المغرب: الملكية في صلب الجدل الدستوري

26 ديسمبر 2014
أوزين (الثاني من اليسار) (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -
أثارت واقعة تجميد العاهل المغربي لأنشطة وزير الرياضة، محمد أوزين، على خلفية ما سُمي "فضيحة" ملعب الرباط، الذي تحول إلى مسبحٍ عائمٍ بسبب الأمطار، وأدى إلى استياء المغاربة وسخرية العالم، جدلاً حول مدى دستورية قرار الملك محمد السادس.

وفيما اعتبر البعض أن تعليق ملك المغرب لأنشطة وزير في الحكومة، يعتبر قراراً غير دستوري، لأن المعني بهذا الفعل هو رئيس الحكومة وفق الدستور الجديد للبلاد، ذهب آخرون إلى اعتبار أن قرار العاهل المغربي يندرج في إطار مهامه الدستورية في قيادة الدولة.

وكان الملك محمد السادس قد أعطى تعليماته، يوم الجمعة الماضي، بتعليق أنشطة وزير الرياضة في الحكومة، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية"، داعياً رئيسها إلى إجراء تحقيق شامل من أجل تحديد المسؤوليات والكشف عن الاختلالات التي طالت ملعب الرباط.

وأشار أستاذ القانون الدستوري بجامعة الراشيدية، عثمان الزياني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "واقعة الوزير أوزين تقع في صميم إشكالات الدستور، ولا يتعلق الأمر بإعفاء، وإنما بتجميد أنشطة الوزير المرتبطة بكأس العالم للأندية المنظمة بالمغرب".

ولفت الزياني إلى الفصل 47 من الدستور الذي ينصّ على أن "للملك، وبمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، حق إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة".

واستنتج المحلل أن "مسألة إعفاء الوزير تقع في دائرة اختصاص الملك، على الرغم من ارتباطها باستشارة رئيس الحكومة، بالتالي لا وجود لأي مقتضى دستوري أو قانوني ينصّ على محاسبة الوزراء، في حال ارتكبوا أخطاءً، خارج مقتضى الإعفاء".

وتابع بأنه "حسب ما تناوله الإعلام، فإن الملك أعطى تعليماته لرئيس الحكومة بتعليق أنشطة الوزير"، مبرزاً أن "هذا يعيدنا إلى طرح إشكالية عمل الملك وفق منطق التعليمات، وخارج انعقاد الحكومة". وذهب الزياني إلى حدّ القول، إن "عدم اتباع مسار قانوني ومحدد في توقيف أنشطة الوزراء، وتغليب منطق التعليمات قد يؤول إلى تفريغ الدستور من محتواه، وقد يعطي الملك السلطة التقديرية في محاسبة أي وزير، حتى ولو لم تتوافر موجبات هذا التوقيف أو الإعفاء".

واسترسل "يجعل هذا الوضعُ الوزراء في حالة تبعية للملك، لا لرئيس الحكومة، وبالتالي يتم تجاوز مقتضى ممارسة الملك اختصاصاته وفق الدستور". وأوضح أنه "كان من الأجدر أن يصدر قرار التوقيف من طرف رئيس الحكومة، رغم صدور التعليمات من الملك".

في المقابل، يرى مدير "مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية"، خالد الشرقاوي السموني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الملك لم يصدر قراراً بإعفاء وزير الشباب والرياضة، لأن إجراءات إعفاء الوزراء وإقالتهم، حددها الفصل 47 من الدستور المغربي لسنة 2011". واعتبر أن "الملك أمر فقط بتعليق أنشطة وزير الرياضة في ما يخص منافسات كأس العالم للأندية"، مشيراً إلى أن "الوزير ما زال يمارس صلاحياته المتعلقة بتسيير شؤون الوزارة".

وأفاد السموني بأن "قرار الملك كان حكيماً وتقبّله المغاربة بالإشادة، كما أنه لم يخالف الدستور، لأسباب عدة، منها أن الملك هو الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية، ويرأس مجلس الوزراء، يعطي التعليمات من خلاله إلى رئيس الحكومة وباقي الوزراء".

والسبب الثاني، برأي السموني، هو أن "الملك هو الذي يعين رئيس الحكومة، كما يعيّن الوزراء بناءً على اقتراح رئيس الحكومة"، مضيفاً أن "إعفاء الوزراء لن يكتمل إلا بموافقة الملك بإصدار مرسوم الإعفاء، فالقرار النهائي للتعيين أو الإعفاء يبقى بيد الملك".

وأكد جواز "استخدام الملك لصلاحياته الدستورية من أجل إصلاح الاختلالات التي قد تؤثر على استقرار الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد، ما دام يتحمل مسؤولية عظمى أكثر من مسؤولية رئيس الحكومة في استتباب الأمن بالبلاد".