأمية في أوساط سكانها خلال صياغة التقرير ذاته 69.5%. واضطر 58.1% من قاطنيها إلى الهجرة بسبب الفقر والفوارق الاجتماعية. وعلى الرغم من نجاح الثورة في تونس، والتغيّرات السياسية التي عرفتها، لا تزال المنطقة ترزح تحت الفقر والتهميش، وتعطلت فيها جل المشاريع التي أطلقت، ما دفع الحكومة التونسية إلى تشكيل لجنة للنظر في مشاريعها التنموية المعطلة، واكتفت بإصدار التوصيات فقط، وفرز لجنة مصغرة لتتبعها.
ويرى الخبير في المخاطر الاقتصادية التونسي مراد الحطاب، أن مظاهر الفوارق الاجتماعية في الدول العربية تتعمق بشكل أوضح مما كانت عليه، نظراً للظروف السياسية التي تعرفها أكثر من دولة.
ويشير المتحدث ذاته، إلى أن إشكالية التفاوت بين المناطق داخل الدول العربية، أبرز تجلٍ لغياب المساواة فيها، وهي نتاج لغياب التخطيط الاستراتيجي السليم، لطرح مشاريع تنموية لفائدة سكان المناطق المهمشة. وهذا الوضع حسب وجهة نظر الحطاب، تعرفه الدول العربية منذ سنوات الستينيات، وهناك مناطق في دول العربية مثل الجزائر، مصر، تونس، السودان، تزخر بالثروات تحت باطن أراضي أهلها، لكن لا يستفيد هؤلاء منها، باستثناء تجربتين، وهما المغرب والأردن، واللذان طرحا مشاريع تنموية مندمجة، تحقق إلى حد متوسط المساواة بين جميع المناطق.
اقرأ أيضا: اللامساواة: الاقتصادات العربيّة تدفع ضريبة التهميش الاجتماعي والجندري
وبالحديث عن واقع التفاوت بين المناطق في الأردن، يظهر أن سره يكمن في ثروات جنوبه التي لا تغني سكانه، على الرغم من توفرها على مصادر مهمة مثل البوتاس والإسمنت الصخري والزيتي والمعادن والغاز.
ويشير تقرير مؤشرات الفقر الصادر عن برنامج الأمم المتحدة إلى أن التفاوت الاجتماعي في الدول العربية، أفرز نسب فقر تراوح بين 7 و40.3%.
من جهته، يوضح الباحث الاجتماعي في مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية، مدى زكريا أكضيض، أن التفاوت الاقتصادي بين المناطق في الدول العربية، له آثار على الحالة الاجتماعية للأفراد، ويعد المسبب الأول لارتفاع نسب الفقر في أوساط سكان الدول العربية، بحيث يظهر أن نسق المساعدات التي يتلقاها الأفراد داخل مناطق المركز تمكنهم من الترقي الاجتماعي، وتساهم في خلق دينامية على مستوى حياتهم، وذلك نظراً لاحتواء مناطق المركز رساميل مادية ورمزية تسعفهم في تحسين وضعيتهم الاجتماعية.
اقرأ أيضا: البؤساء: آلاف الفقراء العرب يعيشون ويأكلون من القمامة
ويضيف المتحدث ذاته في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن المناطق العربية المهمشة، تفتقر للبنى التحتية الموجهة للتأطير السياسي والاجتماعي والمهني وكذلك الثقافي، ما يحرم الفرد من الاندماج، وجعله قادراً على إنتاج المردودية المادية والرمزية.
ويشير الباحث الاجتماعي أكضيض، إلى أن المناطق المهمشة "تجعل من الفرد يعيش قدرية اجتماعية تحكم عليه بالحفاظ على موقعه الاجتماعي، والاستمرارية على نفس الحال، وعدم السعي للترقي الاجتماعي".
ويشرح أكضيض نتائج هذه "القدرية الاقتصادية والاجتماعية" بالقول: "هذه القدرية تساهم في تشكيل وعي جمعي يحمل حقداً وكراهية تجاه الدولة، باعتبارها المسؤولة المباشرة عن مآسيه الاجتماعية". ولتجاوز هذا الواقع يشدد أكضيض، على ضرورة تحقيق عدالة اجتماعية غير قائمة على المساواة بين أفراد الهامش وأفراد المركز، بل تكون قائمة على تفعيل مبدأ الإنصاف في حق المناطق المعزولة ومراعاة ظروفها الخاصة.
اقرأ أيضا: الماء: شحّ الموارد الطبيعية يهدد مستقبل المواطن العربي
وتزداد معاناة سكان المناطق المهمشة سنويا مع تعدد المخاطر، وعلى رأسها انحسار موارد المياه المستعملة في الري وكذلك الشرب، حيث حذر تقرير صادر عن "المنتدى العربي للبيئة التنمية" سنة 2011 من مواجهة عدد من المناطق العربية ندرة حادة للمياه خلال 2015. بالإضافة إلى انتشار الأمراض المزمنة في ظل غياب الرعاية الصحية، والتي تعمقها ظاهرة غياب الأطر الطبية عن تلك المناطق بنسب تتجاوز الـ 60%.
ويرتبط واقع اللامساواة بين المناطق في الدول العربية، بغياب التوزيع العادل للثروات، إذ تزخر مجموعة من القرى والمدن المهمشة بالثروات الباطنية، وكذلك الإنتاجية العالية في المجال الزراعي، لكن لا يحصل سكانها بالمقابل سوى على فتات أرباح الأشخاص والشركات والدولة، لقاء ما يستخرجون ويحصدون من أراضيهم. وأدت سياسة تدفق النمو غير المتساوي في مناطق عربية مختلفة إلى زيادة معدلات الفقر بنسب تراوح ما بين 9 و50%.
