المغرب: احتدام المعركة بين الحكومة والمعارضة

04 مايو 2015
بنكيران اعتبر أن المواجهة بين الإصلاح والفساد (فرانس برس)
+ الخط -
تسير العلاقات بين أحزاب المعارضة والغالبية الحكومية في المغرب نحو مزيد من التوتر، والذي أججه في الآونة الأخيرة ارتفاع جرعة وحدّة الاتهامات بينهما، بلغت حدّ التنابز الشخصي، خصوصاً بين قياديين في المعارضة ورئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران.

ويراهن كل من الائتلاف الحكومي، ولا سيما حزب "العدالة والتنمية"، قائد الحكومة، وأحزاب المعارضة داخل البرلمان، الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري، على أوراق سياسية يلوّح بها، بين الفينة والأخرى، كل طرف لتسجيل نقاط رابحة ضد خصمه الثاني.

اقرأ أيضاً: المعارضة المغربية تدعو بنكيران إلى "الاستقالة" وتهدد بالدستور 

وطالبت أحزاب المعارضة أخيراً برحيل الحكومة وتقديم استقالتها، وهدّدت باللجوء إلى قانون للرقابة يتيح لها إسقاط الحكومة الحالية. وفي وقت سابق، طالبت العاهل المغربي محمد السادس بالتحكيم ضدّ "سلوكيات" بنكيران، فيما تستند الحكومة إلى أوراق قوة تقول إنها تتجلى في الدعم الشعبي.

أوراق المعارضة

وتؤكد أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان المغربي أنها ترتكز في دعوتها إلى استقالة الحكومة ورئيسها، وخوض انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في البلاد، إلى ما اعتبرته معطيات سياسية بالأساس، تتمثل في "فقدان الشعب ثقته في الحكومة، وسوء تدبير البلاد".

ويقول الأمين العام لحزب "الاستقلال"، حميد شباط، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المعارضة لا تشخصن الصراع مع الحكومة، وخصوصاً إزاء رئيس الحكومة، بل تقدم براهين تؤشر على الفشل الذريع الذي مني بها في تدبير شؤون المغاربة".

وتابع شباط بأن "رئيس الحكومة الحالية لا يتحمل المسؤولية السياسية الملقاة على عاتقه، وكلما وجّهت له المعارضة انتقادات وملاحظات تكشف سوء أداء حكومته، يحتمي بالضجيج وافتعال الخصومات، كي يصرف أنظار الرأي العام عن حصيلة الحكومة الفارغة إلى صراعات جانبية وهامشية".

وأشار إلى أن الوقت حان كي يتم تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في المغرب، بعد أن تقدم الحكومة الحالية استقالتها من تدبير الشأن العام من دون أن تكمل ولايتها، وبعد تنامي احتجاجات الشعب ضدها، داعياً إلى "التحكيم بين مؤسستي الحكومة والبرلمان، بعدما أهان بنكيران البرلمان أكثر من مرة بنعوته واتهاماته للمعارضة".

وتتناسب مطالب حزب "الاستقلال" مع زميله في المعارضة، حزب "الاتحاد الاشتراكي"، الذي أكد أمينه العام، إدريس لشكر، في لقاء حزبي أخيراً، أن "رحيل الحكومة سينقذ المغرب من تدهور أوضاعه الاقتصادية والسياسية"، ملوحاً "بورقة اللجوء إلى الفصل 105 من الدستور الجديد، الذي يتيح لأحزاب المعارضة تقديم ملتمس للرقابة ضدّ الحكومة".

أوراق حكومية

هذا التلويح بإقالة الحكومة من خلال تقديم ملتمس (قانون) للرقابة، والذي لا يُقبل إلا إذا وقعه على الأقل خُمس أعضاء المجلس، اعتبره مصدر حكومي مسؤول، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تهديداً آخر "ضمن سلسلة التهديدات التي باتت تعمد إليها المعارضة، بعدما فشلت في طرق كيدية سابقة".

ولم يُخْفِ رئيس الحكومة المغربية طبيعة ما وصفه بـ"الطرق الكيدية" التي تلجأ إليها المعارضة، إذ قال في لقاء مع أنصار نقابة عمالية تابعة لحزب "العدالة والتنمية"، إن بعض الجهات تعمل على إسكاته بشتى الوسائل، حتى أنها ذهبت إلى حد شكايته عند ملك البلاد من دون جدوى.

واعتبر بنكيران أن "المشكلة ليست في المواجهة بين المعارضة والحكومة، أو بين حزب وآخر، بل بين الإصلاح والإفساد، لأن الحكومة أتت في وقت وجيز تحاول وتجتهد في الإصلاح بقرارات صعبة من المفترض أن تؤثر على شعبيتها، لكن المغاربة انتبهوا إلى أنها حكومة صادقة وجاءت لتخدم فقراءهم".

ويعتبر مراقبون أن دعم الفقراء ورقة رابحة تتكئ عليها الحكومة في مواجهتها للمعارضة، قبيل أشهر على تنظيم الانتخابات البلدية والجماعية، وذلك من خلال قرار الدعم المادي للنساء الأرامل، أو تعميم نظام المساعدة الطبية "راميد"، ورفع الحد الأدنى من الأجور.

واعتبر الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية"، والمشارك في الائتلاف الحكومي، محمد نبيل بن عبد الله، أن مطالبة المعارضة للحكومة بتقديم استقالتها، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، لا سند له ولا منطق، داعياً "أحزاب المعارضة إلى الانكباب على العمل، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، ما دامت هذه الحكومة قد انبثقت منها، وتستمر إلى نهاية ولايتها".

ويرى مراقبون أن تهديد المعارضة بإسقاط الحكومة، عبر ملتمس للرقابة ينص عليه دستور 2011، يمكن الشروع فيه من الناحية المبدئية، لكن تطبيقه وحظوظ نجاحه ضئيلة جداً إلى حد الانعدام، باعتبار أن الحكومة تساندها أغلبية مريحة بالبرلمان، إلا إذا حدثت انشقاقات داخل الائتلاف الحكومي.

وفي تاريخ المغرب، لجأت أحزاب المعارضة مرتين إلى طلب ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، دون أن يفضيا حينها إلى نتيجة تذكر، المرة الأولى في يونيو/حزيران 1964 ضد الحكومة التي كان يترأسها الراحل محمد باحنيني، والثانية في 1990 ضد الحكومة التي كان يقودها الراحل عز الدين العراقي.