وسّعت السلطات المصرية مؤخراً من ملاحقاتها لرجال أعمال مؤيدين للنظام، بعد أن كانت تقتصر على المنتمين لجماعة الإخوان، مما أثار تخوفات كبيرة في مجتمع الأعمال المصري خشية أن تكون هذه القرارات لتصفية حسابات.
وحسب رجال أعمال، لـ"العربي الجديد"، زادت المخاوف خلال الفترة الأخيرة، بعد أن لاحقت السلطات المصرية اثنين من كبار رجال الأعمال الداعمين للنظام الحالي، وهما محمد فريد خميس، رئيس مجلس إدارة شركة "النساجون الشرقيون"، ورجل الأعمال المعروف، صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة شركة "جهينة للألبان".
وفي هذا الإطار، قال الرئيس التنفيذي لجمعية رجال أعمال إسكندرية (شمال)، معتز الطباع، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه القرارات تثير الكثير من التخوفات في مجتمع رجال الأعمال، والكثير منهم يتحسب من استغلالها لتصفية حسابات قديمة".
وأضاف أنه لا بد من الإعلان عن أسباب واضحة وكافية لهذه الإجراءات والقرارات لأن كل رجل أعمال الآن بمصر يضع في اعتباره إمكانية تعرضه لهذه الإجراءات.
ولفت إلى أن القلق تزايد لعدم وجود أسباب كافية وواضحة لما تم اتخاذه من قرارات، خلال الفترة الماضية، ومنهم صفوان ثابت، ومحمد فريد خميس. وقال: "إن هذه القرارات تعد أكبر تهديد للاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية، وعائقاً أمام الاستثمار في مصر سواء للمصريين أو الأجانب".
وكان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري قد قرر، في 18 أغسطس/آب الماضي، إحالة صاحب شركات "النساجون الشرقيون" محمد فريد خميس، إلى النيابة العامة، بتهمة الممارسات الاحتكارية، وجاءت هذا الخطوة بعد أيام من صدور قرار من المستشار، عزت خميس، رئيس لجنة إدارة أملاك جماعة الإخوان بمصر الحكومية، بالتحفظ على أموال رجل الأعمال المصري، صفوان ثابت.
وقال رئيس لجنة إدارة أملاك الإخوان في تصريحات أعقبت القرار، إن "صفوان ثابت كادر إخواني كبير ومهم، ليس كمجرد أحد المتعاطفين مع الإخوان، وليس أيضًا لأنه كما يشاع صهر المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، المستشار مأمون الهضيبي".
وساهمت هذه الإجراءات في تهاوي البورصة المصرية على مدار الفترة الماضية، حيث خسرت البورصة المصرية نحو 6.4 مليارات جنيه (817 مليون دولار)، خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بعد أن تراجعت مؤشرات السوق بشكل جماعي.
اقرأ أيضاً: مصر: قانون الإرهاب يثير مخاوف من هروب الاستثمارات
وانخفض المؤشر الرئيسي للسوق "إيجي إكس 30"، الذي يقيس أداء أنشط 30 شركة، بنسبة 1.3%، ليصل إلى مستوى 7079 نقطة.
واللافت للنظر أن اللجنة الحكومية، التي وجهت اتهامات لرجال أعمال مؤيدة للنظام بأنهم ينتمون للإخوان ومنهم ثابت، لم تقدم أية مستندات أو أدلة تثبت حقيقة هذه الاتهامات، حسب رجال أعمال.
وهو ما أكده رجل الأعمال وعضو اتحاد الصناعات المصرية، مجدي طلبة، الذي قال "إن الدولة لها الحق في اتخاذ كافة الإجراءات ضد أي مخالف للقانون، ولكن تلك القرارات تحتاج إلى حرص وإيضاح كامل حولها وتحقيقات مسبقة تؤكد تورط رجال الاعمال في أية قضية، لا أن تكون مجرد شكوك ويجري التحقيق بعد صدور القرار".
وفي ما يخص "النساجون الشرقيون" أوضح طلبة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن القرار صدر بالتحقيق بواقعة احتكار وهذا يحدث في العالم كله، لكن كان القرار مفاجئاً وتوقيته غير مناسب، ولا توجد شفافية في الأسباب الكامنة وراءه.
ولم تكن واقعة ثابت هي المرة الأولى التي ترفض فيها اللجنة الكشف عن أية أسباب أخرى غير دعوى انتماء "المتحفظ على أموالهم" لجماعة الإخوان. فقد سبق التحفظ على أموال ثابت، قراراً من اللجنة نفسها ولنفس السبب ودون أسباب أخرى بالتحفظ على 14 شركة صرافة، وأكثر من 16 من أكبر المستشفيات بمختلف المحافظات المصرية لانتماء أصحابها لجماعة الإخوان وفق ما أقرته اللجنة.
وحسب لجنة حصر أموال الإخوان، تم التحفظ عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز عام 2013، على أموال أكثر من 1500 شركة وجمعية خيرية ورجل أعمال، بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين، ومنهم رجال أعمال بارزون مثل خيرت الشاطر وحسن مالك.
وربط بعض المحللين الاقتصاديين بين الهجوم على رجال أعمال مؤيدين للنظام بإحجامهم عن التبرع لصندوق "تحيا مصر"، ولكن الملاحظ أن الملاحقات لثابت وخميس تمت رغم أن كلا منهما تبرع بـ50 مليون جنيه (6.4 مليون دولار) للصندوق.
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد أسس صندوق "تحيا مصر" فور توليه الرئاسة في يونيو/حزيران 2014 ، وقال وقتها لرجال الأعمال: "هتدفعوا يعني هتدفعوا".
وكان رجل الأعمال المصري، أحمد أبو هشيمة، قد أعلن الإثنين الماضي عقب لقائه برئيس الوزراء، إبراهيم محلب، عن تبرعه بـ 50 مليون جنيه لصندوق"تحيا مصر"، وقال في تصريحات صحافية إنه يعتبر الأمر مساهمة، وليس تبرعاً، فالأوضاع الاقتصادية صعبة للغاية، والجميع لا بد وأن يساهم في الصندوق.
وأوضح رئيس جمعية مستثمري مدينة أكتوبر (غرب العاصمة)، محمد جنيدي، لـ"العربي الجديد"، أن مجتمع الأعمال في مصر مترقب جداً لأسباب هذه القرارات الأخيرة، وإذا كانت هذه القرارات بهدف توصيل رسالة معينة للمستثمر فهي بالتأكيد تشكل خطراً كبيرا على الاستثمار في مصر.
ولكن في المقابل، أكد رجال أعمال آخرون أن الملاحقات الأخيرة ليست سياسية، وقال رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، حسين صبور، لـ"العربي الجديد"، إن قرارات التحفظ جاءت بسبب أخطاء بعض رجال الأعمال، قائلا "رأيت أن قرارات التحفظ طبيعية وقانونية، ومن يلتزم بالقانون لن يتم التعرض لأمواله".
وعن تخوفات بعض المستثمرين المصريين من هذه القرارت، اعتبر صبور أن من يخشون هذه القرارات هم ممن لديهم أخطاء في أعمالهم واستثماراتهم.
اقرأ أيضاً:
مصر: 200 حكم قضائي ببطلان مصادرة أموال الإخوان
مصر تعدّ قائمة جديدة للتحفّظ على أموال "الإخوان"