وجرى تبرير الحكم الصادر، اليوم الإثنين، عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، بكون المسؤولين، الذين يأتي في مقدمتهم، محمد الحسين العمودي، ساهموا في الوضعية التي أفضت إلى إقفال مصفاة مجموعة "سامير" بالمغرب.
ويأتي هذا القرار، بعد طلب قدمه المشرف القضائي على المجموعة، قبل عام، بتوسيع التصفية إلى المسيرين والمسؤولين عن مجموعة سامير، حيث إن الحكم الصادر اليوم، سيفضي إلى محاسبة المسؤولين، بمن فيهم العمودي، بحسب درجة مساهمتهم في تدهور وضعية المجموعة.
ويوجد من بين المسؤولين عن المجموعة، الذين ستشمل التصفية ممتلكاتهم، المدير العام السعودي جمال محمد باعامر، ومتصرفون آخرون شاركوا في تسيير المجموعة قبل دخولهم مرحلة التصفية القضائية.
وتأتي المطالبة بتصفية ممتلكات المسيرين، بمن فيهم العمودي، بعد مؤاخذتهم، بتوزيع أرباح وهمية، والاستيراد غير المشروع للنفط، ومسك محاسبة غير دقيقة.
ومرت، في الخامس من أغسطس/آب الماضي، ثلاثة أعوام على إغلاق المصفاة، حيث ما زالت توجد تحت تدبير التصفية القضائية مع البحث عن مشتر لها يمكن أن يعيد بعث الروح في تلك المصفاة.
وأغلقت "سامير" بعد بلوغ مديونيتها 4.3 مليارات دولار، بعدما كانت بيعت في إطار الخصخصة بقيمة 450 مليون دولار لـ “كورال بتروليوم"، للسعودي محمد الحسين العمودي.
وتعتبر الجمارك المغربية أكبر الدائنين بما بين 1.3 و1.5 مليار دولار، متبوعة ببنوك مغربية بنحو 900 مليون دولار، ناهيك بالشركات المتعاملة مع الشركة.
وكانت محكمة مغربية قضت في يوليو/تموز الماضي بتغريم شركة "مصفاة" سامير، حوالي 1.9 مليار دولار، بسبب خرقها نظام الصرف، بعد شكوى قدمها مكتب الصرف، التابع لوزارة الاقتصاد والمالية في 2016، بعد ملاحظته حدوث تلاعب بالعملات.
وآخذت تلك الدعوى على الشركة "تحويلاً غير قانوني للعملة الصعبة" و"خرق الترخيص الاستثنائي الممنوح من قبل مكتب الصرف". واتهم في هذه القضية السعودي جمال باعامر بصفته الشخصية وباعتباره الممثل القانوني للشركة.
وكان السعودي العمودي، من جهته، قد رفع دعوى لدى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، الذي يُعتبر فرعا للبنك الدولي، ويستند العمودي في دعواه تلك إلى اتفاقية الحماية المتبادلة للاستثمارات بين المغرب والسويد الموقعة قبل 28 عاما.
ويعتبر الملياردير السعودي أن شركته واجهت العديد من العقبات والمعاملة غير المنصفة، مرتبطة باستثماراتها، من بينها مطالبتها بأداء مستحقات عائدة للجمارك والحجز على الحسابات المصرفية والعقارات الخاصة بالشركة ومنع سفن الشحن من الرسو.
ولم يفِ العمودي بعد الأزمة بما التزم به من ضخ السيولة في الشركة حتى تعود المصفاة للتكرير. فقد انتظرت الحكومة ضخ 672 مليون دولار في الشركة من قبل "كورال المغرب"، كي تعود للعمل، وذلك من أصل مليار دولار كان يفترض أن يأتي بها المساهمون.
وتعثرت بعد التصفية عملية تفويت الشركة مستثمراً يمكن أن يعيد تشغيلها، ما يدفع العمال إلى مطالبة الحكومة بالتدخل من أجل معالجة مسألة توقف المصفاة.
وكان خبراء، عيّنتهم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، قدروا قيمة شركة "سامير" بقيمة 2.16 مليار دولار، غير أنهم حددوا قيمة المصفاة لوحدها بـ 1.49 مليار دولار.
تأسست المصفاة في الستينيات من القرن الماضي، بهدف مساعدة المغرب في تفادي الارتهان لتقلبات أسعار النفط المكرر عالمياً، حيث تصل طاقتها التكريرية إلى 10 ملايين طن في العام.
وكان تعثر عملية بيع الشركة لمستثمر يعيد بعثها من جديد، دفع العمال إلى حث الحكومة على التدخل، إلا أنها دأبت على تأكيد أنه يتعذر عليها ذلك لأن الملف بيد القضاء.
وتشكلت في الفترة الأخيرة جبهة وطنية للدفاع عن إعادة تشغيل المصفاة، واتفق أعضاء الجبهة على رفع مطالبهم إلى رئيس الحكومة والوزراء الذين يهمهم أمر المصفاة، كما يتطلعون إلى التوجه لرؤساء الأحزاب السياسية ورؤساء الفرق النيابية بمجلس النواب.