خضع محمد أيت عمر، العامل في أحد فنادق مدينة مراكش المغربية، لاختبار الكشف عن فيروس كورونا، وجاءت النتيجة سلبية. كان عمر يتوقع مع عاملين في فنادق ومرشدين سياحيين، أن تنتعش السياحة في تلك المنطقة بفضل الزائرين المحليين، ولكن يبدو أن الأمور تسير عكس الاتجاه، حسب العاملين.
يقع الفندق الذي يعمل به عمر بجماعة آسني، التي تبعد عن مراكش بحوالي خمسين كيلومترا عن مراكش. كان ينتظر أن يقبل على المنطقة الجبلية سياح مغاربة، يرنون إلى الاستمتاع بالهدوء والطقس المنعش والوديان التي تخترق قرى وجبال الأطلس الكبير.
غير أن القرار الذي اتخذته الحكومة بمنع التنقل من وإلى ثماني مدن كبيرة سياحية مثل الدار البيضاء ومراكش وطنجة، أربك العديد من الأسر المغربية التي كانت تنوي قضاء عطلة العيد والصيف في مؤسسات فندقية في تلك المدن.
وأكد وزير الصحة، خالد أيت الطالب، أن انتشار جائحة فيروس كورونا، وراء الإجراءات الاحترازية للحد من انتشاره، مؤكدا على أن الارتفاع المقلق في معدلات تكاثر الفيروس في بعض المدن، استدعى منع التنقل من وإلى مدن طنجة، تطوان، فاس، مكناس، الدار البيضاء، برشيد، سطات ومراكش.
كان أصحاب الفنادق في المغرب يراهنون على كثافة تنقل الأسر المغربية في فترة العيد من أجل إنعاش نشاطهم، الذي توقف منذ اتخاذ تدابير الحجر الصحي والطوارئ الصحية، وما ترتب عن ذلك من إغلاق للحدود، بل إن الفنادق لن تستفيد من إقبال المغتربين المغاربة الذين اعتادوا التردد على المدن السياحية في الصيف.
وراهن مستثمرون مغاربة، من أجل تخفيف الخسائر التي يتكبدونها جراء توقف إقبال السياج الأجانب، على السياح المحليين، حيث جرت الدعوة إلى التفكير في مخطط شامل من أجل تحسين العرض، والتوزيع والترويج.
وكان مراقبون أكدوا أن المغرب عمل على مدى سنوات على توفير عروض لفائدة السياح المحليين، غير أنها لم تعط النتائج المرجوة، داعين إلى إنجاز بحث حول أسباب عدم إقبال المغاربة على الفنادق المحلية.
ويتجلى أن برامج المغاربة الذي يسافرون خارج المملكة، ارتبكت في العام الحالي، في ظل التدابير الصحية المفروض من قبل بلدان أوروبية وعدم وضوح الرؤية حول فتح الحدود المغربية وعودة النقل الجوي.
ويسعى الفاعلون في قطاع السياحة إلى تعويض بعض من الخسائر التي سيتكبدونها جراء تراجع توافد السياح الأجانب، علما أن المركزي المغربي توقع أن تنخفض إيرادات الأسفار بالعملة الصعبة بحوالي 60 في المائة في العام الحالي.
وأنجز المكتب الوطني المغربي للسياح، دراسة قبل شهر، شملت 2800 شخص، حيث عبر 70 في المائة من المستجوبين عن رغبتهم في السفر داخل المغرب، وتجلى أن 57 في المائة يراهنون على عروض ترويجية ملائمة، بينما ألح 55 في المائة من بينهم على تطبيق التدابير الصحية الصارمة.
وكشفت مؤسسات فندقية في الفترة الأخيرة عن عروض خفضت عبرها الأسعار، حيث وصلت في بعضها إلى 70 في المائة من السعر العادي، علما أن العديد من المؤسسات تعول على فترة العيد وشهر أغسطس/آب من أجل إنعاش خزانتها التي تضررت بفعل الحجر الصحي.
وتفيد مصادر مطلعة من مراكش، أن العديد من الأسر اضطرت بعد ذلك القرار إلى مغادرة الفنادق، والعودة إلى مدنها، مخافة أن تعلق بعد العيد بعيدا عنها. وتتحدث المصادر أن ما بين 60 و80 في المائة من مرتادي الفنادق غادروها بعد قرار منع التنقل.
وقرر بعض المستثمرين إقفال وحداتهم السياحية بعد قرار إغلاق ثماني مدن قبل العيد، فهذه القرية السياحية "أزمباي"، الواقعة بمدينة أزمور، قررت إغلاق أبوابها، خاصة بعد قرار منع التنقل من الدار البيضاء، التي يمثل السياح القادمون منها حوالي 95 في المائة من عملاء تلك القرية.
يؤكد سعيد براول، الموظف الذي يقيم بالدار البيضاء، أنه حجز بمعية أسرته في أحد الفنادق غير البعيدة عن مدينة أكادير وكلف أحد الأشخاص بتوفير الأضحية، غير أنه قرر إلغاء الحجز ولزوم الدار البيضاء. هذا رأي عبر عنه أشخاص آخرون لـ"العربي الجديد".
ويعتبر مستثمرون محليون في القطاع السياحي، أن سبب تفشي الجائحة، عائد إلى بؤر ظهرت في وحدات صناعية، ما يفترض إغلاقها، عوض اللجوء إلى منع السفر إلى مدن سياحية، بما لذلك من تأثير على نشاط الفنادق والقطاعات الأخرى المرتبطة بها مثل المطعمة والصناعة التقليدية.
تحتل السياحة الداخلية مكانة اقتصادية مهمة برقم معاملات يصل إلى حوالي 3.1 مليارات دولار سنوياً. وأكدت تقارير قبل خمسة أعوام أن السياحة الداخلية تتطلع إلى رفع تلك المساهمة إلى ما بين 4 و5 مليارات دولار، حيث توقعت الوصول إلى 5.7 ملايين سائح محلي في 2020، غير أن تلك الأهداف لم تتحقق.