الملياردير كولومويسكي ضحية تفاهم روسي ـ أوكراني

08 سبتمبر 2014
يعدّ بريفات بنك من أبرز أملاك كولومويسكي (فرانس برس/Getty)
+ الخط -
قرر مجلس الدولة، في شبه جزيرة القرم، تأميم ممتلكات الملياردير الأوكراني، إيغور كولومويسكي، محافظ دنيبروبتروفسك. وتتضمن قائمة الموجودات، التي تطرحها السلطات للبيع، حوالى 70 عقاراً.

ونقلت وكالة "إيتار تاس" الروسية تعليل القائم بأعمال رئيس جمهورية القرم، سيرغي أكسيونوف، تأميم أملاك كولومويكسي، أثناء جلسة البرلمان، بأن "الأخير مموّل للأحداث الدائرة اليوم، في جنوب شرق أوكرانيا، حيث يقومون بقتل مواطنينا، ولذلك فمن حقنا وواجبنا الأخلاقي أن نقوم بعملية التأميم".

وستُباع الأملاك العائدة لكولومويسكي، والتي تم وضع اليد عليها، في مزاد علني، على أن يجري تسديد الديون المترتبة على بنك "بريفات"، العائد لكولومويسكي، لزبائنه الذين تضرروا بنتيجة إغلاقه.

وفي هذا السياق، قال أكسيونوف: "لقد وعدنا سكان القرم، بأننا سوف نقوم بتسديد جميع الديون، التي يعجز عن تسديدها صندوق حماية المودعين الحكومي، من عوائد مبيعات أملاك مؤسس البنك، السيد كولومويسكي".

ملياردير قوي ولكن حانت تصفيته

وكانت مجلة (فوربس ـ أوكرانيا) قد ذكرت، سنة 2013، أنّ ثروة كولومويسكي، تقدّر بـ1.8 مليار دولار. في حين ذكرت وسائل إعلام أوكرانية وروسية، مع بدء النزاع الأوكراني، أنه يشغل الترتيب الثاني بين أغنياء أوكرانيا، بثروة تقدر بـ3.645 مليار دولار.

ويعدّ كولومويسكي مالكاً أو شريكاً في ملكية شركات كبرى عدة، مثل "بريفات بنك"، ومصفاة النفط "بريكارباتيا"، وشركتي التنقيب عن النفط " أوكرانافطا" و"دنيبرازوت"، وكذلك القنوات التلفزيونية "1+1"، و"تات"، و"2+2".

 وفي السياسة، كان أوّل ما فعله كولومويسكي، بعد أن أصبح محافظاً لدنيبروبتروفسك، كما أشار موقع "روبوستيرز.رو"، تشكيل "لواء دنيبر" المقاتل للمهمات الخاصة. وحينها قال نائبه في المحافظة، غينادي قربان: "أنا مفوّض بالإعلان عن أننا سنبدأ غدا بتشكيل لواء دنيبر" للمهام الخاصة. وأضاف: "سيتم تسليح اللواء من مستودعات وزارتي الداخلية والدفاع، وأن عملياته سيتم تنسيقها مع الجهات الحكومية، وأن كولومويسكي سيتولى قيادة هذا اللواء".


وفي السياق نفسه، ذكر الباحث السياسي الأوكراني، ألكسندر أوخريمينكو، أن "مكانة كولومويسكي السياسية تعززت في عام 2014 بدرجة جدية، والجميع يعلم أنه موّل الميدان، ويملك وسائل إعلام خاصة به، وهو يموّل وحدات مقاتلة في الجيش الأوكراني، تشارك في عملية مكافحة الإرهاب في جنوب شرق البلاد".

في المقابل، لم تقف موسكو متفرجة على عدوها الجديد، فقد ذكرت وكالة "إيتار تاس" أنّ لجنة التحقيق الروسية الفيدرالية فتحت، في الثامن عشر من يونيو/حزيران السابق، قضية جنائية بحق كولومويسكي المتهم في روسيا بتدبير جرائم قتل، واستخدام وسائل وأساليب محظورة في الحرب.

