يسعى فريق علمي مغربي للحصول على إذن من منظمة الصحة العالمية لطرح أول عدة (Kit) لتشخيص فيروس كورونا الجديد
في بداية يونيو/ حزيران الماضي، أعلن في المغرب عن النجاح في إنتاج أول عدة تشخيصية لفيروس كورونا الجديد، في إنجاز طبي غير مسبوق محلياً، تقف وراءه المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والإبداع والبحث العلمي، المعروفة اختصاراً باسم "مصير"، ومقرها العاصمة المغربية الرباط. العدة المغربية الصنع مائة في المائة، في ابتكارها وتصميمها، تسعى البلاد اليوم للحصول على إذن منظمة الصحة العالمية لطرحها في الأسواق الأوروبية والعالمية.
في هذا الإطار، تقول الباحثة في مركز البيوتكنولوجيا الطبية بمؤسسة "مصير" إيمان عبد اللاوي معن، لـ"العربي الجديد" إنّه "بعد مصادقة وزارة الصحة المغربية على الطقم التشخيصي، نسعى حالياً للحصول على الترخيص على الصعيدين الأوروبي والعالمي من خلال منظمة الصحة العالمية"، مشيرة إلى أنّه "بمجرد تطوير هذا الاختبار خضع لسلسلة من عمليات التحقق في المراكز البيولوجية والفيروسية المرجعية، على المستويين الوطني والدولي، لا سيما تلك التابعة للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، وكذلك معهد باستور بباريس، الذي يعد معهداً مرجعياً لمنظمة الصحة العالمية".
وتوضح الباحثة المغربية أنّه من بعد تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في المغرب، وإعلان منظمة الصحة العالمية أنّ الفيروس جائحة عالمية، ارتأت إدارة مؤسسة "مصير" أن تكون من بين الفاعلين في محاربة الفيروس في المغرب. وتضيف: "مكّنت تجربة تفوق 10 سنوات في مجال تطوير اختبارات الكشف عن الأمراض سواء التعفنية أو السرطانية، فريق مختبر التكنولوجيا البيولوجية الطبية التابع لمؤسسة مصير، من التوصل في فترة عمل بلغت شهرين، إلى تصميم وإنتاج أول طقم تشخيص لفيروس كورونا، مغربي مائة في المائة".
من جهتها، تقول المكلفة بالتواصل في مؤسسة "مصير" فاطمة الزهراء مرفوق، إنّه "بمجرد مصادقة وزارة الصحة على الطقم الجديد من قبل مختبرنا، نفذنا تجارب سريرية على عينة من 450 مريضاً بكورونا، فأظهر مطابقة تامة وأداء فعالاً" لافتة، في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أنّ مختبرات مرجعية وطنية ودولية أكدت تمتع طقم التشخيص المغربي بنسب خصوصية وحساسية عالية جداً، تضاهي الأطقم الجاري العمل بها في المختبرات المرجعية. وعن مميزات الطقم المغربي، تشير مرفوق إلى أنّه يعتمد على تقنية البيولوجيا الجزيئية "آر تي- بي سي آر" فيما كلفة الطقم تحت السيطرة، ومنافسة.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه "مصير" مصادقة منظمة الصحة العالمية على عدتها، للشروع في ترويجها في الأسواق العالمية، تضع المؤسسة نصب أعينها، تغطية حاجات السوق المغربي وتحقيق اكتفاء ذاتي للبلاد من ناحية تشخيص كورونا، بالتوازي مع عمل المغرب ابتداءً من مايو/ أيار الماضي على تعزيز قدرات المختبرات واعتماد استراتيجية الكشف المبكر، إذ تجاوز مجموع الفحوص 17 ألفاً و500 يومياً في 24 مختبراً وطنياً، وهو ما لا يشمل مختبرات الصحة العسكرية والقطاع الخاص.
ومثَّل فيروس كورونا الجديد تحدياً كبيراً للمغرب، خصوصاً مع النظام الصحي الهش في البلاد، وضعف قدرته على توفير الرعاية الصحية العمومية الشاملة. وعلى غرار بلدان كثيرة، شكلت الجائحة حافزاً لابتكارات مختلفة في المغرب تهدف إلى التصدي للفيروس. ومنذ انتشار الوباء في المغرب، ابتداء من مارس/ آذار الماضي وصولاً إلى اليوم، شهدت المملكة ابتكارات واختراعات مختلفة تصبّ في اتجاه هدف واحد هو محاصرة الوباء والحدّ من انتشاره.
وتعتبر المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والإبداع والبحث العلمي، التي رأت النور سنة 2007، من المؤسسات البحثية التي تهدف إلى النهوض بأقطاب البحث والتنمية وتطويرها في المغرب، بشكل يستجيب لحاجات البلاد في مجال التكنولوجيات المتقدمة، لا سيما في قطاع البيولوجيا الطبية. وبالنظر إلى رسالتها وطموحها المتمثلين في دعم الابتكار بنشاط لفائدة النسيج الاقتصادي والصناعي الوطني، وبالتالي المساهمة في الأمن الطاقي والغذائي والصحي للمغرب، فإنّ مؤسسة "مصير" تتوفر على موارد بشرية مؤهلة مع أحدث المعدات، التي مكنتها، في غضون 12 عاماً، من تسجيل 180 براءة اختراع ذات امتدادات على المستويين الإقليمي والأفريقي، مع إنتاج 650 مقالاً علمياً نشرت في دوريات علمية مرموقة، وتنفيذ أكثر من مائة مشروع لدى صناعيين وطنيين وأجانب، ما يبرر بياناً صادراً عنها يقول إنّ لكلّ ذلك دلالة على "نضج المؤسسة وقدراتها في البحث العلمي والتطبيقي".