أضحى سلاح المقاطعة أكثر حضوراً، في مواجهة التهديد المتكرر للرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع المساعدات المالية عن الدول التي صوتت لصالح مطالبة الولايات المتحدة بسحب قرارها المعلن في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.
ولا تبدو العديد من الدول العربية، مكترثة لتهديدات ترامب، خاصة في ظل وجود ما وصفه خبراء اقتصاد بمصالح مشتركة تحول دون مساندة واسعة في الإدارة الأميركية لترامب في هذه الخطوة.
وتشير بيانات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، إلى أن 20 دولة عربية حصلت على مساعدات بنحو 10.5 مليارات دولار العام الماضي 2016، استحوذت العراق ومصر والأردن على أغلب هذه المساعدات التي شملت أيضا دولا خليجية.
وفي مقابل هذه المساعدات، تظهر بيانات عن الصادرات الأميركية أن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، استوردت منتجات من الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار خلال العام الماضي، وسط توقعات بتسجيل نفس الرقم تقريباً بنهاية العام الجاري، مع استثناء قيمة صفقات السلاح، ما يجعل الخبراء يؤكدون أن سلاح المقاطعة وحده كفيل بردع ترامب.
وكرر ترامب تهديده بقطع المساعدات المالية في تغريدة على تويتر يوم الجمعة الماضي، قائلا :"بعد صرف سبعة تريليونات دولار بغباء على الشرق الأوسط.. حان الوقت للبدء في بناء بلدنا!".
وجاء تهديد ترامب بعد أن صوتت 128 دولة، بينها كل الدول العربية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس الماضي لصالح سحب القرار الأميركي.
العراق أكبر الحاصلين على المساعدات
ويأتي العراق في صدارة الدول العربية، التي تلقت معونات أميركية خلال العام الماضي، وفق ما نقلت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" يوم الخميس الماضي عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فقد حصل هذا البلد على نحو 5.28 مليارات دولار، خصص 89% منها للمجال العسكري.
كما جاءت مصر في الترتيب الثاني من حيث قيمة المساعدات، لتحصل على 1.23 مليار دولار، 89% منها في المجال العسكري، و11% المتبقية اتجهت إلى المجال التنموي.
وحصل الأردن على 1.21 مليار دولار، مالت نسبيا لمصلحة الدعم التنموي على الدعم العسكري، وبلغت المساعدات لسورية 916.4 مليون دولار، أغلبها للإغاثة وفق الوكالة الأميركية.
وبلغت قيمة المساعدات للسلطة الفلسطينية نحو 416.7 مليون دولار، ولبنان 416.5 مليون دولار، 81% منها في المجال التنموي، فيما حصل اليمن على حوالي 305 ملايين دولار، أغلبها موجه للمعونات الإنسانية.
وبحسب الوكالة الأميركية، تم تقديم مساعدات للصومال بقيمة 274.7 مليون دولار، بينها 174 مليونا مخصصة للمعونات الإغاثية والغذائية، و43 مليونا لعمليات أمنية، كما تم تقديم حوالي 137.8 مليون دولار للسودان، بينها 125 مليونا خصصت لعمليات الإغاثة وللمعونات الغذائية، وكان الدعم الأميركي للسودان منخفضا جدا بسبب العقوبات المفروضة عليها، لكنه بدأ يرتفع ابتداء من عام 2010، ووصل أوجه عام 2013 بـ170 مليون دولار.
وحصلت تونس على 117.4 مليون دولار، 79 مليون دولار منها وجهت للدعم العسكري، كما بلغت المساعدات للمغرب 82 مليون دولار، 84% منها للمجال التنموي و16% للمجال العسكري، ونحو 26.6 ملايين دولار لليبيا، والجزائر 17.8 مليون دولار، وموريتانيا 12.7 مليون دولار.
