الخطوات المغربية أفريقياً، بعد العودة إلى كنف الاتحاد الأفريقي العام الماضي، بدأت تتسع في منظومات الاتحاد ومنظومات مماثلة، وآخرها توقع مصادقة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، على انضمام المغرب إليها، خلال قمة استثنائية مقررة مطلع عام 2018، بعد دراسة القمة العادية، المنعقدة اليوم السبت وغداً الأحد، في العاصمة النيجيرية أبوجا، للطلب المغربي. مع العلم أن عملية انضمام المغرب حتمية، على اعتبار أن الدول الأعضاء وافقت مبدئياً على الطلب في الدورة العادية الـ51 في يناير/ كانون الثاني الماضي.
في هذا السياق، رأى مراقبون أن "المغرب بات يسير وفق عقيدة دبلوماسية واضحة المعالم، خصوصاً في القارة الأفريقية، في ظلّ مزاحمة خصوم وحدته الترابية في المحافل الدولية، مع عودة الرباط إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، وحالياً مجموعة إيكواس". وخططت الرباط لانضمامها إلى مجموعة "إيكواس" عبر محور الاقتصاد كرافعة سياسية، من خلال توقيع أكثر من 600 اتفاقية اقتصادية بين المغرب وعدد من بلدان هذه المجموعة الأفريقية، حتى أن المغرب أضحى المستثمر الأول فيها، بالإضافة إلى أن الملك محمد السادس زار 25 مرة بلدان "إيكواس" منذ عام 2001.
بدوره، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "الانضمام الفعلي للمملكة إلى مجموعة (إيكواس) لا زال ينتظر إتمام خطوات وتدابير قانونية من جانب مفوضية المجموعة، بالتوازي مع الملاءمة القانونية للجانب المغربي أيضاً، حتى يكتمل الانضمام بشكل نهائي إلى إيكواس".
وأبرز بوريطة المكاسب المشتركة معتبراً أنها "ستتم وفق مبدأ رابح رابح بين المغرب وبلدان مجموعة غرب أفريقيا، على الصعيد التجاري والاقتصادي والأمني، بفضل الموارد الطبيعية الهائلة التي تحتضنها هذه البلدان، وأيضاً بفضل الخبرة الكبيرة التي يتسلح بها المغرب في القطاعات الاستثمارية والأمنية ومحاربة الإرهاب".
واعتبر مراقبون أنه "من شأن استكمال قبول عضوية المغرب في مجموعة إيكواس جلب ثمار اقتصادية هائلة للطرفين، من خلال تعزيز التبادل التجاري وحرية تنقل الأشخاص والممتلكات ورؤوس الأموال والخدمات، فضلاً عن الدور الذي يمكن أن تؤديه الرباط على مستوى محاربة التطرف وإرساء الاستقرار في المنطقة، مستنداً في ذلك إلى تجربته الاستخباراتية المميزة، والمطلوبة حتى أوروبياً في هذا المجال".
مع العلم أن بلداناً عدة في مجموعة غرب أفريقيا، مثل مالي والنيجر، في وسعها الاستفادة من المغرب في مجال محاربة الجماعات الإرهابية، بالنظر إلى أن هذه المنطقة باتت أرضية خصبة لنمو الفكر المتطرف، وللمغرب تجربة في محاربة الإرهاب ورصد بؤر التشدد وسنّ سياسات أمنية استباقية تجتث منابع التطرف.
من جهته، اعتبر الخبير المغربي محمد الزهراوي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "سعي المغرب إلى الانضمام لمجموعة دول غرب أفريقيا، ينسجم مع العقيدة الدبلوماسية الجديدة للمملكة، التي تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها الدفاع عن المصالح العليا للمغرب بشتى الطرق، ثانياً تنويع الشركاء والحلفاء، وثالثها استقلالية القرار المغربي".
ولفت إلى أن "انضمام المغرب إلى هذا التكتل القاري يرتبط بخلفيات ورهانات عدة، يمكن تصنيفها إلى ما هو استراتيجي واقتصادي. على المستوى الاستراتيجي، يسعى المغرب إلى اختراق كافة التنظيمات والتجمعات الإقليمية الأفريقية، وذلك انسجاماً مع التوجهات الجديدة الرامية إلى القطع مع سياسة الكرسي الفارغ، لأن التواجد الفعلي يساعد المغرب على لعب أدوار طلائعية ورائدة في القارة الأفريقية كقوة إقليمية صاعدة".
وأضاف أنه "على المستوى الاقتصادي، ونظراً لجمود الاتحاد المغاربي وفشله، فإن المغرب في إطار نهجه الواقعي والبراغماتي أصبح يبحث عن أسواق اقتصادية جديدة"، مشيراً إلى أن "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تعتبر بالنسبة للرباط سوقاً اقتصادية واعدة، لا سيما أنها تضم ما يقارب 350 مليون نسمة".
واستطرد الزهراوي قائلاً إن "هذه السوق الاقتصادية والكثافة السكانية الهائلة لبلدان إيكواس ستتيح للمغرب تصدير منتجاته الفلاحية والصناعية والغذائية والخدماتية، خصوصاً في مجالات الاتصالات والتأمين والمصارف وتسويق كذلك الخبرة المغربية في قطاعي السيارات والطيران". وبخصوص التحديات والإشكاليات التي طرحها انضمام المغرب إلى هذا التكتل الاقتصادي صاحب المركز العشرين عالمياً، رأى الزهراوي أنها "ترتبط أساسا بمدى قدرة الاقتصاد المغربي على مسايرة التحولات والإكراهات التي يفرضها الانضمام، خصوصاً أن تجمّع إيكواس يتجه نحو تطبيق نظام العملة الموحدة في عام 2022، وبالتالي يطرح التساؤل إن كان المغرب سيتخلى عن عملته الرسمية، الدرهم، لفائدة العملة الأفريقية الموحدة". وأضاف أن للهجرة إشكالية، لا سيما أن هذا التكتل الأفريقي يضم 350 مليون نسمة، لذلك فقرب المغرب من أوروبا واعتماده مقاربات متقدمة وإنسانية تجاه الأفارقة قد يجعلانه عرضة لتدفق الآلاف من المهاجرين، على اعتبار أن الانضمام يفرض حرية تنقل الأشخاص، ما يطرح تحديات أمنية عدة بالنسبة للمغرب وأوروبا.