المغرب أمام خطر العائدين من "داعش": تحديات الأمن

وظهر هذا الخطر الجديد من خلال تفكيك الأمن المغربي يوم الأربعاء الماضي لخلية إرهابية بمدينة تازة، وسط شمال البلاد، تتكون من 4 متطرفين تتراوح أعمارهم بين 33 و38 سنة، يتزعمها مقاتل سابق في الساحة السورية العراقية، وقضى عقوبة سجنية سنة 2015 بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب.
وعمد هذا المقاتل العائد من سورية إلى استقطاب وتأطير عناصر مجموعته الإرهابية، حيث حاول استغلال خبراته القتالية التي تلقاها داخل الساحة السورية العراقية للتخطيط والتحضير لتنفيذ عمليات إرهابية ضد مؤسسات حيوية في المملكة.
وكشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، عبد الحق الخيام، المكلف بملفات الخلايا الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، في تصريحات صحافية مؤخرا، عن "استرجاع المغرب لمجموعة أولى تضم 8 أشخاص، وتتراوح أعمارهم بين 21 و36 سنة"، مبرزا أن "عملية استرجاع الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية ستتواصل".
وفي الوقت الذي شدد فيه المسؤول الأمني على أن "الأشخاص المسترجَعين يحاكمون في المغرب بموجب القانون الذي يجرم الالتحاق ببؤر التوتر في العالم"، أفاد بأن "النساء لم يذهبن بنية الجهاد، وإنما رافقن أزواجهن، وبالتالي لا يتم التحقيق مع النساء وأطفالهن عندما يعدن إلى البلاد، ولكنهن يستفدن من عملية إعادة الإدماج في المجتمع".
ويطرح مراقبون مدى نجاعة عمليات إدماج المقاتلين العائدين وعائلاتهم داخل النسيج المغربي، أو المعتقلين السابقين على ذمة قانون الإرهاب، خاصة في خضم دلائل تظهر تورط معتقلين سابقين في التحضير لأعمال إرهابية، من قبيل الخلية المفككة في مارس/ آذار الماضي والتي كانت تضم معتقلا سابقا على ذمة الإرهاب.
ويعلق الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، إدريس الكنبوري، على الموضوع بالقول في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن العائدين من ساحات القتال مع تنظيم "داعش" في سورية والعراق "يتوفرون على خاصيتين، الأولى أنهم معبؤون إيديولوجيا ونفسيا مع المشروع الجهادي، بدليل هجرتهم إليه واستمرارهم معه مدة من الزمن، والثانية أنهم عاشوا فترة طويلة وسط أجواء العنف والقتل وحمل السلاح".
ويوضح الكنبوري بأن هؤلاء المقاتلين هم "جهاديون من طبيعة خاصة ويطرحون تحديات صعبة على البلدان الأصلية ومنها المغرب، ويشكلون عقدة ليس في المغرب فقط بل في جميع البلدان"، مستدلا بالحيرة التي تعانيها دول أوروبية بشأن التعامل مع العائدين، "هل يتم اعتقالهم وإلى متى؟ أم هل يتم منعهم من العودة، وهل يتم إخضاعهم لإعادة التأهيل؟"
واعتبر المتحدث أن العنوان الأكبر للإرهاب في المرحلة المقبلة لن يكون هو "الجهاديين بل العائدين"، وتابع قائلا: "يذكرنا هذا بالأفغان العرب والمغاربة حيث كانت عودتهم بداية حقبة جديدة من العنف خلال التسعينيات، ومنهم ظهرت تنظيمات السلفية الجهادية والجماعات المسلحة".

وذهب الكنبوري إلى أن "عودة مقاتلي (داعش) ستكون أخطر من عودة الأفغان العرب، لأن الأفغان العرب كانوا يتواجدون فقط في جبهة قتال ضد الروس ولم يكونوا في مجتمع يخضع لدولة جهادية، أما المقاتلون العائدون من بؤر الصراع في سورية فلديهم تجربة ونموذج".