وأظهرت بيانات الوكالة الأميركية، أن دول الخليج العربي الست حصلت على مساعدات العام الماضي، فالبحرين تعد الدولة الخليجية الأكثر تلقيا للمساعدات الأميركية العام الماضي، بنحو 6.5 ملايين دولار، 91% منها للمجال العسكري، تلتها سلطنة عُمان بنحو 5.7 ملايين دولار، 80% منها للجانب العسكري، ثم الإمارات بقيمة 1.1 مليون دولار، 65% في المجال التنموي.
كما حصلت السعودية على حوالي 733 ألف دولار، 98% منها للمجال التنموي، والكويت 112 ألف دولار، فيما تعد قطر الدولة العربية الأقل تلقيا للمساعدات الأميركية، إذ لم تحصل عام 2016 سوى على 95 ألف دولار، 65 % منها خصصت للدعم العسكري.
تقليص ضغوط المانحين
ولم تصدر حتى الآن ردة فعل مباشرة من قبل الحكومة الأردنية على تهديدات ترامب، إلا أن اقتصاديين يرون أن الأردن يدرك منذ سنوات أن المساعدات الخارجية التي يتلقاها من الولايات المتحدة ومن غيرها من البلدان قد تتوقف في أي وقت، وتعمل الحكومة على الاعتماد على الذات دون الارتهان إلى هذه المساعدات.
وقال خيرو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الأردني (البرلمان)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "تهديدات ترامب بقطع المساعدات لن تثني الأردن عن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية".
وأضاف صعيليك "الأردن يدرك منذ عدة سنوات بدء انحسار المساعدات الاقتصادية الخارجية، وبالتالي تعمل الحكومة ومؤسسات الدولة على ترسيخ سياسة الاعتماد على الذات حتى لا نبقى رهينة لأي تقلبات في سياسات ومواقف الدول والجهات المانحة".
وأضاف أن "الحكومة بالمشاركة مع مجلس النواب ستضع الحلول المناسبة، لمواجهة الخلل الذي قد يحدثه وقف المساعدات الأميركية، فهناك العديد من الخيارات الممكن بحثها في حينه".
وقال النائب الأردني إن اقتصاد بلاده قادر على امتصاص أثر توقف المساعدات الأميركية، مشيرا إلى أن أزمات أصعب مرت على الأردن اقتصادياً وتم تجاوزها.
وتابع أن المساعدات الخارجية أخذت في التراجع منذ عدة سنوات، حيث بلغت في العام الحالي حوالي 1.2 مليار دولار، ويتوقع انخفاضها إلى 987 مليون دولار العام المقبل، ويقدر أن تبلغ حوالي 614 مليون دولار عام 2019 ، وستصل إلى الصفر بحلول عام 2020 بحسب التوقعات.
وأشار حسام عايش، الخبير الاقتصادي الأردني لـ "العربي الجديد"، إلى ضرورة الإسراع في إجراءات الاعتماد على الذات والخروج من بوتقة المساعدات الخارجية، لافتا إلى أهمية إعادة النظر في مجمل السياسات الاقتصادية، والعمل على تعزيز بيئة الاستثمار والتركيز أكثر على القطاعات الإنتاجية.
وقد تفاعل الأردنيون بشكل لافت اعتراضا على التهديدات الأميركية وتم استخدام العديد من العبارات من خلال قنوات التواصل الاجتماعي للتعبير عن الرفض ومنها: "سنأكل خبزا وزيتونا إذا اقتضت الحاجة". وطرح مغردون فكرة تخلي بعضهم عن جزء من رواتبهم الشهرية دعما للاقتصاد الأردني ومواجهة التهديدات الأميركية.
اطمئنان مصري
وبالنسبة لمصر، قال اتش.إيه هيلر، الخبير بالشؤون المصرية لدى المجلس الأطلسي في حديث لرويترز، إن مصر تشعر باطمئنان على الأرجح بشأن المساعدات العسكرية الأميركية، التي تحصل عليها والبالغة 1.3 مليار دولار برغم تهديدات ترامب.
