في الوقت الذي تدل فيه كل المؤشرات على تعقّد مهمة رئيس الحكومة المعيّن، عبد الإله بنكيران، أكد حزب "العدالة والتنمية" المغربي، والذي تصدّر الانتخابات التشريعية الأخيرة، أن منطلقات تشكيل الحكومة الجديدة تتمثل في "احترام الإرادة الشعبية، والقواعد الديمقراطية، وانتظارات المواطنين الذين بوأوا حزب العدالة والتنمية الصدارة، والتعيين الملكي الذي كرّس تأويلاً ديمقراطياً للدستور".
وأفاد الحزب ذاته، ضمن بلاغ له الأربعاء، بأن "إرساء ميثاق واضح بين مكونات الأغلبية وبرنامج حكومي من شأنهما أن يشكلا تعاقدا واضحا، يراعي أولا المصلحة الوطنية العليا، وتعزيز مسار البناء الديمقراطي، ومواصلة ورشات الإصلاح الهادفة إلى تقليص الفوارق الاجتماعية، والعناية بالفئات الهشة".
وحول مسار مشاورات الحكومة الجديدة، ذكر الباحث والمحلل السياسي بلال التليدي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "بعد تعيين رئيس الحكومة كان التحالف الوحيد الواضح قبيل الانتخابات هو الذي تم إعلانه بين "العدالة والتنمية" و"التقدم والاشتراكية"، ثم انطلقت المشاورات".
وتابع التليدي أنه "في الوقت الذي عبّر حزب فيه "الاستقلال" عن امتعاضه من السلوك السياسي لحزب "الأصالة والمعاصرة" قبيل الإعلان عن نتائج الانتخابات الجماعية في 2015، قدم "العدالة والتنمية" دعما سياسيا كبيرا لـ"الاستقلال"، تمثل في دعم مرشحه لرئاسة مجلس المستشارين، وهو ما يبرر موقف "الاستقلال" الأخير الذي مال نحو التحالف مع "العدالة والتنمية"، وفكّ تحالف مضاد كان يجري الإعلان عنه بعد يوم من انتخابات 7 أكتوبر".
وأوضح المتحدث، وهو أيضا عضو المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية"، أنه "إلى حد الساعة لم تسفر المشاورات الأولية عن تصور واضح للحكومة، فلا يزال التحالف الثلاثي هو المحسوم، فيما ربط حزب "الحركة الشعبية"، وكذلك "الاتحاد الدستوري" مصيرهما بحليفهما "التجمع الوطني للأحرار"، والذي يبدو أنه مارس ضغوطا كبيرة على "العدالة والتنمية" واشترط لدخوله برفقة حليفه "الاتحاد الدستوري" إلى الحكومة إخراج حزب "الاستقلال".
وأوضح المحلل ذاته أن هذه الشروط اعتبرها "العدالة والتنمية" ابتزازا له، "مما جعله يقاوم هذه الضغوط وينتج ضغطا مضادا بطرحه فكرة الرجوع إلى الملك وإعلان الفشل في المشاورات، وهو ما يمكن أن يفتح الباب على أزمة سياسية في البلد لا مخرج دستورياً لها سوى الإعلان عن نتائج انتخابات تشريعية أخرى".
أما حزب "الاتحاد الاشتراكي"، يضيف بلال، فـ"يبدو أنه يعيش على إيقاعين، إيقاع إبداء الموقف من المشاركة في الحكومة، ومواجهة الضغوط التي تمارسها هيئته التقريرية من أجل تقييم نتائج الانتخابات ومحاسبة القيادة"، مشيرا إلى أن المكتب السياسي لهذا الحزب اتخذ قرار المشاركة، لكنه ينتظر قرار اللجنة الإدارية السبت المقبل.
وتوقع المتحدث أنه "في حالة ظهور مؤشرات على التحاق "الاتحاد الاشتراكي"، يمكن لـ"حزب الأحرار" أن يخفف من ضغوطه، ويقبل بمشاركته في الحكومة، والتخلي عن حلفائه"، مبينا أن "الحركة الشعبية" ستكون الخاسر الأكبر في هذه المشاورات، "إذ من الممكن أن تضطر لممارسة معارضة لم تتعودها".
وخلص المحلل إلى أن "المشاورات الحكومية ليست سهلة، سواء في محطة بناء التحالف الحكومي، أو في هندسة الحكومة، أو في اقتراح الأسماء"، متوقعا، من خلال مضمون الخطاب الملكي الأخير أن "المرحلة الثالثة المتعلقة بالأسماء ستكون الأشد صعوبة، وبالتالي من المرجح أن يتأخر إعلان الحكومة الجديدة تبعا لذلك".