المغرب يطور استخدام زيت "الأركان" لمقاومة الشيخوخة

30 يونيو 2014
نساء المغرب يستخدمن زيت الأركان منذ آلاف السنين (GETTY)
+ الخط -

لسبب ما يطلق المغاربة على زيت الأركان وصف "الذهب السائل" أو "الذهب الأخضر". وزيت الأركان من أندر أنواع الزيوت في العالم لضآلة المساحات الموجود فيها أشجار الأركان التي يستخرج من ثمارها، ومنها غابات في منطقة جبال الأطلس بجنوب غرب المغرب.

وتُعرف شجرة الأركان وثمارها، والزيت الثمين الذي يستخرج منها، بخواصها الطبية والغذائية والتجميلية العديدة منذ مئات السنين، وتستخدم نساء الأمازيغ زيت الأركان في العديد من الأغراض، منها العلاج والطهي والتجميل وصنع الصابون واستعماله وقوداً للمصابيح.

ولم يكن زيت الأركان في الماضي يحظى باهتمام واسع النطاق حيث كان يعتبر منتجاً ريفياً بسيطاً. لكن الإقبال عليه تزايد بعد أن اكتشفت شركات أجنبية كبيرة أنه "معجزة" عند استخدامه في المستحضرات المقاومة للشيخوخة. كما تتهافت عليه شركات المواد الغذائية كمنافس قوي لزيت الكمأة البيضاء.

وفي محاولة منها للحفاظ على تلك الشجرة الثمينة، شكلت وزارة الزراعة المغربية قبل أربع سنوات هيئة لإنقاذ غابات أشجار الأركان والحفاظ على استمراريتها.

وتهدف الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان لإقامة مزارع حديثة تعتمد على أحدث أساليب الري وزيادة إنتاج زيت الأركان.

وقال إبراهيم حافيدي مدير عام الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان "الهدف من هذه الرؤية أولاً إعادة تأهيل غابة الأركان. وبالأرقام إعادة تأهيل 200 ألف هكتار من غابة الأركان، وكذلك خلق سلسلة جديدة فلاحية لشجرة الأركان، إذ ستكون هناك ضيعات عصرية للأركان مساحتها 5 ألاف هكتار. وفيما يخص المنتوج نتوقع أن نرقى من 4 آلاف طن من الزيت حالياً إلى 10 آلاف طن".

وحوّلت زيادة الطلب على زيت الأركان المناطقَ المحيطة بأغادير والصويرة إلى خلية من تعاونيات العمال على نطاق صغير، مخصصة لعصر الزيت من لبّ ثمار شجرة الأركان. ونظمت نساء الأمازيغ اللائي لم يعتدن على العمل خارج بيوتهن أنفسهن في تعاونيات تجارية الآن، حيث يكسرن بالأيدي ثمار الأركان، وهي تقنية اعتدن عليها منذ قرون حيث يحطمن جدار الثمرة بحجر.

وتعمل المرأة ثلاثة أيام بشكل شاقّ من أجل استخراج لتر واحد من زيت الأركان العضوي.

ويمثل هذا النشاط تحولاً في حياة نساء الأمازيغ اللائي يتاجرن الآن في زيت الأركان من خلال أكثر من 180 تعاونية. ولم تقتصر فوائد ذلك على الكسب المادي لهن فقط، لكن امتدت إلى تحسين حياتهن الاجتماعية؛ فقد زادت فرصهن في العمل والسفر وأصبحن يشاركن في معارض في داخل المغرب وفي الخارج. ومع ذلك ما زلن يواجهن تحديات تتعلق بتسويق منتجاتهن من زيت الأركان.

وهناك منافسة شرسة بين التعاونيات، حيث تخفض بعضها الأسعار لجذب مزيد من الزبائن. وقالت كلثومة بومايك رئيسة التعاونية النسوية الفلاحية تيويزي وأركان: "بدأنا في 2005 بإمكانيات قليلة. المشكل الحالي هو التسويق. نشارك مرة واحدة في المعارض بالرغم من تواجد الإمكانيات ومنتوجات في المستوى. وهناك مشكل التعاونيات الجدد التي تشارك في المعارض، بالرغم من انعدام علامة الجودة وبمنتوجات غير أصلية".

وتوفرت الآن طرق حديثة في عملية استخراج زيت الأركان بشكل مباشر من الثمار المجموعة حديثاً. وبعد ذلك يتم التعامل مع الزيت آلياً. وهذه الطرق تجعل عملية استخراج الزيت أسرع وفعالة من الناحية المادية.

ويملك الحسين بنانة وحدة صناعية في ضواحي أغادير، يُصدّر 99 بالمئة من إنتاجها من زيت الأركان للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وماليزيا وبولندا. وصدّر العام الماضي زيت أركان بقيمة عشرة ملايين درهم مغربي (1.21 مليون دولار) ويتوقع أن يحقق عائدات مماثلة هذا العام.

ويبيع بنانة لتر زيت الأركان بنحو 27 دولاراً، لكنه يقول إن المغرب يمكن أن يربح أكثر لو ركز على المنتجات بدلاً من المادة الخام.

وقال الحسين بنانة مدير شركة النسائية القروية للاقتصاد الاجتماعي "لا يجب أن نصدر زيت أركان بالجملة، لأن التصدير بالجملة قيمته المضافة جد ضعيفة. ثم من المفيد جداً أن يتم تحويل زيت الجملة إلى منتوجات موجهة مباشرة للمستهلك".

وتتوارث نساء البربر في جنوب غرب المغرب منذ قرون أسرار زيت الأركان في الحفاظ على نضارة البشرة، وعلاج السرطان وأمراض القلب والشرايين والروماتيزم، والبروستات وأمراض الأطفال والأمراض الجلدية.

ويستخدم البعض زيت الأركان في صناعة مستحضرات التجميل. ومن هؤلاء إدريس بوتي المدير العام لمختبر "كوزمالين"، الذي قال: "جلبنا التكنولوجيا البيولوجية إلى المغرب كما جلبنا الخبرة العالية. لقد أخدنا منتوجاتنا المحلية وجعلنا منها منتوجات بمواصفات دولية كما قمنا بتغليفها بطريقة فاخرة جداً. وهذا يعني انه أصبح بإمكاننا أن ننافس أرقى الماركات العالمية".

وتمثل العائدات من بيع زيت الأركان بين 25 و45 بالمئة من دخل العائلات المغربية في وادي سوسة.

دلالات