المعنى في مكان آخر

07 يناير 2016
صبا عناب/ الأردن
+ الخط -

ليست أخبار التقشف في "الإنفاق على الثقافة"، التي ترد من الجزائر وبلدان عربية أخرى تراجعت اقتصادياتها بانخفاض أسعار النفط، بالأمر السيئ؛ بل إننا نرى فيها مؤشراً إيجابياً. إذ كثيراً ما استعاض سياسيو ومثقفو البلدان العربية، بهذا "الإنفاق" عن وجود سياسات ثقافية.

ولا تغيب نغمة "الإعالة" هنا؛ إعالة لدواع شكلية لا بدّ من مراعاتها، وقلّما اتخذت صيغاً تنموية أو تأسيسية، ولا يقصد منها طبعاً تقوية الفعل الثقافي. الثقافة يراد لها أن تراوح مكانها المنخفض وألا تكون أكثر من رجع صدى مهذّب لبؤس السياسات أو فجورها.

والجدل - وفقاً لهذا المنطق- عليه أن يتحوّل إلى مشادات وضجيج، والنقد الذي يمكن قطع لسانه بالعطايا أفضل بكثير من النقد الذي يحتاج إلى بوليس وقطع رؤوس. ميزانيات الثقافة هنا "مكرُمة" من السلطة في مواسم أعطياتها وكسرها لجرار العسل. وما يحسبه كثيرون سياسة ثقافية ومؤشرات نهضة ليس في المحصلة سوى إهدار.

في المقابل، تبقى منظومة القوانين الوطنية والإقليمية ضد الثقافة، ويبقى رأس المال معفى من الواجبات، وتبقى حتى المجتمعات خارج مسؤولياتها في تقديم احتضان مجتمعي للفنون باعتبارها استثمارات جماعية بعيدة المدى.

فلنصلّ من أجل مزيد من التقشف، فـ"قواعد اللعبة" الحالية ليست سوى وقود مسموم للانحدار. المعنى الذي هو خلاصة ما ينتجه مشغل الثقافة، هو قطعاً في مكان آخر.



اقرأ أيضاً: ماذا عن القيمة؟

المساهمون