وأضاف "لا أعتقد أن مصر ستشعر بالقلق... بالتأكيد لن تكون الدائرة المقربة من ترامب راضية، لكنني أشك في أن يصل الأمر إلى ما هون أبعد من ذلك".
ومصر شريك عسكري مهم للولايات المتحدة وتقاتل مسلحين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء شمال شرق البلاد.
مقاطعة السلع الأميركية
وفي مقابل تهديد ترامب بإيقاف المساعدات المالية، يبدو أن سلاح المقاطعة أضحى أكثر حضوراً في الكثير من الدول، ليس العربية والإسلامية فحسب وإنما في دول أخرى متعاطفة مع القضية الفلسطينية ورافضة لتهويد القدس.
وسبق أن لجأت الشعوب لسلاح المقاطعة، فيما تراهن منظمات المجتمع المدني هذه المرة على أن يكون أكثر إيلاما، لا سيما في ظل البيانات التي تشير إلى أن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، استوردت منتجات من الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار خلال العام الماضي 2016، وسط توقعات بتسجيل نفس الرقم تقريباً بنهاية العام الجاري، مع استثناء قيمة صفقات السلاح، وفق بيانات عن الصادرات الأميركية.
وكانت الواردات العربية وحدها من الولايات المتحدة قد بلغت 71.4 مليار دولار في عام 2015، بما يعادل 8.6% من إجمالي الواردات البالغة 830.9 مليار دولار، وفق بيانات التقرير العربي الموحد الصادر عن صندوق النقد العربي مؤخرا.
ونشطت على مدار الأيام الماضية حملات الدعوة لمقاطعة المنتجات الأميركية، لتعود العلامات التجارية الشهيرة إلى الواجهة من جديد، ولا سيما الأكثر استهلاكا وتداولا، على رأسها شركات عملاقة في مجال الأغذية والمطاعم والمقاهي مثل ستاربكس، ماكدونالدز، برغر كينغ، كوكا كولا، بيبسي، هاينز، والمنظفات مثل تايد وإريال، وحفاضات بامبرز، وسجائر مارلبورو، وألعاب هاسبرو، ومنتجات الأدوية والتجميل لوريال وجونسون آند جونسون، وتيمبرلاند المتخصصة في الألبسة والأحذية.
وفي 2003، عقب الاحتلال الأميركي للعراق، تبنت الشعوب العربية مقاطعة واسعة للسلع الأميركية، وأبلغت بعض الشركات الأميركية على إثرها عن انخفاض في المبيعات يتراوح بين 25% و40%، بسبب مقاطعة نسبة كبيرة من مواطني الدول لمنتجاتها.
كما تكررت حملات المقاطعة للضغط على واشنطن من أجل إيقاف العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة.
وقال أنور الغيث، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت، إن الدول العربية تمتلك عدة أدوات مهمة أمام قرارات ترامب بشأن القدس والتهديد بقطع المساعدات، ومن أهمها النفط والغاز وصفقات الأسلحة والطيران، وبناء على ذلك لا يمكن لترامب أن يقرر بين ليلة وضحاها قطع أو خفض المساعدات عن الدول التي صوتت ضد قراره.
أدوات ردع عربية
ورأى الغيث، خلال حديثه لـ " العربي الجديد"، أن تراجع الاقتصاد الأميركي سيكون عامل ضغط مؤثراً على الإدارة الأميركية ضد أي قرار تتخذه بشأن المساعدات السنوية، فضلا عن أن مقاطعة الدول العربية للمنتجات الأميركية سيكلف الاقتصاد الأميركي عشرات مليارات الدولارات، التي قد تؤثر على الموازنة التي هي بالأصل بحاجة إلى زيادة إيراداتها، بعد أن خفضت الضرائب بنحو 1.5 تريليون دولار.
وتابع "العرب لديهم أدوات ردع أخرى تتمثل في تجميد استثماراتهم المباشرة، وسحب الاحتياطيات من البنوك الأميركية، والأهم من ذلك هو تحرك الأفراد نحو مقاطعة المنتجات والسلع، ذات الرواج في الأسواق العربية، وهو ما يعد صفعة قوية للاقتصاد الأميركي".