اقرأ أيضا: التنمية البشرية: مشاريع لا تغير حال المواطنين
وكان لسكان منطقة "سيدي بوزيد" في تونس، والتي عانت من التهميش لعقود، دور كبير في إشعال الثورة، والإطاحة بالهارب زين العابدين بن علي. وبحسب تقرير صادر عن "الاتحاد العام التونسي للشغل" سنة 2011، فإن أبرز مظاهر التفاوت التي تعانيها المنطقة، تكمن في عدم استفادة أبنائها من التعليم، حيث بلغت نسبة الأمية في أوساط سكانها خلال صياغة التقرير ذاته 69.5%. واضطر 58.1% من قاطنيها إلى الهجرة بسبب الفقر والفوارق الاجتماعية. وعلى الرغم من نجاح الثورة في تونس، والتغيّرات السياسية التي عرفتها، لا تزال المنطقة ترزح تحت الفقر والتهميش، وتعطلت فيها جل المشاريع التي أطلقت، ما دفع الحكومة التونسية إلى تشكيل لجنة للنظر في مشاريعها التنموية المعطلة، واكتفت بإصدار التوصيات فقط، وفرز لجنة مصغرة لتتبعها.
ويرى الخبير في المخاطر الاقتصادية التونسي مراد الحطاب، أن مظاهر الفوارق الاجتماعية في الدول العربية تتعمق بشكل أوضح مما كانت عليه، نظراً للظروف السياسية التي تعرفها أكثر من دولة.
ويشير المتحدث ذاته، إلى أن إشكالية التفاوت بين المناطق داخل الدول العربية، أبرز تجلٍ لغياب المساواة فيها، وهي نتاج لغياب التخطيط الاستراتيجي السليم، لطرح مشاريع تنموية لفائدة سكان المناطق المهمشة. وهذا الوضع حسب وجهة نظر الحطاب، تعرفه الدول العربية منذ سنوات الستينيات، وهناك مناطق في دول العربية مثل الجزائر، مصر، تونس، السودان، تزخر بالثروات تحت باطن أراضي أهلها، لكن لا يستفيد هؤلاء منها، باستثناء تجربتين، وهما المغرب والأردن، واللذان طرحا مشاريع تنموية مندمجة، تحقق إلى حد متوسط المساواة بين جميع المناطق.
اقرأ أيضا: اللامساواة: الاقتصادات العربيّة تدفع ضريبة التهميش الاجتماعي والجندري
وبالحديث عن واقع التفاوت بين المناطق في الأردن، يظهر أن سره يكمن في ثروات جنوبه التي لا تغني سكانه، على الرغم من توفرها على مصادر مهمة مثل البوتاس والإسمنت الصخري والزيتي والمعادن والغاز.
ويشير تقرير مؤشرات الفقر الصادر عن برنامج الأمم المتحدة إلى أن التفاوت الاجتماعي في الدول العربية، أفرز نسب فقر تراوح بين 7 و40.3%.
من جهته، يوضح الباحث الاجتماعي في مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية، مدى زكريا أكضيض، أن التفاوت الاقتصادي بين المناطق في الدول العربية، له آثار على الحالة الاجتماعية للأفراد، ويعد المسبب الأول لارتفاع نسب الفقر في أوساط سكان الدول العربية، بحيث يظهر أن نسق المساعدات التي يتلقاها الأفراد داخل مناطق المركز تمكنهم من الترقي الاجتماعي، وتساهم في خلق دينامية على مستوى حياتهم، وذلك نظراً لاحتواء مناطق المركز رساميل مادية ورمزية تسعفهم في تحسين وضعيتهم الاجتماعية.
اقرأ أيضا: البؤساء: آلاف الفقراء العرب يعيشون ويأكلون من القمامة
ويضيف المتحدث ذاته في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن المناطق العربية المهمشة، تفتقر للبنى التحتية الموجهة للتأطير السياسي والاجتماعي والمهني وكذلك الثقافي، ما يحرم الفرد من الاندماج، وجعله قادراً على إنتاج المردودية المادية والرمزية.
ويشير الباحث الاجتماعي أكضيض، إلى أن المناطق المهمشة "تجعل من الفرد يعيش قدرية اجتماعية تحكم عليه بالحفاظ على موقعه الاجتماعي، والاستمرارية على نفس الحال، وعدم السعي للترقي الاجتماعي".
ويشرح أكضيض نتائج هذه "القدرية الاقتصادية والاجتماعية" بالقول: "هذه القدرية تساهم في تشكيل وعي جمعي يحمل حقداً وكراهية تجاه الدولة، باعتبارها المسؤولة المباشرة عن مآسيه الاجتماعية". ولتجاوز هذا الواقع يشدد أكضيض، على ضرورة تحقيق عدالة اجتماعية غير قائمة على المساواة بين أفراد الهامش وأفراد المركز، بل تكون قائمة على تفعيل مبدأ الإنصاف في حق المناطق المعزولة ومراعاة ظروفها الخاصة.
اقرأ أيضا: الماء: شحّ الموارد الطبيعية يهدد مستقبل المواطن العربي
وتزداد معاناة سكان المناطق المهمشة سنويا مع تعدد المخاطر، وعلى رأسها انحسار موارد المياه المستعملة في الري وكذلك الشرب، حيث حذر تقرير صادر عن "المنتدى العربي للبيئة التنمية" سنة 2011 من مواجهة عدد من المناطق العربية ندرة حادة للمياه خلال 2015. بالإضافة إلى انتشار الأمراض المزمنة في ظل غياب الرعاية الصحية، والتي تعمقها ظاهرة غياب الأطر الطبية عن تلك المناطق بنسب تتجاوز الـ 60%.