المغرب: الارتهان للأمطار يعرقل الأمن الغذائي

11 سبتمبر 2020
نقص الأمطار أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي (عبد الخالق سينا/فرانس برس)
+ الخط -

يفترض في المغرب توفير 15 مليون طن من الحبوب في المستقبل من أجل تلبية الطلب الداخلي، غير أن الارتهان للتساقطات المطرية يجعل بلوغ ذلك الهدف صعبا، خاصة في غياب توجه يكرس السيادة الغذائية (الأمن الغذائي)، حسب خبراء.
كشفت الظرفية المرتبطة بالجائحة أن المغرب ما زال بعيدا عن بلوغ الاكتفاء الذاتي من الغذاء، حيث لا يفضي الإنتاج المحلي إلى تلبية الاستهلاك المحلي أو الاستجابة لطلب الشركات التي تتولى تحويل المنتجات الزراعية صناعيا.
ويلاحظ المركز المغربي للظرفية أن العجز على مستوى إنتاج الحبوب بلغ في المتوسط 35 في المائة، بينما وصل بالنسبة للزيوت الغذائية إلى 65 في المائة، ويستقر عندما يتعلق الأمر بالنسبة للسكر في حدود 53 في المائة، ويبلغ في ما يتصل بالحليب إلى 10 في المائة.
ويرى خبراء المركز في دراسة حديثة، أن التوقعات الاستشرافية تشير إلى أن حاجيات المغرب من الحبوب سترتفع في المستقبل إلى 15 مليون طن، بينما يراوح الإنتاج في المتوسط بين 7 و9 ملايين طن.
ويشهد إنتاج القمح في الأعوام الأخيرة تقلبات كبيرة مرتبطة بالتساقطات الأخيرة، فقد وصل الإنتاج في العام الحالي إلى 3.2 ملايين طن، مقابل 5.2 ملايين طن في العام الماضي و10.2 ملايين طن في العام الذي قبله، حسب تقارير رسمية.
وكان فرع الجمعية الدولية "أطاك" بالمغرب، قد خلص في دراسة أنجزتها حول السيادة الغذائية، إلى أن المغرب الذي كان مصدرا للحبوب والقطن في الستينيات من القرن الماضي، أضحى مستوردا لهاتين السلعتين.
ويتصور أن المغرب الذي راهن على تصدير الخضر والفواكه، افترض أن عائداتها ستتيح له تأمين حاجياته من المنتجات الغذائية، غير أنه تجلى أن تلك الصادرات لا تغطي سوى نصف واردات المملكة من الغذاء والسلع الفلاحية، علما أن الحبوب تمثل فيها حوالي 37 في المائة.
ويرى الخبير في القضايا الزراعية محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التقنيات الحديثة في مجال الإنتاج يمكن أن تتيح للمغرب تأمين 6 ملايين طن من الحبوب في سنة جافة، بينما يمكن تحقيق 15 مليون طن في سنة ماطرة.

ويذهب الهاكش، الذي يتولي مهمة الناطق الرسمي باسم "فيا كابيسينا" بالمغرب، إلى أنه عوض التركيز على الأمن الغذائي الغامض الذي يفترض توفيره عبر شراء الغذاء من السوق الدولية، يجب التشديد على السيادة الغذائية في المنطقة.
ويضيف أن تحقيق السيادة الغذائية يبقى مرتبطا بالقرار السياسي للسلطات العمومية، بما يساعد على تحقيق الاكتفاء من السلع الأساسية، التي تتمثل في الخبز والزيوت والسكر، معتبرا أنه يجب الحسم بين تصدير منتجات يوفر الدعم لمنتجيها أو توفير الدعم لمنتجي الحبوب من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك السلعة.
وتشير بيانات مكتب الصرف إلى أن واردات المغرب من الغذاء في الأشهر السبعة الأولى من العام الجادي، قفزت إلى 3.5 مليارات دولار، بزيادة بنسبة 23.2 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويعزى هذا الارتفاع إلى واردات القمح التي زادت بنسبة 44.4 في المائة في سبعة أشهر لتصل إلى 870 مليون دولار، كما ترد إلى واردات الشعير التي قفزت من 36 مليون دولار إلى 182 مليون دولار.
ويحصل هذا الارتفاع لواردات الغذاء، خاصة القمح، في وقت يسعى فيه المغرب لتأمين مخزون منها في ظل تدابير الحجر الصحي.
وكانت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، قد توصلت إلى أنه رغم الفوائض التي حققها المغرب على مستوى الفواكه والخضروات والبيض ومنتجات الأسماك، إلا أنه يعرف ضعفا في تغطية حاجيات الاستهلاك عندما يتعلق الأمر بسلع أساسية. وتتوقع الدراسة أن المغرب سيستمر في استيراد السلع الغذائية في أفق 2025، إذ سيصل إلى 26 في المائة بالنسبة للزيوت، وترتفع النسب إلى أكثر من ذلك بالنسبة إلى العديد من السلع الأخرى.

المساهمون