ملاكي الحارس في برشلونة هو طائر الشحرور، بالتحديد.
عرفته في فلسطين عن بعد، وصادقته هنا عن قرب.
صديق صباحاتي الدائم هذا، يستحق مني مديحاً جزيلاً: إنه الكائن الحي الوحيد في المدينة، الذي يُصبّح عليك كل يوم بالغناء.
آمل أن يعيش بعد موتي، أن يفتتح صباحات الأجيال القادمة، دون أن يكلّ أو يملّ، أو يميل إلى جانب ويختفي.
أظن الشحرور بالذات، لولا أفعال سوء البشر، هو الكائن الخالد. الفنان الأولى بالخلود، من بقية الزملاء الفنانين.
ساعات تمر، والواحد يكتب صباحاً، بينما صداحُهُ يشكل خلفية للكتابة.
لا يجاريه في هذا إلا هديل الحمام والجمام.
لكن هذه تقلّ في الجبل، وتزيد وسط المدينة، لكثرة العمران. أما هو، الشحرور، فنقّل قدميك ما تشاء من الأماكن البرشلونية، فهو رفيقك رفيقك.
ألا يستحق مغني المدينة الأبرز، كتاباً مخصوصاً من أحد البرشلونيين؟
لقد كتبوا عن أشياء كثيرة فارغة.
لم لا يلتفتون لسيد الصداح البرشلوني هذا؟
قائد أوركسترا الطيور، وفنان السهل والجبل؟ بل أجمل أصوات المدينة قاطبة؟
هو عندي، أنا المنحاز للمنهج الطبيعي، أهم من كبار موسيقييهم.
حتى أنني اكتفيت به، فكففت عن سماع كل الموسيقى المصنوعة.
* شاعر وكاتب فلسطيني مقيم في برشلونة