المكسيك تربح 6.4 مليارات دولار من التحوط النفطي

19 اغسطس 2016
مظاهرات في المكسيك ضد سياسات النفط (Getty)
+ الخط -
وسط التذبذب الكبير في أسعار النفط خلال الأعوام الأخيرة، ابتدعت بعض الدول النفطية أسلوب المراهنة على توجهات الأسعار في أسواق المشتقات على أمل كسب أموال على كميات النفط التي تنتجها سنوياً وتعويض خسارة انخفاض الأسعار. وهو أسلوب أشبه بلعبة "الروليت"، وربما تتردد العديد من الدول العربية في خوض مثل هذه الرهانات، ولكن دولة مثل المكسيك تمكنت من تحقيق أرباح من رهاناتها النفطية في سوق المشتقات والتحوط.
وسوق المشتقات العالمية يهتم بالمراهنة على حركة أسعار السلع ومن بينها النفط والغازوالفائدة والأسهم والسندات. وهذا السوق ضخم جداً يصل إلى عشرات الترليونات من الدولارات، حيث بلغ حوالى 21 ترليون دولار في النصف الثاني من العام 2014، حسب إحصائيات بنك التسويات الدولية في سويسرا. وتراهن دولة مثل المكسيك على حركة أسعار النفط في المتوسط سنوياً، على أمل كسب الرهان وحصد الفارق السعري لكميات النفط التي تبيعها في حال هبوط أسعار خاماتها عن السعر الذي وقعت به عقد التحوط مثلما هو حادث حالياً. ومثالاً على ذلك تراهن الدولة على سعر معين وتدفع مبالغ للتحوط لضمان هذا السعر. وإلى جانب المكسيك، هنالك بعض الدول الصغيرة في منطقة أميركا اللاتينية أجرت مراهنات على النفط، ولكن على صعيد الشركات ووسطاء النفط، فإنها تجارة رائجة وتنتعش بدرجة كبيرة في لحظات الاضطرابات السياسية لما لها من تداعيات يصعب حسابها في سوق الطاقة.
وحسب نشرة "أويل برايس" الأميركية، فإن المكسيك واصلت خلال عقد ونصف العقد، المراهنة المستمرة على حركة أسعار النفط، وقد كسبت خلال هذه السنوات وفي العديد من المرات مبالغ كبيرة. وحسب إحصائيات السوق الأميركي للعقود المستقبلية في النفط وسوق المشتقات الخاصة بالطاقة، فإن المكسيك ربما ستكسب من رهانات حركة أسعار النفط في العام الجاري 2016، حوالى 3 مليارات دولار، كما ربحت في العام 2015 من الرهانات النفطية حوالى 6.4 مليارات دولار. ومنذ العام 1990 التي بدأت فيها المكسيك حركة الرهانات فقد كسبت في العامين 1991 و1999، ولكنها خسرت في بقية أعوام عقد التسعينيات.
ومثالاً على ذلك، فإن وزارة النفط المكسيكية وقعت اتفاقية تحوط سنوي لخاماتها النفطية التي ستبيعها بين الأول من ديسمبر/كانون الأول من العام 2015 و30 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري 2016. وقد كلف عقد التحوط الحكومة المكسيكية 1.09 مليار دولار، ولكن في المقابل، فإن هذه الاتفاقية ستضمن للمكسيك مكاسب مالية كبيرة، حيث إن المكسيك راهنت على سعر لخاماتها يبلغ في المتوسط 49 دولاراً للبرميل، ولكن المكسيك ومنذ بداية العقد وحتى الشهر الماضي باعت خاماتها بسعر بلغ في المتوسط 32.46 دولاراً للبرميل.
وذلك حسب الأرقام الرسمية التي تنشرها وزارة النفط المكسيكية والتي تتوافق مع أسعار بورصة النفط "نايمكس" في نيويورك. وهذا يعني أن المكسيك ستكسب حوالى 3مليارات دولار من هذا الرهان، حتى في حال استمرار أسعار النفط فوق 50 دولاراً أو أكثر من ذلك في بقية العام الجاري.
ويرى خبراء نفطيون، أن هذه المراهنات رغم ما تجلبه من أرباح، فإنها تبقى محفوفة بالمخاطر بالنسبة للدول التي تعتمد في دخلها على النفط فقط.
ورغم أن أسعار النفط تتجه نحو الارتفاع خلال الأشهر المقبلة، بسبب التصريحات السعودية التي منحت مؤشراً قوياً على أن المملكة كأكبر منتج ومصدر للنفط ستعمل على ضبط الإمداد مع باقي المنتجين الكبار، فإن هذا لايعني أن رهانات المكسيك على حركة أسعار النفط ستسبب لها في أية خسائر. ويرى محللون أن المكسيك ستكسب من رهاناتها حتى إذا بلغت أسعار النفط 80 دولاراً خلال العام الجاري. مثل هذا السعرمستبعد تماماً وسط الفجوة الحالية في السوق بين العرض والطلب وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وفي لندن ارتفعت أسعار النفط أمس الخميس وتجاوز خام القياس العالمي مزيج برنت 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في ستة أسابيع مع استمرار حديث التجارعن احتمال التوصل لاتفاق على خفض الإنتاج خلال اجتماع لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين خارجها الشهر المقبل.
وجرى تداول برنت في العقود الآجلة بسعر 49.93 دولارا للبرميل في الجلسة الصباحية، بارتفاع قدره ثمانية سنتات بعدما ارتفع في وقت سابق إلى 50.05 دولارا للبرميل. كما جرى تداول خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في العقود الآجلة بسعر 47.10 دولارا للبرميل بارتفاع قدره 31 سنتاً.
ونتج ارتفاع خام غرب تكساس الوسيط أمس كذلك عن تدفق الطلبيات الجديدة لشحن الخام الأميركي إلى أوروبا للاستفادة من فرصة فارق السعر الكبير بين الخام الأميركي وبرنت القياسيين. حيث يباع الخام الأميركي الخفيف بسعر أقل كثيراً عن خام برنت.
ومن بين المؤشرات الإيجابية التي ستدعم أسعار النفط خلال الشهور المقبلة زيارة وفد من وزارة الطاقة الروسية إلى مقر منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" في فيينا وعقد لقاءات مع مسؤولي مكتب أمين عام المنظمة ورؤساء الأقسام المعنية بدراسة أسواق النفط والطاقة. واتفق الطرفان، خلال هذه اللقاءات، على عقد اجتماع جديد لحوار الطاقة بينهما والذي انطلق في سبتمبر/أيلول 2012. وكان آخر اجتماع بهذه الصيغة انعقد في موسكو، في 30 يوليو/تموز 2015. ويمنح هذا الاجتماع الأسواق توجهاً نحو اتفاق بين المنتجين الكبار على دعم أسعار النفط خلال الاجتماع المقبل في الجزائر.

المساهمون