اقــرأ أيضاً
ولا تبدو العديد من الدول العربية، مكترثة لتهديدات ترامب، خاصة في ظل وجود ما وصفه خبراء اقتصاد بمصالح مشتركة تحول دون مساندة واسعة في الإدارة الأميركية لترامب في هذه الخطوة.
وتشير بيانات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، إلى أن 20 دولة عربية حصلت على مساعدات بنحو 10.5 مليارات دولار العام الماضي 2016، استحوذت العراق ومصر والأردن على أغلب هذه المساعدات التي شملت أيضا دولا خليجية.
وفي مقابل هذه المساعدات، تظهر بيانات عن الصادرات الأميركية أن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، استوردت منتجات من الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار خلال العام الماضي، وسط توقعات بتسجيل نفس الرقم تقريباً بنهاية العام الجاري، مع استثناء قيمة صفقات السلاح، ما يجعل الخبراء يؤكدون أن سلاح المقاطعة وحده كفيل بردع ترامب.
وكرر ترامب تهديده بقطع المساعدات المالية في تغريدة على تويتر يوم الجمعة الماضي، قائلا :"بعد صرف سبعة تريليونات دولار بغباء على الشرق الأوسط.. حان الوقت للبدء في بناء بلدنا!".
وجاء تهديد ترامب بعد أن صوتت 128 دولة، بينها كل الدول العربية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس الماضي لصالح سحب القرار الأميركي.
العراق أكبر الحاصلين على المساعدات
ويأتي العراق في صدارة الدول العربية، التي تلقت معونات أميركية خلال العام الماضي، وفق ما نقلت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" يوم الخميس الماضي عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فقد حصل هذا البلد على نحو 5.28 مليارات دولار، خصص 89% منها للمجال العسكري.
كما جاءت مصر في الترتيب الثاني من حيث قيمة المساعدات، لتحصل على 1.23 مليار دولار، 89% منها في المجال العسكري، و11% المتبقية اتجهت إلى المجال التنموي.
وحصل الأردن على 1.21 مليار دولار، مالت نسبيا لمصلحة الدعم التنموي على الدعم العسكري، وبلغت المساعدات لسورية 916.4 مليون دولار، أغلبها للإغاثة وفق الوكالة الأميركية.
وبلغت قيمة المساعدات للسلطة الفلسطينية نحو 416.7 مليون دولار، ولبنان 416.5 مليون دولار، 81% منها في المجال التنموي، فيما حصل اليمن على حوالي 305 ملايين دولار، أغلبها موجه للمعونات الإنسانية.
وبحسب الوكالة الأميركية، تم تقديم مساعدات للصومال بقيمة 274.7 مليون دولار، بينها 174 مليونا مخصصة للمعونات الإغاثية والغذائية، و43 مليونا لعمليات أمنية، كما تم تقديم حوالي 137.8 مليون دولار للسودان، بينها 125 مليونا خصصت لعمليات الإغاثة وللمعونات الغذائية، وكان الدعم الأميركي للسودان منخفضا جدا بسبب العقوبات المفروضة عليها، لكنه بدأ يرتفع ابتداء من عام 2010، ووصل أوجه عام 2013 بـ170 مليون دولار.
وحصلت تونس على 117.4 مليون دولار، 79 مليون دولار منها وجهت للدعم العسكري، كما بلغت المساعدات للمغرب 82 مليون دولار، 84% منها للمجال التنموي و16% للمجال العسكري، ونحو 26.6 ملايين دولار لليبيا، والجزائر 17.8 مليون دولار، وموريتانيا 12.7 مليون دولار.
وأظهرت بيانات الوكالة الأميركية، أن دول الخليج العربي الست حصلت على مساعدات العام الماضي، فالبحرين تعد الدولة الخليجية الأكثر تلقيا للمساعدات الأميركية العام الماضي، بنحو 6.5 ملايين دولار، 91% منها للمجال العسكري، تلتها سلطنة عُمان بنحو 5.7 ملايين دولار، 80% منها للجانب العسكري، ثم الإمارات بقيمة 1.1 مليون دولار، 65% في المجال التنموي.