كما يعتبر التحقيق أن هذا الملياردير على صلة باختطاف صحافيي قناة "زفيزدا" الروسية، أندريه سوشينكوف وأنطون ماليشيف، وكذلك اختطاف العاملين في هذه القناة، يفغيني دافيدوف ونيكيتا كوناشينكوفا، وصحافيين روس آخرين. وقد أصدرت روسيا مذكرة بحث دولية عنه، وتلت ذلك مذكرة توقيف أصدرتها محكمة "باسمّاني" الموسكوفية بحقه.

وكما أعلن رئيس لجنة التحقيق الفيدرالية، فلاديمير ماركين، فإن قرار التأميم يتهدد جميع العقارات والأصول، التي يملكها كولومويسكي في روسيا. وبالنتيجة، ووفقاً لوكالة "ريا نوفوستي"، قام التحقيق بالحجز على أحد المباني العائدة لكولومويسكي في موسكو. وهو المبنى رقم 1 من العقار رقم 10، المؤلف من ستة طوابق في شارع بوفارسكايا، القريب من شارع أربات الجديد والمحاذي لمبنى المحكمة العليا.
وكان إيغور كولومويسكي، نفسه، قد أعلن عن ضرورة تأميم الأملاك، التي تمت خصخصتها في أوكرانيا بصورة غير قانونية، في الفترة الممتدة بين عامي 2011-2014، وذلك على هواء القناة التلفزيونية الأوكرانية الخامسة "من الضروري تأميم الأملاك التي خُصخصت بصورة غير قانونية. لا يستطيعون ذلك، ولكن يجب إعادة الأشياء التالية إلى ملكية الدولة: أوكرتيلكوم وزاخيدإينيرجو ودنيبروإينيرجو (تعود هذه الشركات إلى مجموعة ديتيك التي يملكها الملياردير رينات أحميدوف)، وكذلك شركات الغاز المناطقية، و49 في المائة من مصنع التيتانيوم والمغنيزيوم في زابوريجيا (وهي تعود إلى مجموعة دي أف، التي يملك معظم أسهمها ديمتري فيرتاش)، وكذلك شركة سوميخي بروم". كما دعا في 14 يوليو/تموز الماضي، إلى مصادرة الأصول التابعة للمتهمين بدعم الانفصاليين، على ما ذكر موقع "أوترو.يو آي" الأوكراني.

 

وكانت مسألة تأميم أملاك الأوليغارخيين الأوكرانيين في القرم قد طرحت، في ربيع العام الجاري، بعد انضمام القرم إلى روسيا مباشرة، بما في ذلك تأميم أملاك الرئيس الأوكراني الحالي، بترو بوروشينكو نفسه، لكن هذا الطرح سرعان ما تلاشى حينها، وفق رئيس تحرير مركز "صوت سيفاستوبول" للمعلومات والتحليل، بوريس روجين.

وأوضح روجين: "لقد تحوّل الأمر إلى الحديث عن شراء الأصول بسعر السوق أو بالقيمة التقديرية. أما بخصوص كولومويسكي فيبدو أن الأمور أخذت منحى آخر. محاولة ممثليه التواصل مع الكرملين لم تفض إلى النتائج المرجوة، والتطور التالي للأحداث نحو إحراز اتفاق سياسي حول مستقبل دونباس يجعل كولومويسكي فائضاً عن الحاجة".

ويضيف: "على خلفية احترام ملكية بوروشينكو في القرم، يبدو أنه قد تم اختيار كولومويسكي كواحد من أكباش الفداء في الحرب، فلكييف ولموسكو مصلحة في تحميله جزءاً كبيراً من مسؤولية الدم. ولذلك فإن سير الأحداث يشي بأنه سيتم القضاء على كولومويسكي... بكل ما لهذه الكلمة من معنى". ولهذا فإن للقرار أهمية كبرى، خصوصاً وأنه سبق لكولومويسكي أن أعلن عدم التزامه بالهدنة السابقة.