كما حصلت السعودية على حوالي 733 ألف دولار، 98% منها للمجال التنموي، والكويت 112 ألف دولار، فيما تعد قطر الدولة العربية الأقل تلقيا للمساعدات الأميركية، إذ لم تحصل عام 2016 سوى على 95 ألف دولار، 65 % منها خصصت للدعم العسكري.
تقليص ضغوط المانحين
ولم تصدر حتى الآن ردة فعل مباشرة من قبل الحكومة الأردنية على تهديدات ترامب، إلا أن اقتصاديين يرون أن الأردن يدرك منذ سنوات أن المساعدات الخارجية التي يتلقاها من الولايات المتحدة ومن غيرها من البلدان قد تتوقف في أي وقت، وتعمل الحكومة على الاعتماد على الذات دون الارتهان إلى هذه المساعدات.
وقال خيرو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الأردني (البرلمان)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "تهديدات ترامب بقطع المساعدات لن تثني الأردن عن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية".
وأضاف صعيليك "الأردن يدرك منذ عدة سنوات بدء انحسار المساعدات الاقتصادية الخارجية، وبالتالي تعمل الحكومة ومؤسسات الدولة على ترسيخ سياسة الاعتماد على الذات حتى لا نبقى رهينة لأي تقلبات في سياسات ومواقف الدول والجهات المانحة".
وأضاف أن "الحكومة بالمشاركة مع مجلس النواب ستضع الحلول المناسبة، لمواجهة الخلل الذي قد يحدثه وقف المساعدات الأميركية، فهناك العديد من الخيارات الممكن بحثها في حينه".
وقال النائب الأردني إن اقتصاد بلاده قادر على امتصاص أثر توقف المساعدات الأميركية، مشيرا إلى أن أزمات أصعب مرت على الأردن اقتصادياً وتم تجاوزها.
وتابع أن المساعدات الخارجية أخذت في التراجع منذ عدة سنوات، حيث بلغت في العام الحالي حوالي 1.2 مليار دولار، ويتوقع انخفاضها إلى 987 مليون دولار العام المقبل، ويقدر أن تبلغ حوالي 614 مليون دولار عام 2019 ، وستصل إلى الصفر بحلول عام 2020 بحسب التوقعات.
وأشار حسام عايش، الخبير الاقتصادي الأردني لـ "العربي الجديد"، إلى ضرورة الإسراع في إجراءات الاعتماد على الذات والخروج من بوتقة المساعدات الخارجية، لافتا إلى أهمية إعادة النظر في مجمل السياسات الاقتصادية، والعمل على تعزيز بيئة الاستثمار والتركيز أكثر على القطاعات الإنتاجية.
وقد تفاعل الأردنيون بشكل لافت اعتراضا على التهديدات الأميركية وتم استخدام العديد من العبارات من خلال قنوات التواصل الاجتماعي للتعبير عن الرفض ومنها: "سنأكل خبزا وزيتونا إذا اقتضت الحاجة". وطرح مغردون فكرة تخلي بعضهم عن جزء من رواتبهم الشهرية دعما للاقتصاد الأردني ومواجهة التهديدات الأميركية.
اطمئنان مصري
وبالنسبة لمصر، قال اتش.إيه هيلر، الخبير بالشؤون المصرية لدى المجلس الأطلسي في حديث لرويترز، إن مصر تشعر باطمئنان على الأرجح بشأن المساعدات العسكرية الأميركية، التي تحصل عليها والبالغة 1.3 مليار دولار برغم تهديدات ترامب.
وأضاف "لا أعتقد أن مصر ستشعر بالقلق... بالتأكيد لن تكون الدائرة المقربة من ترامب راضية، لكنني أشك في أن يصل الأمر إلى ما هون أبعد من ذلك".
ومصر شريك عسكري مهم للولايات المتحدة وتقاتل مسلحين موالين لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء شمال شرق البلاد.
مقاطعة السلع الأميركية
وفي مقابل تهديد ترامب بإيقاف المساعدات المالية، يبدو أن سلاح المقاطعة أضحى أكثر حضوراً في الكثير من الدول، ليس العربية والإسلامية فحسب وإنما في دول أخرى متعاطفة مع القضية الفلسطينية ورافضة لتهويد القدس.
وسبق أن لجأت الشعوب لسلاح المقاطعة، فيما تراهن منظمات المجتمع المدني هذه المرة على أن يكون أكثر إيلاما، لا سيما في ظل البيانات التي تشير إلى أن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، استوردت منتجات من الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار خلال العام الماضي 2016، وسط توقعات بتسجيل نفس الرقم تقريباً بنهاية العام الجاري، مع استثناء قيمة صفقات السلاح، وفق بيانات عن الصادرات الأميركية.
وكانت الواردات العربية وحدها من الولايات المتحدة قد بلغت 71.4 مليار دولار في عام 2015، بما يعادل 8.6% من إجمالي الواردات البالغة 830.9 مليار دولار، وفق بيانات التقرير العربي الموحد الصادر عن صندوق النقد العربي مؤخرا.
ونشطت على مدار الأيام الماضية حملات الدعوة لمقاطعة المنتجات الأميركية، لتعود العلامات التجارية الشهيرة إلى الواجهة من جديد، ولا سيما الأكثر استهلاكا وتداولا، على رأسها شركات عملاقة في مجال الأغذية والمطاعم والمقاهي مثل ستاربكس، ماكدونالدز، برغر كينغ، كوكا كولا، بيبسي، هاينز، والمنظفات مثل تايد وإريال، وحفاضات بامبرز، وسجائر مارلبورو، وألعاب هاسبرو، ومنتجات الأدوية والتجميل لوريال وجونسون آند جونسون، وتيمبرلاند المتخصصة في الألبسة والأحذية.
وفي 2003، عقب الاحتلال الأميركي للعراق، تبنت الشعوب العربية مقاطعة واسعة للسلع الأميركية، وأبلغت بعض الشركات الأميركية على إثرها عن انخفاض في المبيعات يتراوح بين 25% و40%، بسبب مقاطعة نسبة كبيرة من مواطني الدول لمنتجاتها.
كما تكررت حملات المقاطعة للضغط على واشنطن من أجل إيقاف العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة.
وقال أنور الغيث، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت، إن الدول العربية تمتلك عدة أدوات مهمة أمام قرارات ترامب بشأن القدس والتهديد بقطع المساعدات، ومن أهمها النفط والغاز وصفقات الأسلحة والطيران، وبناء على ذلك لا يمكن لترامب أن يقرر بين ليلة وضحاها قطع أو خفض المساعدات عن الدول التي صوتت ضد قراره.
أدوات ردع عربية
ورأى الغيث، خلال حديثه لـ " العربي الجديد"، أن تراجع الاقتصاد الأميركي سيكون عامل ضغط مؤثراً على الإدارة الأميركية ضد أي قرار تتخذه بشأن المساعدات السنوية، فضلا عن أن مقاطعة الدول العربية للمنتجات الأميركية سيكلف الاقتصاد الأميركي عشرات مليارات الدولارات، التي قد تؤثر على الموازنة التي هي بالأصل بحاجة إلى زيادة إيراداتها، بعد أن خفضت الضرائب بنحو 1.5 تريليون دولار.
وتابع "العرب لديهم أدوات ردع أخرى تتمثل في تجميد استثماراتهم المباشرة، وسحب الاحتياطيات من البنوك الأميركية، والأهم من ذلك هو تحرك الأفراد نحو مقاطعة المنتجات والسلع، ذات الرواج في الأسواق العربية، وهو ما يعد صفعة قوية للاقتصاد الأميركي".